في ادب الحياة ـ ما دخل صحة الانسان بحجمه وشكله ؟

(*) د. رضا العطار

كيف نميز بين النحيف والسمين ؟ – – – الجواب : ان يكون وزننا مساويا بالكيلو غرامات لعدد السنتيمترات بعد المئة في طول قامتنا، فإذا كانت قامتنا مثلا 170 سنتيمترا يجب ان يكون وزننا 70 كيلو غراما ناقصا خمسة، ولكن لا يجوز ان يزيد على السبعين, وان زاد كان مضرّا.

اما كيف نتخلص من زيادة الوزن ؟ فالسبيل الوحيد الى ذلك هو الاقلال من الطعام، فكل انسان يمكنه الوصول الى هذه الغاية. اما اذا كان فرق الوزن عظيما, عليه استشارة الطبيب. وان الطريقة الفضلى لنقص الوزن هو الامتناع عن تناول الطعام يوما كاملا في الاسبوع مع الاعتدال في تناول الطعام في الايام الباقية، وعليه ان يتذكر فوائد الصوم في شهر رمضان.

سبق وان ذكرنا مساوئ المطبخ الشرقي عندنا لذا يجب على السمين ان ينتبه الى كل هذا اذا كان يخشى عاقبة السمن. يشبع جوعه بالخضروات المطبوخة واللبن ومشتقاته وان يجعل التأنق في الطعام مكان النهم، فيتخير نوع الخضر الذي كثرته لا تؤذي صحته كالخيار مثلا بينما كثرة اكل الرقّي تؤذيه لأحتوائه الزائد على السكر خاصة لو انه كان يعاني من مرضه. ولا يجعل وجبة الغذاء عملا ماديا محضا لملئ فراغ المعدة انما يجعلها فرصة اجتماعية تجمعه مع افراد اسرتة, يستمتع حضورهم، يأكل معهم بتأني ويتحدث اليهم بهدود ورعاية وكلام مشوق شرط ان يكون فمه غير مليئ بالطعام, فالاطفال يقلدون اسلوب وعادات والديهم الى درجة يصعب على المدرسة لاحقا ان تصحجح ( عوراتهم ).

حينما كان كاتب السطور في وطنه العراق، بتذكر ابام زمانه عندما كان احدهم يزور قريبه او صديقا له، الراقد في المستشفى, كان يأخذ له في الغالب علبة بقلاوة، دون ان يفكر ان هذه العلبة قد تعجّل في وفاة المريض، خاصة اذا كان المريض مصابا بمرض السكر يعالج من اجله، اتمنى ان يكون لدى العراقي قد نمى الوعي الكافي في ثقافة التغذية الصحية التي نراها على الشاشة العراقية بانتظام، فقد حان الاوان لكي يستبدل علبة الحلويات لمريضه بباقة من الزهور، اسوة بدول العالم المتحضر.

يجب ان نتذكر هنا بان المسن النشيط يستطيع ان يتحمل من السمن واضراره اكثر مما يتحمّله المسن الراكد الذي يقضي سنوات عمره جالسا على خشبة المقهى او في البيت . لأن النشاط يحرك الدم وبذلك يتخلص الجسم من كثير من انقاضه. ومن هنا تكون الرياضة خير علاج للسنمة . ولكن النحافة على كل حال وفي كل وقت خير من السمن . والسبيل الميسر لها هو الاقلال من الطعام.

لنقرأ قصة الايطالي – لويس كورنار – فحينما بلغ الاربعين , يئس الاطباء من علاجه وانذروه بالموت, لكنه عالج نفسه ( عن طريق التجويع ) فقلل من طعامه, حتى اكتفى برطل واحد منه باليوم. فتجاوز المئة من العمر بهذا القدر القليل من الغذاء مع انه كان يوشك ان يموت في الاربعين.

اما من حيث حجم الانسان وشكله والذي يمثل القاعدة العامة للصحة والجمال, فإن الاشخاص الذين يعتنون بثقافة التغذية الصحية في دول العالم – ما عدا الامم التي تعاني من سوء التغذية، كأفريقيا وبعض دول امريكا اللاتينية – تكون اجسادهم نحيفة بصورة عامة. ولو اردنا ان نضرب مثلا , ذكرنا الانكليز، الذين لهم النصيب الاكبر من هذه الثقافة. انهم اقل الامم في البطون المستكرشة ومن اكثرها في طول القامة ونحافتها كما انهم اضمرهم بطنا. ان عناية الانكليز باجسادهم من اكبر الدلائل على رقيهم. فهم اكثر الامم رياضة واستحماما وتنزها وهم ايضا اكثرهم سياحة وضربا على الارض، وللأنكليز في مزاجهم ميزة ايجابية هي تفوقهم في السيطرة على عقلهم واعصابهم. فلا غرابة اذا وجدناهم متأنين دائمي الميل الى الاعتدال والبعد عن الغلو والاسراف.

نستنبط مما ذكر , ان رغباتنا في الحياة يجب الاّ تقتصر على اشباع شهوة الطعام انما على اشباع شهوة الاستطلاع وترقية الذهن، فعن طريقها ننير لأنفسنا درب الحياة الزاهرة بالقوة الروحية التي تلهمنا اياها القراءة المجدية. وكأن الانسان ينطق بلسان القاضي الأمريكي هولمز حين سأله الرئيس روزفلت : ( لماذا تقرأ افلاطون وانت في الثانية والتسعين من عمرك ؟ ) أجاب : ( لكي ارقّي ذهني ياسيد الرئيس ).

* مقتبس من كتاب حياتنا بعد الخمسين للعلامة سلامة موسى مع التصرف.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here