التخبط العجيب في سياسات ترامب

تخبط دونالد ترامب خلال الفترة الماضية لفترة حكومته في البيت الأبيض وسط الفوضى والفضائح والغضب الذي يثيره وتصل شعبيتك في ادنى مستوى وكلما شعر بأن الخناق يضيق حوله، لن يتصرف بديبلوماسية و يستشيط غضبا ويتهجم على مهاجميه و خلال وجوده في ميونيخ للمشاركة في مؤتمر سنوي للقضايا الامنية، قال مستشار الامن القومي أيتش آر ماكماستر تعليقاً على لائحة الاتهامات التي اعلن عنها المحقق مالر، ان التحقيقات الشاملة تبين بشكل ملموس ان التدخل الروسي في الانتخابات الاميركية أمر “لا يقبل الجدل”. ولم يسلم المستشار ماكماستر من غضب ترامب الذي غرد غاضباً ان “الجنرال ماكماستر نسي أن يقول إن نتائج انتخابات 2016 لم تتأثر بروسيا، وان التواطؤ الوحيد كان بين روسيا وكلينتون غير المستقيمة…”.

والحقيقة ان مثل هذه الامور التي يمكن ان تهدد إدارته بكاملها وكأنها ستلقي بالبيت الأبيض في مهب الريح وفي وضعية تخبط غير مسبوقة ولعل التمعن أكثر في تاريخ الولايات المتحدة الطويل للغاية في التمييز ضد المهاجرين على أساس العرق أو الأصل القومي غير غائبة عن الاذهان . ما يزيد الطين بلة تصاعد وتیرة تهدیدات الادارة الامریكیة التی یرأسها دونالد ترامب بشكل ملفت ضد ایران بذریعة او بدونها من خلال الظهور بمظهر “البلطجی” ويساهم فی ان یزرع الخوف فی قلوب زعماء بعض دول الخلیج الفارسي الذين يعتقدون بان “لا فائدة من الوقوف فی وجه الارادة الامریكیة “الجامحة والهائجة” التی یمثلها ترامب”،عندما هدد وفی اكثر من مرة بتدفیعهم ثمن حمایة عروشهم في عملیة من اجل شفط نفطهم وخزائنهم وضخها فی الاقتصاد الامریكی وبدات وبقوة غیر مسبوقة عندما دفعت السعودية اكثر من 400 مليار دولار وفات على هؤلاء الزعماء الخليجيين ان ترامب “سمسار” ویسعي لسرقة نفطهم واموالهم ، وعملیة السرقة هذه تحتاج الي ظروف لا تعكر صفوها الحروب و الأتفاق على اختيار ترامب رئيسا للولايات المتحدة لانه الرجل المناسب للمهمة المناسبة كما انه وعد امريكا في الثمانينات من القرن الماضي بانه لو وصل الى كرسي الرئاسة لأستحوذ على كل اموال وثروة الجزيرة. ولسان حال البعض من حكومتة یقول اننا جئنا لتنفیذ مهمة واحدة وحیدة وهی الجمهورية الاسلامية الايرانية ، وتبخر كل ما قاله ترامب خلال حملته الانتخابیة عن ضرورة التصدی لـ «داعش» ، والدول والجهات التی تغذی بالفكر والمال والرجال والسلاح الارهاب التكفیری، الذی ضرب المنطقة واجزاء من اوروبا وحتي امریكا وعلى ما يبدو أن السيد ترامب عازم على تقويض الجهود التي بذلها الرؤساء الذين سبقوه والمنتمين لكلا الحزبين الحاكمين في العقود الأخيرة لتلافي ذلك التاريخ المخزي وقلة من الرؤساء تسببوا بمثل هذا السخط أو واجهوا كل هذا العدد من الأزمات مثلما حدث مع دونالد ترامب خلال هذه الفترة .وفي الظروف العصيبة التي يمر الاقتصاد الامريكي يضيف الرئيس الامريكي دونالد ترامب فكرة لانشاء قوة عسكرية بالفضاء لان الفضاء اصبح منطقة قتال و تقوم الاستراتيجية الأمنية شأنها في ذلك شأن البر، والبحر،

والجو، الأمر الذي ينسف القواعد التقليدية لسلامة الفضاء الخارجي، وتحويله إلى ساحة للمعارك المحتملة، و مكان خطير ، هذا التبني يكشف عن موقفا عسكريا أكثر نشاطا في هذا المجال ، وهو الأمر الذي يثير المخاوف من حرب باردة في الفضاء الخارجي، مع سعي منافسيها إلى زيادة مخصصاتهم المالية لتعزيز قوتهم وضرورة لإنشاء قوة الفضاء لتراجع القوة الأمريكية الهجومية والدفاعية في الفضاء الخارجي أمام تزايد قوتي الصين وروسيا في السيطرة عليه، مما يمثل تهديدا للهيمنة والتفرد العسكري الأمريكي عالميا وتفوقا عليها.

