قراءة في” محطات من حياتي” للدكتور خليل عبدالعزيز

قراءة في” محطات من حياتي” للدكتور خليل عبدالعزيز
عبدالجبارنوري
توطئة/ الطغاة كالأرقام القياسية ، لابدّ أن تتحطم في يومٍ ما ، لأن الحياة صراع أزلي بين الخير والشر كان لابد من الطغاة والجبابرة ، كما وُجد الأخيار والمصلحين ، وهؤلاء الطغاة وأن أختلفت أهدافهم وأسباب ترديهم وفسادهم ألا أنهم لم يروا في البطش والدموية سوى الطريق الأمثل لتحقيق غاياتهم السادية وأنحرافاتهم النفسية والتي أبتليت بها البشرية .
الموضوع/أسم الكتاب : محطات من حياتي ، المؤلف : د/خليل عبدالعزيز، دار سطور للنشر والتوزيع ، سنة النشر 2018 ، عدد الصفحات 324 : والكتاب ملخص سيرة وحياة المناضل الوطني الشيوعي المؤلف الدكتور ” خليل عبدالعزيز ” لأكثر من نصف قرن ، وجدتهُ – خلال لقاءآتي الشخصية لهُ وقراءة مؤلفهِ لمرتين – مناضلاً عنيداً مثابراً وناشطاً وطنياً يمتلك ذهنية متوقدة سريع البديهية شخصية قوية معتداً بنفسهِ بثقة عالية لا حدود لها ، شجاعة نادرة في مواجهة المواقف الصعبة ، ويستعمل الخطوط الحمرْ بشدة في رفض المساومة على وطنهِ وحزبهِ ، كتوم لدرجة الشحة في أعطاء المعلومات عن أسرار محطات السجون والأغتراب في متاهات النضالات الوطنية ، ويفرض أحترامهُ على المتلقي سواءاً كان محاورا أم صديقا ً، فأحببتهُ في أول لقاءٍ لي بهِ ، وزاد أحترامي ومحبتي الشخصية لهُ أكثر وتأكد لي أنهُ حاصل على ( الكاريزما ) من رفاقهِ وأصدقاءهِ ، وقراءة كتابهِ هذا يجعلك لأول وهلة أمام مكتبة متحركة برجلين من معلومات وشروحاتٍ ثرّةٍ وثريّةٍ لمدوناتهِ الشخصية خلال محطاتهِ السياسية والحياتية ربما جديدة لم تسمعها من قبل لا يتوقع الصديق ومهما كانت منزلته من خليل أن يحصل منهُ على مبتغاه بالكامل ربما يريد أن يطلقها جملة بأوقاتها المناسبة طبقاً للحكمة ” لكلِ حادثٍ حديث ” فهو يسير ثابت الخطوة يمشي ملكاً في متاهات العتمة المرعبة العصيبة خلال محطاته النضالية بين بغداد والموصل وموسكووعدن وستوكهولم ، بشجاعة أقتحامية نادرةٍ بأنماط نضالية مبتكرة خليلية محصورة داخل النص الوطني في الولاء المطلق لوطنهِ وحزبهِ ، والكاتب المناضل الدكتور خليل عبد العزيز عايش جميع الأنظمة في العراق ، فكانت بداياتهُ النضالية وهو في العشرين من العمر شباباً وحيويّةً ضد الأستعمار البريطاني وتحالفاتهِ العسكرية المذلة ، وكان دؤوباً بحركةٍ بديناميكية عجيبةٍ بين الطلاب في الموصل في تأسيس أتحاد الطلبة العام وكذا بين العمال والكسبة ضمن جغرافية العراق متجاوزاً حواجز الأثنية والدينية فكانت فاتورتهِ الوطنية الأولى لتلك الحقبة السجن المبكر والأبعاد ، وكان نصيبهُ من الجمهورية الأولى للحكم السياسي للعراق أن يكون أمام الأنقلاب الفاشي للعقيد الشواف في الموصل التي هي المؤامرة الأولى لأجهاض ثورة 14 تموز الوطنية 1958 بقيادة البعث والقوميين العرب والأسلام السياسي وحيتان السوق من التجار والبورجوازيين وكبار ملاكين الأرض والعقار في الموصل وبدعم وتأييد من مصر وسوريا والتدخل الفظ المباشر من الرئيس المصري ” عبدالناصر ” وكذلك السياسات الخاطئة للزعيم عبدالكريم قاسم وعدم تشخيصهِ لماهيات الأعداء في الداخل والخارج ومواقف ( فردية ) للزعيم والسياسات الخاطئة للأحزاب والقوى السياسية العراقية وأمراضها الطفيلية وتقديس ( الأنا ) والتي هي صفات الأحزاب البورجوازية مما سهل نجاح التآمر على الحكم الوطني وأسقاطه في 1963 ، فحكم على الدكتور” خليل عبدالعزيز بعدة أحكام ثقيلة منها سبع أعدامات مع نخبة من الرفاق الشيوعيين تمّ أنقاذهم وتسفيرهم ألى موسكو وبعض البدان الأشتراكية بواسطة الحزب ،
