سياسيّون: خطبة المرجعيّة أحرجت العبادي وعصفت بمساعيه للولاية الثانية

بغداد/ وائل نعمة

أغلب التقديرات ذهبت الى أن الخطبة الأخيرة، قد أطاحت بشكل شبه نهائي آمال العبادي في نيل ولاية ثانية، بعدما استنفد تقريباً كل الفرص التي تهيأت له منذ تسلمه رئاسة الوزراء في أيلول 2014، حيث حصل في ذلك الوقت، وخصوصاً بعد احتجاجات 2015 وإعلانه التجاوب معها بحزمتين إصلاحيتين، على تأييد غير مسبوق من الشعب والمرجعية.
وبقيت أمام رئيس الحكومة فرصة واحدة لإنقاذ موقفه، بحسب ما يقوله مسؤولون، عبر إعلانه إجراءات”غير اعتيادية”ضد شبكات الفساد التي يطالب المواطن بكشفها وتدميرها، وهو أمر قد يصعب تحقيقه في الوقت الضيق المتبقي من عمر حكومته.
وبعدما واجهت مؤخراً انتقادات من بعض المتظاهرين بسبب مواقفها التي وصفت بـ”غير الواضحة”حيال الوضع السياسي، دعت المرجعية الشعب في الخطبة الاخيرة الى”تطوير أساليبه الاحتجاجية السلمية لفرض إرادته على المسؤولين”في حال تنصّل الحكومة من تعهداتها.
وشجب المرجع الأعلى علي السيستاني في خطبة الجمعة الأخيرة، التي قرأها نيابة عنه الشيخ عبد المهدي الكربلائي، ما وقع في الأسابيع الماضية”من اعتداءات مرفوضة ومدانة على المتظاهرين السلميين وعلى القوات الأمنية والممتلكات العامة والخاصة”، معبّراً عن أسفه لانجرارها”إلى اصطدامات دامية خلفت عدداً كبيراً من الضحايا والجرحى”.
وشدّد المرجع الشيعي على أن ينصبّ عمل الحكومة المقبلة في مسارين الأول”تحقيق مطالب المواطنين وتخفيف معاناتهم وشقائهم”، والثاني تشكيل الحكومة من”كفاءات فاعلة ونزيهة”على أن يتحمل رئيسها”كامل المسؤولية عن أداء حكومته ويكون حازماً وقوياً ويتسم بالشجاعة الكافية في مكافحة الفساد المالي والإداري”.
ودعا السيستاني إلى”تطبيق ضوابط صارمة في اختيار الوزراء وسائر التعيينات الحكومية ولاسيما المناصب العليا والدرجات الخاصة بحيث يمنع عنها غير ذوي الاختصاص والمتهمين بالفساد ومن يمارسون التمييز بين المواطنين بحسب انتماءاتهم المذهبية أو السياسية ومن يستغلون المواقع الحكومية لصالح أنفسهم أو أقربائهم أو أحزابهم”.
كما شدد على تبني مقترحات لمشاريع قوانين”تتضمن إلغاء أو تعديل القوانين النافذة التي تمنح حقوقاً ومزايا لفئات معينة، يتنافى منحها مع رعاية التساوي والعدالة بين أبناء الشعب”فضلاً عن”سدّ الثغرات القانونية التي تُستغل من قبل الفاسدين لتحقيق أغراضهم، وحضّ على منح هيئة النزاهة والسلطات الرقابية الأخرى اختيارات أوسع في مكافحة الفساد والوقوف بوجه الفاسدين.
وفوراً أعلن العبادي عن تأييده لخطاب المرجعية، وقال في بيان لمكتبه بعد انتهاء الخطبة:”في اللحظات الأولى لإعلان المواطنين لمطالبهم في عدد من المحافظات أعلنّا استجابتنا الفورية لجميع المطالب المشروعة واعتبرنا الاستجابة لمطالب المواطنين قوة وليس ضعفاً،لأنهم أبناء شعبنا وهدفنا خدمتهم، والتقينا بوفود عديدة من أبناء المحافظات”.
وأضاف”أصدرنا العديد من الأوامر الفورية لتنفيذ المطالب الممكنة على وفق الصلاحيات المحددة لنا والإمكانات المالية المتوافرة بحسب الأولويات والتوقيتات الزمنية الممكنة،وشكلنا لهذا الغرض لجنة الخدمات والإعمار في المحافظات التي باشرت عملها على الفور”.
وبيّن أن”كل مادعت إليه المرجعية الدينية العليا كان وسيبقى نصب أعيننا منذ فتوى الجهاد الكفائي الخالدة التي رسمت خارطة طريق لمستقبل العراق وشعبه”.كما أكد العبادي موقفه”المؤيد لماورد من ملاحظات وتوجيهات ودعوات وحلول تضمنتها خطبة المرجعية الدينية العليا التي كانت وستبقى صمام الأمان لعراق قوي مزدهر ومستقر يتحقق فيه الأمن والأمان والعدالة والازدهار لجميع أبنائه ولامكان فيه للفاسدين وسراق المال العام”.
وحتى الأسبوع الماضي، أكدت مفوضية حقوق الإنسان، أن عدد المتوفين منذ انطلاق التظاهرات في وسط العراق وجنوبه في مطلع تموز الماضي، بلغ 13 متظاهراً وعدد الجرحى 729 جريحاً بينهم 460 من القوات الأمنية و269 من المتظاهرين. كما أكدت أن”عدد المعتقلين بلغ 757 متظاهراً، أطلق سراح أغلبهم، إضافة لتعرض 91 مبنىً حكومياً وسكنياً وسيارات للأضرار”.

