الفساد التاريخي ايلين ايرسون kiki ….. نص فكري

1

عندما اتصفح كتب التاريخ ارى الكثير من مشاهد الواقع والخيال فمنذ القدم والحضارة في صراع مع الاشياء وعلى المقاعد مؤرخون ينقلون الحدث من جميع الزوايا فالتاريخ مليء بالاشياء الحية والجامدة منها ما مهد الطريق للانسان كي يصنع من اللاشيء مادة ذات قيمة يمكن لمسها والاحساس بها والاستفادة من عملها ومنها ما صمم كي يتناسب مع مقاييس العقل فرغم اختلال التوازن الفكري والفلسفي للمفردات اصبح التناقض ضحية للجدل فالعالم يبحث عنها ويتفحص مكوناتها من اجل دوران عجلة الوجود وان كانت العبثية والدوغماتية نتاج هذا البحث والفحص فالتركيز على جمع المعلومات والبيانات يهيمن على مفهوم الاشياء وهذا السلوك يدحض تاريخ الحضارة …

فالتاريخ يسرد طبيعة الاشياء لا الاشياء ..

بمعنى ان التاريخ ينقل اسباب وعوامل الحرب والمعاناة والبؤس بينما العالم يطالع الاحصائيات والمتغيرات وهذا هو الفساد التاريخي الذي تنتهجه دوائر الامبريالية المسيطرة على الشعوب والامم في القرن الواحد والعشرين فهي تختصر الاحصائيات والمتغيرات على شكل بضاعة جديدة بينما في الحقيقة هي امتداد للاشياء التي نقلها التاريخ وتم استهلاكها في مراحل سابقة من عمر الحضارة وهذا منافي لقيم السلام والمحبة والوئام بين المجتمعات البشرية بينما لو وضعت كل هذه الاشياء جانبا وكتبت على صفحاتها للحفظ فقط وملاحظة بالخط الاحمر العريض تفيد بأن المحتوى غير قابل وصالح للخلط والمزج والاحتواء لكن يمكن استنباط الاسباب والعوامل كدلائل وحجج مع الاستعانة بالمنطق العالمي الجديد للخروج بجملة من الاقتراحات وتحويلها لقوانين ملزمة التنفيذ بصفة اممية مكتملة النصاب السلطوي بمساره الحر المتوافق مع التيار الشعبي لتفادي الوقوع في الاخطاء والمصائب لما بعد التاريخ القديم …

حينها التاريخ سيكون خالي من الحرب المعاناة البؤس ..

2

كانت الطائرة على وشك الاقلاع لكن ايلين ايرسون غيرت القواعد وقفت واخرجت هاتفها وبدأت تنادي العالم …

كيف ولماذا …

لأنها لاحظت وجود راكب بصفة لاجىء يتم ابعاده بالقوة الى افغانستان هنا احدثت ضجة ودار حوار بينها وطاقم الطائرة هي تقول لهم لن اجلس ولن تقلع الطائرة الا في حالة نزول هذا الراكب اللاجىء وهم يقولون لها انت تخالفين القوانين اجلسي واغلقي كاميرا الهاتف ..

بقيت ايلين ايرسون ثابتة على موقفها الانساني البطولي فملامحها لم تهتز بل بقيت صامدة كونها تعلم ان ترحيل هذا اللاجىء سيكون عرضة للقتل بسبب الظروف الامنية المتقلبة التي تعانيها افغانستان في النهاية نزل الراكب وانتصرت انسانية ايلين ايرسون ..

شاهدت المقطع المرئي الذي بثته وسائل الاعلام وبكيت الى حد النقاء والصفاء الروحي من اجل معاناة هذا اللاجىء المسكين الذي لا تربطني به علاقة سوى انه انسان من لحم ودم وكتلة من المشاعر والاحاسيس وله قيم ومبادىء لم تحظى بالقيمة من قبل السلطات ومن اجل ايلين ايرسون التي استعانت بالضمير والاخلاقيات لمجابهة العالم …

فما فعلته هذه الثائرة الاسكندنافية يدخل في صميم العمل الثوري الانساني النابع من نهج التضامن والتعاطف والرسالة التي وجهتها حملت روح المسمار وجسد المطرقة فلقد وضعت كلاهما في نعش الضمائر المتحجرة ..

المجد لـــ ايلين ايرسون ..

3

عندما تنتشر موضة او اغنية او عادة انسانية في اصقاع العالم فهذا دليل على نجاح تلك المادة كونها حصلت على حب وعشق الملايين من البشر حيث انه يعتبر صعودا لمؤشر الطاقة الايجابية لفئات عمرية مختلفة …

تحدي كيكي او رقصة كيكي تحولت الى فاصل حر يجمع كل لغات العالم بما فيها الرقصات والاهازيج فهي تتكون من عدة كلمات جميلة ترافقها موسيقى ناعمة والتحدي يكمن في نزول الشخص من السيارة وهي تسير ببطء مع التأكيد على ان يكون باب السيارة مفتوحا وتنطلق الاغنية تصاحبها حركات راقصة ..

لكن بعض الحكومات تدخلت في الموضوع ووضعت غرامات واحكاما تصل للسجن لمن يرقص مع كيكي مع ان الفكرة لا تتعلق بالارهاب ولا تخالف دستور اي دولة ولا تمثل تهديدا على المصلحة العامة …

فالعالم يعاني الجوع والفقر والظلم والاضطهاد والانسان هو سيد الضحايا والحكومات تتفرج ولا تتدخل لوضع حلول ومعالجات بينما كيكي اصبحت الملف الساخن الذي يهدد العالم وهي بهذا تتجنب بشكل صريح ومباشر واجباتها ومهماتها كتحسين الظروف المعيشية لشعوبها وتوفير الحاجات الاساسية لمواطنيها ..

Kiki حالة انسانية عفوية بسيطة خالية من المادة لا يمكن احتكارها لأنها تعتبر من الممتلكات الشعبية يحق لكل فرد في اي بقعة من العالم التعاطي معها من خلال الرقص واداء الحركات وفق الرؤية التي تناسب ذوقه وميوله …

ايفان علي عثمان

شاعر وكاتب

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here