الحكومة أسد من ورق

فراس الغضبان الحمداني

صفات الأسد هي ما أهلته ليستحق أن يحمل مجموعة الألقاب التي مُنحت له ، مثل الأسد ملك الغابة أو سيد الوحوش وغيرها من الألقاب ، والتي جميعها تشير إلى قوة الأسد ومكانته الفريدة ضمن الكائنات المفترسة بل وعالم الحيوان بصفة عامة ، ولكن قوة الأسد ليست السبب الوحيد أو الرئيسي الذي دفعه لتقلد منصب الملك ، فالقيادة دائماً ما تقترن بالحكمة ولا تعتمد على القوة والبطش ، ومن صفات الأسد وخصاله ما هو أكثر نبلاً ورقياً من قوته العضلية ، وتعد هذه الصفات هي سبب اكتساب الأسد لسلطانه ، وتنصيبه ملكاً على سائر الحيوانات حتى من يفوقه منهم قوة وشراسة .

لم تعد أمامنا وسيلة _ نحن أبناء الشعب _ نخاطب بها بعض قادة البلاد من الساسة قادة الكتل والتيارات وأعضاء البرلمان وزعماء الأحزاب والمجالس المختلفة إلا الرسائل لأن الذي بيننا أسلاك شائكة وحواجز كونكريتية مرتفعة والآلاف من رجال الحمايات فما حيلة المضطر إلا الرسائل ..!

ورسالتنا الأولى إلى بعض أصحاب المعالي والعز غير الدائم إن يتقوا الله في أبناء جلدتهم ولا يتعاملوا معهم بدم بارد كما يتعاملون مع بيادق الشطرنج ، لان الشعوب بشر من دم ولحم وأحلام وآمال ، فهم لا يقبلون إن يتحولوا إلى دمى تقتل بحركة بسيطة من ايدي اللاعبين خاصة أولئك الذين أوصلتهم تضحيات الناس ودماء الشهداء ودموع الثكالى وصناديق الاقتراع إلى الكراسي التي يجلسون عليها الآن والمناصب التي يتمتعون بمكاسبها والثروات التي يجمعونها بالحلال والحرام .

إن مشاعر الناس لا تقبل اللعب والمغامرة والمجازفة ، وان اكثر من 30 مليون عراقي تجاوز صبرهم صبر سيدنا أيوب لا يتحملون بعد الآن التحالفات غير النظيفة والصراعات السياسية النفعية خدمة للأجندات المشبوهة .

إن الشعب وبصراحة ليس قطيعا من الجرذان في حقول للتجارب العلمية ، فقد مضت 15 سنة جرب ساستنا كل فنونهم في إدامة الصراعات وجرب معهم الإرهاب كل فنون القتل والتدمير ومارس الأخوة الأعداء أبشع العمليات الإجرامية القذرة .

وماذا كانت النتيجة ، جيوش من الأرامل وفيالق من الأيتام وملايين العاطلين وجبال من المفخخات ، ولا يقابلها رفاه أو استقرار أو بناء مدارس أو مساكن أو خدمات ، ولكن المقابر الجماعية وخاصة لمجهولي الهوية تتسع كل يوم ومعها تتزايد عمليات القتل والسرقة والخطف والتفجير وكأن البلاد في حرب مستعرة ، لكن الملاحظ إن فئة من هؤلاء الساسة جنوا من لعبة الدم ملايين الدولارات والوجاهة الكاذبة وطول اللسان .

ولعمرنا لم نجد في علم السياسة لا في الزمن القديم ولا في الحديث ولم يقره أخطر المفكرين في تبرير الوسائل وهو الفيلسوف الايطالي ميكافلي ، وعلى ما يبدو أنهم اخذوا منه مبدأ واحدا فقط هو دهاء الثعلب وقوة الأسد ولكن ساستنا حتى هذا المبدأ طبقوه بطريقة ساخرة ومضحكة فلا نجح الساسة في إن يمتلكوا دهاء الثعلب لأن الإرهاب عبر عليهم آلاف العمليات الإرهابية وأكثرها غباوة وآخرها وكانت النتيجة فرار الآلاف من مجرمي داعش وبعدها توالت ضرب الكثير من المواقع في كركوك والأنبار وديالى والموصل .

وإما قوة الأسد والدليل أنهم لا يمتلكونها وهي هيمنة بعض السياسيين أصحاب الأجندات الإقليمية والدولية على القرار السياسي وكذلك سيطرة الخارجين عن القانون والمفسدين والفاسدين وإسقاطهم هيبة الدولة ، وأصبح هذا الأسد أمام هؤلاء وجبروت الدول المتنفذة في أحوال البلاد أسدا من ورق .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here