الفتن ومُضّلاتها تترتب على كلام الخارجة التيمية!!! الأستاذ المحقق مؤكدًا

كالعادة القرآن الكريم لم يترك صغيرةً ولا كبيرةً إلا بيّنها وأوجزَ خيَرها وشرَها، ومن الأشياء التي ذكرها وبيّنَ معانيها “الفتنة” كلمة الفتنة وما تصرف منها لفظ شرعي يخطئ البعض في هذا اللفظ، فيستخدمهُ في غير ما وضِع له عن قصد أو غير قصد، ولو تمعنا النظر في أصل معنى الفتنة –كما ورد في اللغة- تأتي بمعنى الإختبار والإمتحان تقول: فِتن الذهب يفتنه -بكسر الفاء-إذا أدخله النار َلينظرَ ماجودته، وإليه أشارت الآية الكريمة في سورة العنكبوت بقوله تعالى الآية 1والاية 2 (المّ 1 أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ2). وفي حديث الإمام الرضا -عليه السلام- عن معمّر بنِ خلاّد قال: سمعت أبا الحسن يقول: “أحسب الناس أنْ يتركوا أنْ يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون” ثمّ قال لي: ما الفتنة؟ قلت: جُعلت فداك الذي عندنا الفتنة في الدين قال يفتنون كما يُفْتنُ الذهبُ: يُخْلَصون كما يُخْلَصُ الذهبُ، ثمّ قال: فكما أنَّ الذهب يُمَحّصُ بالنار كذلك الناسُ لا بدّ لهم من تمحيص “افتتان” ليظهر صدقُهُم أو كذبُهُم في دعوى الأيمان بقرينة قوله تعالى في سورة العنكبوات الاية 3 (فليعلمنّ اللهُ الذين صدقوا وليعلمَّن الكاذبين)

بحار الأنوار – العلامة المجلسي – ج ٥٢ – الصفحة ١١٥/ الكافي – الشيخ الكليني – ج ١ – الصفحة ٣٧٠

إذ لا يكفي مجرد دعوى الأيمان، لذا أنكر اللهُ عليهم الأيمانَ باللسانَ مجردًا من الأيمان العملي وهذا ظن منهم بتحقق الأيمان.

ويؤكد ذلك الاستفهامُ الإنكاريُّ في الآية الكريمة “أحسب” أي: يُنكر على الناس من ظنَّ منهم أنَّ الأيمان غيرُ مسبوق بالفتنة.

فبالابتلاء يُعْرَف مَعدن الأيمان وتُقاس مرتبة العبد، والفتنة سُنة إلهية جارية على كل الأمم السالفة والمتعاقبة، فهي سُنّة إبتلاء ثابتة لا يجري عليها تحويلٌ أو تبديلٌ لقوله تعالى: (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ).

وفي وصف لأمير المؤمنين علي -عليه السلام- في نهج البلاغة “إنما بدء وقوع الفتن أهواء تتبع ،وأحكام تبتدع ،يخالف فيها كتاب الله ،ويتولى عليها رجال رجالاً على غير دين الله ،فلو أن الباطل خلص من مزاج الحق ، لم يخف على المرتادين ،ولوا أن الحق خلص من لبس الباطل , لإنقطعت عنه ألسن المُعاندين ،ولكن يؤخذ من هذا ضغث ،ومن هذا ضغث فيمزجان ، فهنالك يستولي الشيطان على أوليائه وينجو الذين سبقت لهم من الله الحسنى )) نهج البلاغة وبحسب هذا الوصف يجتذب الفتنة عنصران:

الأول: الهوى

والثاني: الأحكام

وهناك علاقه وثيقة بين أتباع الهوى وإبتداع الأحكام. إنَّ اتباع الهوى كما وصفه أمير المؤمنين -عليه السلام- يصدُّ عن الحقِّ ممّا يكون سبيلًا ممهِّد التأسيس أحكام مبتَدعة منحرفة عن جادة الشريعةالمقدّسة.

فالفتنة إذًا مشروع إضلالي يسعى إلى تأسيس أحكام تتحكم بها الأهواءُ يتصدّى إلى الترويج له أئمةُ الضلال…

ومن هنا يبدأ الإنحراف وأساس الفتنة، وفي هذاالمعنى ما يشير إليه الحديث المروي عن النبي -صلى الله عليه واله وسلم-: “إني لا أخاف على أمتي إلاّ الأئمةالمضلين”.

وعلى هذا السياق جاء تأكيد المرجع الصرخي في بحثه ( وقفات مع … توحيد التيمية الجسمي الاسطوري ) (المحاضرة 18) و أسطورة (35): الفتنة.. رأس الكفر.. قرن الشيطان!!!:حيث يقول: (…مع ملاحظة أنّ شيخ التيمية وأتباعه دائمًا يجعلون كلَّ مورد وكلَّ فكرة وكلَّ رأي يصبّ في منهج التفريق والتكفير وإباحة الدماء، فيجعلون بل ويترتب على منهجهم أنْ يكون موردُ الخلاف خطيرًا مُهلكًا مدمِّرًا إلى حد التكفير والإرهاب وسفك الدماء، ومِن هنا جاء ويجيء ويتأكّد كلامُنا ونقاشاتُنا مع الشيخ ابن تيمية وما ترتّب على كلامه ومنهجه مِن فتن ومضلاتها التي مزّقَت المسلمين وبلدانهم وَزُهِقَت مئاتُ آلاف الأرواح المسلمة بسببها على طول الزمان … )).

يطلعنا التأريخ على نماذج واضحة نحو ما حصل من فتنة الخوارج مع أمير المؤمنين علي -عليه السلام- وكيف تجرأوا؛ إذ كانوا عُبّاداً في ظاهر حالهم “أصحاب الجباه السوود” لكثرة عبادتهم، لكن حقيقة ما وراء ذلك لا تنكشف لأحد إلا لمثلِ عليٍّ -عيه السلام- حتى قال: “أنا من فقأت عين الفتنة إذ اشتدّ غيهبُها, وماج كلبُها”.

وعلى هذا الخط سار المحقق الأستاذ في فقأ عين الفتنة في مواجهة فكرية تكشف حقيقة أصل ومنبع التكفير الداعشي والتي تصدى لها الحسني و كشفت عجزهم وضحالتهم ومهازل توحيدهم التجسيمي الذي يتبجحون به ويكفرون الناس على أساسه.

هيام الكناني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here