النظام بين واقع البلد والتحديات الخارجية

إذا إرادة الفلاح أو المزارع زراعة ارض معينة ، هل يقوم بنشر البذور مباشرة ، بطبيعة الحال الجواب كلا لان عليه تهيئة الأرض بعدة أمور قبل ذلك ، و ينتظر موسم الحصاد بعد عناء طويل وطول انتظر ليكون إما حصاده جيد آو غير ذلك حسب ظروف عديدة تتدخل مباشرة في زراعة المحصول .
تتزايد الدعوات في الآونة الأخيرة إلى تغير نظام الحكم من إلى، ولعل الأسباب التي تقف ورائها جوهرية وموضوعية،لكن الأهم هل نستطيع تحقيق هذا الأمر رغم المعوقات الصعبة التي ستقف في طريقنا ،والاهم هل سيكون بوابة خير علينا لحل مشاكلنا العقيمة ،إما سنعيش الأسوأ سواء كان النظام رئاسي ملكي جمهوري ، وهل المشكلة بالنظام إما بظروف البلد أو الشعب نفسه ولا ننسى الدور الخارجي وهنا الطامة الكبرى للبلد .
منذ سنوات طويلة عشنا تجربة مريرة تحت نظام برلماني تعددي في إدارة البلد ، استمر لأكثر من خمسة عشر سنة،نظام برلماني فاشل بدرجة 100 % ، ومن خلال الحقائق والوقائع ، مشاكلنا لا تعد ولا تحصى ، والبلد وأهله يدفعون الثمن ، وتغير الأمور في ظل هكذا نظام صعب للغاية ، وما يقلق الكثيرين نهاية هذا الطريق ماذا سيكون ، قوى داخلية لا تسعى إلا من اجل السلطة والنفوذ ، قوى خارجية تتدخل بكل شي ( المرض المزمن ) الذي لا شفاء منه وهي سباب مشاكلنا سابقا وحديثا ، جعلت البلد ساحة لتصفية حساباتها من اجل إسقاط الآخرين ، والحصول على الغنائم ، لأننا بلد خيرات وثروات ، وموقع ستراتيجي مهمة ، وفرض أجندتها علينا ، ولم تقتصر المسالة عند هذا الحد ، بل فرضت ثقافاتها وعاداتها التي ما انزل الله بيه من سلطان ، ليكون حالنا يرثى له .
للنظام مرتكزات أساسية وثابتة لكي يكتب له النجاح مهما كان نوعه ، من أهمها الاستقرار السياسي الاقتصادي ، الوعي الكبير لدى الجماهير ، وفي مقدمتها هذه المرتكزات الجانب الأمني ، يلعب دور أساسي في حفظ النظام والدفاع عنه ، مهما كانت التحديات والمخاطر ، وهذا لا يعني القمع والاضطهاد ، لان النظام بحاجة إلى قوة تفرض على الكل من اجل مصلحة البلد وأهله .
تعاقب أنظمة الحكم علينا لفترة قرن وأكثر ، حققت منجزات عظيمة في مجال الأعمار أو البناء والتنمية الاقتصادية ، وفي مختلف الجوانب الأخرى ، يمكن للبلد إن يكون في وضع يضاهي الدول المتقدمة اليوم ، لكن هناك سبب الرئيسي لفشل اغلب هذه المشاريع أو البرامج الإصلاحية وان قله عددها ، التدخل الخارجي في الشأن الداخلي العراقي منذ عقود خلت ، ومازال يتدخل في أدق التفاصيل وأكثر مما سبق بكثير في وقتنا الحاضر .
دعاة الإصلاح والتغيير( قادة التظاهر والنخب من مختلف الشرائح ورجال الدين والعشائر والوجهاء ) اليوم الكرة في ملعبهم ، وطريقة الإصلاح أو التغيير بحاجة إلى إرادة حقيقة وإصرار ومواقف ثابتة وشجاعة ، مهما كان الثمن والخصوم ، لأننا في مفترق طريق ، إما يبقى حالنا نحو الأسوأ ،ولا ننتظر الخير من الآخرين نهائيا، لأنهم لديهم حساباتهم ومشاريعهم , ودائما لا تنسجم من متطلبات استقرارنا وتقدمنا .
إما نعود إلى بداية حديثنا ما هو مطلب من الفلاح ( المصلحون ) من تهيئة الأمور قبل زراعة الأرض ، وهنا الصورة لا تختلف في تهيئة الجماهير في التغيير والإصلاح ، بمعنى نشر الفكر والوعي التي يعزز ثقافة وقوة الدولة لدى المواطنين، ما هي واجباتهم وحقوقهم المشروعة ، والعمل على بناء مرتكزات النظام من اجل ضمن قوته ونجاحه وديمومته ، لان مشكلتنا ليست مع النظام مهما كان نوعه ، في تحقيق امن واستقرار البلد ، وتقدم وازدهاره ، لكن التحدي الأكبر في يكمن في مواجهة اليد الخارجي وتدخلاتها المستمرة الشيطانية في شؤون البلد، كيف نتخلص منها للأبد أو بعد حين .
لذا علينا إن نخطط ونعمل ونزرع من اجل هدفنا الأسمى ، وهو بناء الدولة ومؤسساتها, بعد إزالة معوقات نجاح إي النظام يخدم الجميع ، وفي مقدمتها التدخل الخارجي وهي المهمة الوطنية ( المستحلية ) على الكل التي لا بد منها ولو بلغ الضحايا عدد شهداء ثورة الجزائر .
ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here