أن أعداء الولايات المتحدة والقوى المنافسة في تقدم مستمر، مما يمثل انهزاما للقوة العسكرية الأمريكية . وفي هذه الخطوة يؤيد العديد من السياسيين الأمريكيين والمشرعين بمجلسي الكونجرس الأمريكي خطوة الرئيس ترامب ، فيما يعارض العديد من المسئولين العسكريين قرار الرئيس الأمريكي بإنشاء لان هذه القوة للجيش الأمريكي تضاف إلى قوات المشاة، والقوات الجوية، والبحرية، والمارينز (مشاة البحرية)، وخفر السواحل. ومن أبرزهم وزير الدفاع، جيمس ماتيس، لأنها تتناقض مع مساعيه الرامية إلى تجميع المهام القتالية في وزارة الدفاع بدلاً من تشتيتها أكثر مما هي عليه الآن. وفي سياق متصل، رأت وزيرة القوة الجوية، هيذر ويلسون، أن تشكيل قوة فضائية مستقلة سيجعل الجيش الأمريكي يسير في الاتجاه الخاطئ، و أعربت عن رفضها إنشاء قوة فضائية منفصلة عن أفرع القوات المسلحة الأمريكية الحالية للتكلفة الباهظة لإنشاء قوة منفصلة تخصص في الفضاء، ويرى المنتقدون أن دعوة الرئيس ترامب تفتقر إلى التخطيط التفصيلي لتنفيذها، وتتعارض فكرة إنشاء قوة الفضاء مع سعي الرئيس ترامب إلى إلغاء التدريبات العسكرية مع حلفاء الولايات المتحدة، حيث تم إلغاء التدريبات العسكرية المشتركة مع كوريا الشمالية على سبيل المثال، لأنها مكلفة، لكن تكلفة مثل تلك التدريبات منخفضة مقارنة بتكلفة البنية التحتية لفرع سادس من القوات العسكرية الأمريكية.

فإنشاء قوة عسكرية جديدة يحتاج إلى مقر جديد، ومئات الموظفين الإضافيين بوزارة الدفاع، ورواتب ومزايا لقادة تلك القوة الجديدة .

فضلا عن أنها ستفجر سباق تسلح خطيرا في الفضاء، ومن شأن إنشاء فرع جديد بالجيش الأمريكي خلق مسئوليات بيروقراطية لا داعي لها في وقت الجيش الأمريكي مثقل بالنزاعات المختلفة .و حيث يكشف إنشاء الولايات المتحدة قوة عسكرية خاصة بالفضاء عن تبنيها موقفا عسكريا أكثر نشاطا في الفضاء الخارجي، وهو الأمر الذي يثير المخاوف من حرب باردة في الفضاء الخارجي، مع سعي منافسيها إلى زيادة مخصصاتهم المالية لتعزيز قوتهم في الفضاء الخارجي، وكذلك دراسة كيفية إسقاط الأقمار الصناعية أو المركبات الفضائية الأمريكية أو اختراقها. ومن هنا يتضح إن الحشد العسكري الأمريكي في الفضاء سيكون له تأثير مزعزع للاستقرار الاستراتيجي والأمن الدولي ، فبمجرد إرسال الولايات المتحدة أسلحة إلى الفضاء الخارجي، فإن كثيرا من القوى المنافسة للولايات المتحدة وكذلك خصومها ستتبعها في ذلك، لاسيما مع تطويرها صواريخ مضادة للأقمار الصناعية، الأمر الذي ينسف القواعد التقليدية لسلامة الفضاء الخارجي، وتحويله إلى ساحة للمعارك المحتملة، وجعله مكان خطير ، ومن شأن إنشاء فرع جديد بالجيش الأمريكي خلق مسؤوليات بيروقراطية لا داعي لها في وقت ان الجيش الأمريكي مثقل فيه بالمهمات الخارجية .

عبد الخالق الفلاح – باحث واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here