الفتح وجناحا الدعوة يتوصّلون إلى تفاهمات متقدّمة لتشكيل الحكومة

بغداد / محمد صباح

أوشكت المباحثات الجارية بين قوائم الفتح والنصر ودولة القانون على الاتفاق مبدئياً بما يفضي إلى إعلان تحالف ثلاثي بالتزامن مع انتهاء عمليات العد والفرز يدوياً، إذ خاض هذا التحالف على مدار الأيام الماضية حراكاً مع أطراف سنّية وكرديّة تمخّض عن توزيع المواقع السيادية،فيما أُرجئ بحث الوزارات الخدمية إلى إشعار آخر.
وبموازاة ذلك سيزور العاصمة بغداد خلال الأيام المقبلة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ــ الذي يتواجد في العاصمة اللبنانية بيروت الآن ــ لاستكمال مباحثاته تمهيداً للتحالف مع ائتلاف الوطنية وتيّار الحكمة.
ويتحدث مرشح فائز في الانتخابات التشريعية لـ(المدى) عن عجلة المفاوضات قائلا، إن”هذه المباحثات توقفت بشكل كامل مع تزايد موجة الاحتجاجات التي اجتاحت مدن الوسط والجنوب”.

ودخلت موجة الاحتجاجات التي عمّت مدن الوسط والجنوب والعاصمة بغداد أسبوعها الرابع في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة احتواء الغضب الجماهيري المتنامي ضد تردّي الخدمات وانتشار الفساد والبطالة وتزايد انقطاع التيار الكهربائي.
ويضيف المرشح الذي اشترط عدم ذكر اسمه لمخاوفه من الملاحقة القانونية إن”قوائم ائتلاف دولة القانون والفتح والنصر واتحاد القوى الوطنية خاضت حراكا قويا خلال الفترات الماضية تمخض عنه توصلها لحسم توزيع بعض من المناصب والمواقع”.
ويؤكد أن”هذه الاصطفافات ركزت في مضمونها على توزيع المناصب والمواقع الحكومية على أساس المكونات والمحاصصة الطائفية وحجم كل قائمة في البرلمان الجديد”، لافتاً إلى أن”نتائج هذا الحراك البعيد عن الأضواء كان مخططاً للإعلان عنه بعد الانتهاء من عمليات العد والفرز اليدوي بشكل مباشر”.
ومهدت التسوية التي جرت بين قطبي حزب الدعوة التي قادها زعيم ائتلاف الفتح هادي العامري لتشكيل تحالف ثلاثي يجمع دولة القانون والفتح والنصر ويخيّر رئيس كتلة بيارق الخير خالد العبيدي -الذي هدّد بالانسحاب- بين شغل منصب في إحدى الوزارات المهمة أو منصب نائب لرئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء مقابل ضمان بقائه في التحالف المراد تشكيله.
وتأزمت العلاقة بين المالكي والعبادي عام 2014 على خلفية ترشيح الأخير من قبل التحالف الوطني لرئاسة الحكومة. وأدى ذلك إلى تصدعات داخل حزب الدعوة انعكست بصورة واضحة على خطابهما الإعلامي.
ويسعى هذا التحالف الثلاثي لقطع الطريق أمام تحالف سائرون الذي يضم الصدريين مع قوى مدنيّة من الوصول إلى رئاسة مجلس الوزراء المقبلة. وخلال جولة أجرتها أطراف من التحالف مؤخراً إلى إقليم كردستان يرجح أنه انتهى من حسم بعض النقاط المهمة.
ويشير النائب السابق إلى أن”جولات هذه القوائم خلصت بالاتفاق على إناطة وزارة الدفاع للمكون السنّي والداخليّة والنفط للشيعة والماليّة والخارجيّة للمكون الكردي”، مؤكداً”إرجاء حسم الوزارات الخدمية إلى الجولات القادمة بعد إعلان نتائج الانتخابات”.
ويلمّح المرشح الفائز في الانتخابات البرلمانية إلى”وجود عملية بيع للمناصب والمواقع داخل قوائم أحد المكونات بعدما تأكدت من حسم حصتها في الحكومة الجديدة”، رافضاً ذكر اسم هذه القوائم أو حتى أسماء الوزارات.
وغالباً ما ترافق عملية المفاوضات الدائرة بين القوائم المختلفة على تشكيل الحكومات السابقة اتهامات لبعض الكتل والقوائم والمكونات بعمليات بيع للمواقع والمناصب.
ويتحدث المرشح قائلاً، إن”أسعار بيع الوزارات السيادية أعلى من المناصب والمواقع والوزارات الخدمية”، لافتاً إلى أن”حصة المكون الشيعي ستكون أقل من باقي المكونات بعد حصوله على منصب رئاسة الحكومة المقبلة،والبرلمان للسنّة ورئاسة الجمهورية من حصة القوى الكردستانية”.