هل يستقيل العبادي؟
ووصف مراقبون وسياسيون، إجراءات رئيس الحكومة في مواجهة التظاهرات بـ”المرتبكة” وغير المدروسة، حيث بدأ بشكل عشوائي توزيع الوظائف وإطلاق وعود الخدمات في بعض المناطق. من جهته نصح النائب السابق محمد اللكاش، رئيس الوزراء بأن”يقدم استقاله”ويكتفي بهذا الحد من الإخفاق في إدارة الدولة.
واعتبر اللكاش، وهو نائب سابق عن تيار الحكمة في تصريح لـ(المدى) أمس، أن خطبة المرجعية الأخيرة”ناريّة وحددت خارطة الطريق للحكومة المقبلة والقوى السياسية”. وأضاف:”لو كان العبادي حازما وقويا لما طالبت المرجعية بأن يكون رئيس الوزراء المقبل حاملا تلك الصفات”.
وعلى ضوء ماقالته المرجعية في الخطبة الاخيرة، أوضح النائب أن”فرص العبادي في الولاية الثانية صارت شبه معدومة، كما أنه قد استنفد كل فرصه السابقة في ضرب الفسادين وإجراء الإصلاحات”. وأضاف اللكاش أن”حزب الدعوة يدّعي أن العبادي لديه قائمة بأسماء الفاسدين، وكذلك كان سلفه نوري المالكي يهدد خلال 8 سنوات حكمه بكشف القوائم، لكنّ الاثنين لم يفعلا شيئا”.
وهدد العبادي قبل أسابيع في مؤتمر صحفي في بغداد الفاسدين بأنهم”سيبقون في السجون إذا لم يعيدوا الأموال”، لكنّ كلام رئيس الحكومة المتكرر في محاربة الفساد من دون إجراءات حقيقية كان قد تسبب بتراجع شعبيته واحتلاله المرتبة الثالثة في نتائج الانتخابات، فيما يعتقد النائب اللكاش أن”بعض ملفات الفساد خبّئت لاستخدامها بالضغط لتشكيل الحكومة المقبلة”.
كذلك يرى اللكاش، على الرغم من صعوبة موقف العبادي، لكن”أمامه فرصة أخيرة، بأن يعلن إجراءات غير اعتيادية لفتح ملفات الفاسدين، وهو أمر سيهدّئ كثيراً من تصاعد الاحتجاجات”، محذراً من التهاون في هذا الأمر”سيزيد من الاحتجاجات وستدعم المرجعية ذلك بكل قوتها”.

حكومة لخمسة أشهر!
واستشعرت أغلب القوى السياسية الخطر من كلام المرجعية، وأيدت ما جاء في خطاب المرجع الأعلى، حيث دعا زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، أول من أمس، جميع القوى الوطنية الفائزة الى اجتماع عاجل على”طاولة الشروط الوطنية وليست الحزبية للخروج برؤية موحدة لإنقاذ العراق”.
وفشلت القوى السياسية منذ أشهر في تشكيل الكتلة الأكبر التي ستسمّي رئيس الحكومة، فيما بدأت تسريبات تتحدث عن تداول اسمي طارق نجم عن حزب الدعوة، ومستشار الأمن الوطني فالح الفياض كبديلين للعبادي بعد توجيهات النجف الأخيرة، فيما قال المرشح السابق عن تحالف الفتح رحيم الدراجي، إن”الحكومة المقبلة وإن تشكلت فلن تصمد أكثر من 5 أشهر”.
وقال الدراجي لـ(المدى) أمس إن”الحكومة المقبلة ستكون وليدة عملية انتخابية مزورة، لذا ستكون فاقدة الشرعية كما أنها مكونة من نفس الاحزاب الحاكمة التي فشلت في إنجاز أي تقدم في البلاد”. كما دعا الدراجي القوى الشيعية الى اختيار”شخص قوي ومن خارج الاحزاب لرئاسة الحكومة وأن يكون لديه برنامج حقيقي وليس مستنسخاً”.
كذلك أشار الدراجي وهو عضو اللجنة المالية السابقة في البرلمان، إلى أن الحكومة والبرلمان المقبلين عليهما”متابعة تقارير الرقابة المالية، لأنها تضمّ فضائح تمّ التستّر عليها”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here