لو تسنى لحزب الدعوة ان يحكم العراق بمفرده، فماذا سيحصل؟

كاظم حبيب
من تابع قيادة حزب الدعوة الإسلامية للحكم التحالفي بين “أطراف ثلاثة”، هي الأحزاب الشيعية والأحزاب السنية والأحزاب الكردية، على أساس المحاصصة في توزيع السلطات الثلاث والمؤسسات والمناصب والغنائم، لتيقن، بما لا يقبل الشك، بأن هذا الحزب قد تصرف منذ أن تسلم إبراهيم الجعفري رئاسة الوزراء منذ العام 2005، ومن ثم نوري المالكي منذ العام 2006 حتى العام 2014 بشكل خاص، ثم حيدر العبادي منذ أب/أيلول 2014، بصورة استبدادية مريعة في مختلف المجالات ومارس أبشع أشكال التمييز الديني والمذهبي والقومي إزاء أتباع بقية الديانات والمذاهب والقوميات، كما هيمن على الثروة الوطنية وتصرف بها وكأنها بيت ماله يعطي من يشاء بغير حساب ويحرم من يشاء بغير حساب. وهو ما كان يفعله معاوية بن أبي سفيان حين كان والياً ثم خليفة في الشام، إذ قال: “إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن شئنا أعطيناه ومن شئنا منعناه” (أميل توما: الحركات الاجتماعية في الإسلام، دار الفارابي بيروت 1981، ص 58). أما أبو جعفر المنصور فقد وقف يوم عرفة خطيباً وأعلن برنامجه السياسي بقوله: “أيها الناس، إنما أنا سلطان الله في أرضه، أسوسكم بتوفيقه وتسديده وتأييده، وحارسه على ماله، أعمل فيه بمشيئته، وإرادته وأعطيه بإذنه، فقد جعلني الله عليه قفلا، إذا شاء أن يفتحني فتحني لإعطائكم، وإذا شاء أن يقفلني عليه أقفلني”. (إمام عبد الفتاح إمام: الطاغية، دراسة فلسفية في صور الاستبداد السياسي، سلسلة عالم المعرفة 183، الكويت، ص 219). إلا أن المستبد بأمره في فترة حكمه نسى الله والأنبياء والأولياء
ورغم إن صاحبنا نوري المالكي لا يرقى إلى جزء من قدرات وإمكانيات وحنكة هذين الحاكمين الأموي والعباسي على التوالي، فأنه حاول أن يتشبه بهما فعلياً حين تصرف بالشعب ومال الشعب على وفق مشيئته ورغباته وسادية حكمه وشخصه. كما أنه مارس ذات السياسية التي مارسها أبو جعفر المنصور في موضوع الانتقام حين توجه أبو جعفر المنصور ضد الأمويين قتلاً وتشريداً، مارس نوري المالكي ذات السياسية إزاء أبناء الشعب العراقي من السنة، ولا سيما في محافظات غرب بغداد والموصل، إضافة إلى افعاله التمييزية الأخرى المناهضة للقيم الإنسانية إزاء أتباع الديانات من غير المسلمين. وعلى الشعب أن يتذكر خطبته بكربلاء حين صرخ قائلاً: ” الذين قتلوا الحسين لم ينتهوا بعد، المعركة لا زالت مستمرة بين أنصار الحسين وأنصار يزيد!”.
لقد مارس هذا الحزب وهو في السلطة، وهنا الحديث لا يشمل بالضرورة كل أفراد حزب الدعوة الإسلامية، إذ فيهم من هو نظيف، ولكن أتحدث هنا عن مؤسسة حزبية وعن قيادة وعن كوادر حزبية، كل ما ألحق ويلحق الضرر بالشعب والوطن، وكان في طليعة من لعب دوراً أساسياً في تنشيط الفساد والرشوة وإغراء الناس بالسحت الحرام ليصوتوا له ولقادته أو ليسكت الآخرين عن الاحتجاج على سياساته.. لقد مارس كل ما هو مساعد على تشتيت وحدة الشعب العراقي ونسف مبدأ المواطنة وإعلاء قاعدة المحاصصة الطائفية والهويات الفرعية على حساب الهوية الوطنية والمواطنة. هذا علماً بأن هذا الحزب لم يكن وحده في الحكم، ولكن هيمن على الحكم وسيرَّه على وفق رؤية رئيسه وأسكت بقية قادة حزبه أما بالجزرة أو بالعصا غير المرئية للإنسان الاعتيادي. فماذا يمكن ان يحصل لو تسنى لهذا الحزب أن يحكم بمفرده بلاد الرافدين وبسياسي مثل نوري المالكي؟ لن يكون العراق، بأي حال من الأحوال، أفضل مما كان عليه في فترة حكم البعث والدكتاتور صدام حسين. ولزاد في الطين بلة خضوعه الكامل للمرشد الإيراني علي خامنئي وسياسة جعل إيران هي المسيِّرة والموجهة والمقررة لسياسات العراق الداخلية والخارجية ولتحول العراق، وأكثر مما هو عليه اليوم، ولاية من ولايات إيران المترامية الأطراف، تماماً كما تحدث قبل شهور بعض قادة إيران عن العراق وموقعه من الإمبراطورية الإيرانية المنشودة منهم ومن نوري المالكي.
إن من يريد التحالف مع حزب الدعوة، الذي يترأسه نوري المالكي، سواء أكان من القوى العربية أم الكردية أم غيرهما، ومع هادي العامري وقيس الخزعلي، معناه إنه يريد تسليم العراق إلى إيران جملة وتفصيلاً، ومعنا أنه يريد بناء دولة مستبدة وتابعة وخاضعة لإرادة إيران ولإرادة ولاية الفقيه ووليهّا، وهو ما يفترض أن يفهمه كل من يفكر بتشكيل كتلة كبرى بقيادة رئيس قائمة “دولة القانون ومن معه من قادة المليشيات الطائفية الشيعية المسلحة!!!”.
لو تسنى للمالكي أن يحكم العراق ثانية، أو من يتحالف معه كهادي العامري مثلاً، سيتغير وجه العراق نحو الأكثر سوءاً ويستكمل هؤلاء ما مارسوه بين عامي 2006-2014 وذلك عبر الإمعان بسياساتهم الطائفية والتمييز الحاقد ضد أتباع الديانات الأخرى ونشر أوسع لأوجه الفساد كافة في البلاد ولتفاقم الوجه الثاني للفساد وأعني به الإرهاب والحرب على أساس الهوية الطائفة والدينية والقومية.
لو تسنى لرئيس حزب الدعوة الراهن ورئيس قائمة دولة القانون، نوري المالكي، أن يحكم العراق، لأصبح العراق الدولة الأولى في الطائفية والفساد والإرهاب على صعيد المنطقة والعالم، وهو ما يفترض أن ينتبه له كل مواطنة شريفة ومواطن شريف في العراق المبتلى بهذه الأمراض الاجتماعية والسياسية القاتلة.
29/07/2018

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here