ماذا تنتظر يا رئيس الوزراء ..؟

فراس الغضبان الحمداني

تكررت مرات التفويض الشعبي المعلن لرئيس الوزراء حيدر العبادي ومعها إشارات المرجعية بالتأييد لإتخاذ تدابير حاسمة ضد الفساد والمفسدين الذين نهبوا المال العام وساهموا في تردي الخدمات وكانوا السبب في فشل مشاريع الإستثمار خاصة في مجال الطاقة الكهربائية والمياه والصحة والتعليم وفرص العمل المناسبة ، وكانت تظاهرات 2015 خير مثال على ذلك حتى ليخيل للمتابع المحايد أو غير العارف بتفاصيل الحياة العراقية إن تلك التظاهرات إنما تخرج لتأييد العبادي ومساندته ودفعه لمواجهة الفاسدين والقضاء عليهم بقرارات حاسمة وحازمة وشجاعة ، وكانت المظاهرات الشعبية مشفوعة بتأييد المرجعية الدينية الشريفة التي أكدت على حق الشعب في التظاهر والمطالبة بالحقوق والحاجات العامة التي كفلها الدستور والأعراف والمواثيق الإنسانية .

لكن تلك الإجراءات لم تكن حاسمة وكانت شكلية للغاية ولم تؤثر في مسار الأحداث ولم تؤدي إلى تغيير فعلي ، وبقيت الأوضاع على ماهي عليه في السابق فلم ينهض واقع الخدمات ولم تتطور مستويات تجهيز الطاقة الكهربائية ولم يتحسن كم المياه الصالحة للشرب ولم يتوفر القطاع الصحي على المستلزمات العلاجية اللازمة والأجهزة الحديثة ولم يحصل المواطنون على فرص عمل ملائمة.

في الفترة الماضية عادت التظاهرات قوية للغاية مؤثرة صادمة وبعد أشهر على دحر تنظيم داعش الإرهابي وتركزت في مدن الجنوب الشيعي الذي يعاني الإهمال وعدم الإهتمام من الحكومات المتعاقبة وكأنها تستكمل مابدأه نظام البعث من تهميش وإقصاء وإذلال للجنوب ولشعب البصرة وبقية المدن المناضلة ضد الإرهاب والصابرة والمنتظرة للأصلاح وتغيير الأحوال نحو الأحسن وهو ما لم يحصل للأسف وبقيت الأمور على ماهي عليه أو نحو الأسوء حتى اللحظة .

هذه التظاهرات عبرت عن الإحباط الشعبي والشعور بالحزن والرغبة في تحقيق متغير ما على مستوى الخدمات العامة التي لم تتوفر للمواطنين وكأنه قدرهم المحتوم ، وإن هذه التظاهرات صدمت القوى السياسية والنخب الحاكمة في البلاد ودقت ناقوس الخطر ودفعت ربما الى تفكير مغاير ، فهذه المرة غير كل مرة وإذا كانت الجرة سلمت من الكسر في المرات السابقة فهذه المرة لن تصمد الجرة وستنكسر حتما ، فلم يتبق للشعب سوى أن يخرج بنفسه متحديا ظروف القهر والعنجهية كما فعلها حين خرج على داعش وأذل جبروته وأعاده الى حواضنه مهانا منكسرا ، وقد توفرت من جديد الفرصة للسيد حيدر العبادي ليضرب الفساد والمفسدين ، وها هي المرجعية تقول له إنها ستدعم الرئيس الشجاع الحازم ، ولكن لا يبدو من أمل حقيقي في إحداث الفارق وتغيير المعادلة نحو الأحسن وتقديم الخدمة الملائمة للشعب المنكوب والمظلوم الذي ما يزال يعاني وينتظر دون جدوى .

سيادة رئيس الوزراء ليس أمامك الكثير من الفرص لتفعل شيئا يعيد الثقة بينك والشعب ، وتذكر ياسيادة الرئيس أن دولا كماليزيا وسنغافورة وأندونيسيا وتركيا وسواها من دول نهضت برموز سياسية إتخذت قرارات شجاعة وصادمة وعليك أن تتأمل تجربة واحد منهم لتفعل ما يماثله .

[email protected]

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here