وحلقة الأغتراب الجديدة من حياة المناضل الدكتور ” خليل عبدالعزيز ” في موسكو وأنتمائهِ إلى كلية الصحافة في جامعة موسكوفلم يفارقهُ مرض الحنين للوطن الأم وصعوبات اللغة والأندماج فخرج منها سالماً فكان صحفيا وأعلامياً بارعاً متألقاً مليئاً بالحيوية والنشاط والحركة بكل الأتجاهات الوطنية والحزبية ( ص45 ) ، ثمّ إلى حصولهِ درجة الدكتوراه 69-70 في ( قانون تنظيم الصحافة في مصر ) ص48 من الكتاب ، وبصراحة أعتبرتهُ جيلاً متحركاً في جبلٍ متماسك من المستحيل أختراقهُ في مسألة الوطن وعشق الحزب اللذان يسيران في دمائهِ وعروقهِ ، وبموجب تخصصهِ الصحفي والأعلامي أكتسب مهارة فريدة في مجال العلاقات الدولية ، وعمل دؤوب في المشاركة الفعالة في فعاليات معهد الأستشراق التابع لأكاديمية العلوم السوفيتية في السنوات الممتدة من 1970ولغاية 1975 هذه سنوات العمل أعطتهُ تجربة ومعرفة غنية في مجالات عمل مختلفة وأهم ما في ذلك الأطلاع على طبيعة الوقائع ومجريات التعامل والصراع بين الأطراف والمؤسسات العلمية والسياسية السوفيتية فيقول الدكتور خليل في ص77 من كتابه هذا : فتعرفتُ وأطلعتُ على أسرار كثيرة زاخرة بالحوادث والوقائع الضخمة جداً والمرعبة في بعضها ، وتوسعت علاقاته في أكثر المؤسسات السياسية والمهنية والنقابية فأصبح رمزاً صحفياً وأعلاميا مهماً فهو في مقدمة المدعوين في المناسبات الدبلوماسية بين الأتحاد السوفيتي ودول العالم فاز بمقابلة زعماء العالم مثل : الملا مصطفى البرزاني وجمال عبد الناصر ونائبه علي صبري وعبد الفتاح أسماعيل سكرتير الحزب الأشتراكي اليماني والملك حسين بن طلال ملك الأردن وحافظ أسد الرئيس السوري وكوامي نكروما رئيس غانا الأشتراكية والرئيس الصومالي محمد سياد بري .
وقد وجدتُ ما كنت أبحث عنهُ عن لغز سقوط الدولة السوفيتية في ص237 في سؤال العزيز الروائي والصحفي الأعلامي ” فرات المحسن ” هل لديك أجابة عن أسباب أنهيار الأتحاد السوفيتي ؟ ثم المنظومة الأشتراكية : الجواب : نعم كانت لسياسات القيادة السوفيتية وتوجهاتها في أدارة السلطة أحد العوامل في ذلك السقوط المدوي .
وأضيف : أن تدافع الصراعات وظهور أفكار معاكسة للأصلاحيين في أعادة النظر في الكولخوزات والسوفخوزات ثم تطور الأمر إلى أصلاحات مغايرة للأقتصاد السوفيتي برمته والتي كانت تحوي على آلاف المفرقعات الصوتية لأعداء المسيرة وحدث ما حدث ، ولكن لم يتبين لنا من خلال جدليات الأعداء فشل نموذج الأشتراكية العلمية ، وقد فهمت من تحليلات الرفيق خليل في كتابه الموسوعة { لم يكن العيب في المباديء الأشتراكية بل في فهمها وتطبيقاتها الخاطئة ، وعدم أستيعاب حركة القوانين الأقتصادية والأجتماعية الموضوعية والممارسات الخاطئة الأنتهازية والدكتاتورية الفظة ليوسف أستالين} .
كلمة أخيرة :كتاب ممتع ومشوّق خلال حواراته يتذكر الدكتور الكثير من الأحداث بتفاصيلها الجزئية والدقيقة أن كانت من حياته وسيرته النضالية المشرفة عبر تلك المحطات وكان يعيش لحظاتها المكدرة والمفرحة وكان لا يزال يحب الآخرين وأن أختلفوا معهُ ، فهو أنسان دمث وخلوق وهاديء الطبع يبدو للكثير من أصدقائه وأنا منهم ، أنهُ لا يصطنع السكوت بل أنهُ حذر في الكلام بحيث لا يمكنك أن تحصل منهُ ما تريد من معلومات عن الحزب وسيرته النضالية ، كما أني أكتشفتُ بأنهُ يرغب أن يورث تجربته النضالية للأجيال اللاحقة ربما كنماذج نضالية ثورية جاهزة للذين يبحثون عن الحقيقة والحقيقة فقط ، وأصبح شاهداً تأريخياً لنضالات الحزب الشيوعي العراقي وتضحياته السخية في سبيل بناء دولة المواطنة وأرساء السلام العالمي ، فالمجد كل المجد للصديق العزيز المحبوب الدكتور ” خليل عبد العزيز” —
كاتب وباحث عراقي مقيم في السويد
في 27تموز 2018 ستوكهولم

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here