ويبين أن”هناك تفاهمات أولية على عودة وزارة التربية للمكون الشيعي والتعليم العالي للقوى السنيّة”، لافتاً إلى أن”الوزارات الخدمية مازالت في طور النقاش والتفاهمات بين القوى المختلفة (دولة القانون والنصر والفتح واتحاد القوى العراقية والقوى الكردستانية)”.
وأكمل الحزبان الرئيسان في إقليم كردستان الديمقراطي والاتحاد الوطني كتابة ورقتهما التفاوضية وباتا قريبين من إرسال وفد مشترك إلى بغداد.
ويشير النائب السابق إلى أن”أكثر النقاط خلافية تركزت على حصة إقليم كردستان من الموازنة الاتحادية وعودة البيشمركة إلى كركوك والمادة 140 من الدستور”.
في المقابل يؤكد أن”الوطنية وسائرون والحكمة خارج هذه التوليفة الجديدة التي وزعت المواقع على أساس المكونات والطوائف”.
ويرجح المرشح الشيعي أن”هذه القوائم الثلاث ستختار العمل في المعارضة البرلمانية”، لافتاً إلى أن”القوى الكردية المعارضة لنتائج الانتخابات لم تتخذ موقفا نهائيا بالمشاركة في الحكومة أو من عدمها حتى الآن”.
ويؤكد أن”منصب رئاسة مجلس الوزراء لم يبحث بشكل مفصل بسبب الخلافات بين فريقي العبادي والمالكي”. واستدرك إن”الاحتجاجات وخطاب المرجعية نسف كل هذه التوافقات مما يحتّم على القوى الجديدة البدء بجولات تفاوضية جديدة”.
ويخلص بالقول إن”هذا المشروع (المحاصصة) كان برعاية كل من تركيا وإيران”.
في غضون ذلك يتوقع وصول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر إلى مدينة بغداد قادماً من بيروت لاستكمال مشاورات تشكيل الحكومة، حيث سيلتقي فور وصوله إلى مقر إقامته بائتلاف الوطنية وتيار الحكمة.
ويتحدث قيادي في التيار الصدري لـ(المدى):”هناك محاولة من قوائم الفتح ودولة القانون والنصر استمالة تحالف سائرون كعضو إلى هذا التحالف وليس قائمة فائزة في الانتخابات بالمرتبة الأولى”، مؤكداً أن”تحالف سائرون يرفض الدخول في هذا التحالف كونه يسعى إلى تشكيل الكتلة النيابية الأكبر”.
ويؤكد القيادي الذي رفض الكشف عن هويته أيضا”وجود خلافات كبيرة بين سائرون ودولة القانون تحول دون دخولهم في تحالف موحد لتشكيل الحكومة المقبلة”، مشيراً إلى أن”حظوظ العبادي تضاءلت بسبب تداعيات الاحتجاجات وخطبة المرجعية الدينية الأخيرة”.
ويشير إلى أن”رئيس منظمة بدر هادي العامري أجرى اتصالات مع زعامة سائرون وعرض عليه الدخول في تحالفه الجديد كعضو وليس ككتلة حاصلة على المرتبة الأولى”، مستبعداً”تمكن هذه التحالفات من تشكيل الحكومة الجديدة في ظل التداعيات والتطورات الجارية في الساحة السياسية”.
ويلفت القيادي في التيار الصدري الى أن”العامري والمالكي والعبادي كانوا مخططين للإعلان عن تحالفهم الجديد بالتزامن مع انتهاء عمليات العد والفرز اليدوي وإعلان النتائج”، مؤكداً أن”خيارنا تشكيل كتلة عابرة للمكونات”.
ويضيف أن”تحالف سائرون ينتظر وصول زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من زيارته العائلية من العاصمة بيروت إلى بغداد لاستكمال مشاوراته مع باقي الكتل”، كاشفاً أن”هناك موعداً محدداً سيجمعهم بائتلاف الوطنية والحكمة”.
ويبين أن”إعلان التحالف مع قوائم (الحكمة ــ الوطنية) مرهون بضم القوى الكردية والسنيّة”، مؤكدا”وجود مفاوضات مع الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين على بعض النقاط من أجل حسمها قبل الانضمام إلى التحالف”.
ويشير المصدر المطلع إلى تفاصيل المفاوضات الى أن”موضوع إدارة محافظة كركوك بطريقة مشتركة بين البيشمركة والجيش الاتحادي يعدّ من أكثر النقاط خلافية مع القوى الكردستانية”، مبيناً أن”مشكلة القوى السنّية أنها متشتتة في موافقها وفي ترشيح الأسماء بسبب تعدد القوائم واختلاف المواقف”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here