طريق للشباب (حلقة ثقافية) ـ الموت اكليل الحياة

* د. رضا العطار

كان جورج هربرت يقول : يجب ان نعيش كما نحب ان نموت !

وذلك ان ايام الموت التي تطول او تقصر هي ايام التأمل والمراجعة، فإن كلا منا يقلب صفحات حياته الماضية فيقف عند الصفحة المضيئة بالشرف والشهامة، وهو فرح بما انجز من عمل، راض عما اتم من خير . . . كما يقف عند الصفحة القاتمة وهو ساخط نادم، حيث لا يجدي سخط او ندم.

وساعة الموت هي الساعة التي يحكم فيها الناس لنا او علينا، فكأننا نسمع من وراء الغيب كلمة الثناء او كلمة اللعنة.

والموت هو بهذا المعنى (اكليل الحياة) فاذا عشنا ونحن نحسب للموت فأننا نعيش ولنا آمال من الشرف واهداف من المجد، فنسير سيرة الصلاح بين الناس وسيرة الشهامة التي تربأ بنا عن الدنس والخسة. فلا نرضى بان نعيش تلك الحياة التافهة، حياة الزبد الذي يذهب جفاء ولا يمكث في الارض بعد وفاتنا.

اننا نعيش سبعين او ثمانين سنة على الارض. ولنا ساعة اخيرة يقال لنا فيها احسنتم او اخطأتم، ثم نحن نقول هذه الكلمة لأنفسنا ونحن نجيب عليها في فرح وغبطة، او في حزن وآسى. فيجب ان نعيش حياتنا بحيث نجيب في هذه الساعة الاخيرة اجابة الفرح والغبطة.

اننا نفرح ونغتبط اذا كنا قد بنينا شخصيتنا وانتجنا للمجتمع الذي عشنا فيه اكثر مما استهلكنا منه. انتاج المال او الثقافة او الاخلاق. ثم سرنا السيرة الصالحة التي اهتدى بها غيرنا فصلح. ووقفنا مواقف الشهامة امام الانذال والظالمين. ونصبنا لانفسنا اهدافا من المجد والشرف اذا لم نكن قد بلغناها فلا اقل من اننا قد جهدنا لبلوغها.

لمثل هذا يجب ان نعيش ويجب ان نموت. نعيش حياة كأنها قصيرة مليئة بالمعاني حافلة بالبلاغة، نترنم بابياتها ساعة الموت.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للعلامة سلامة موسى. .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here