وقفة صراحة :للإرهاب أوجه أخرى أيضا أكثر تدميرا للروح العراقية

بقلم مهدي قاسم

مثلما إن للفساد أوجها عديدة ومختلفة ، فكذلك الأمر بالنسبة لمظاهر الإرهاب التي لا تقتصر على أحزمة ناسفة ولا على رصاصات غادرة أو على سكين ذبح فقط..

كما يعتقد البعض و يتصور بدافع من سذاجة و ضيق أفق أو انحيازعقائدي أعمى ..

و إذا كان الإرهاب القاعدي و الداعشي ، و بعض الميليشاوي ، قد بات معروفا لكل قاص و دان ، فأن الوجه الآخر للإرهاب في العراق و الذي كرسته أحزاب الإسلام السياسي الشيعية ــ والسنية الفاسدة على حد سواء ، كأمر واقع يجب التسليم به رغما و غصبا خلف كواليس نظام المحاصصة ، من شتى ضروب فقر مدقع و مذل و شحة خدمات رديئة ومتقطعة على الدوام ، و تداعي معالم و كيان الدولة والتي تدار من قبل عصابات سياسية بلا ذرة ضمير وطني أو إنساني وكذلك زيادة التهرؤ في البنى التحتية المنخورة أصلا ، فضلا عن التفرج على الثروات المائية وهي تهدر و تنضب يوما بعد يوم هباءا منثورا ، وبسبب ذلك نجد البيئة العراقية وهي تجف و تتصحر متشققة و زاحفة كجحالف وفيالق سوداء تحاصر الروح العراقية و تطعنه بالصميم من كل صوب و حدب ، إلى جانب يأس مقيم ومزاج معتكر و كئيب دائم يستوطن قلوب غالبية العراقيين ، بسبب رداءة نوعية الحياة البائسة و الرثة السائدة في العراق ، حيث تتيبس و تشحب الروح العراقية وتموت ، شيئا فشيئا ، و ببطء قاتل ومُريع ، وسط كل هذه المعالم والمظاهر الشنيعة من مظاهر خرائب و جهالة و تخلف و بدائية و قبح وبشاعة ، طبعا على حساب انسحاب و إنزاء و انكماش مظاهر التحضر و التمدن و الأذواق والإحاسيس الجمالية الراقية التي كانت سائدة حتى ثمانينات من القرن الماضي ..

بل إنني أعتقد بأن هذا النوع من الإرهاب التدميري والمنظم لروح الإنسان العراقي و معالم تحضره و تمدنه لربما هو أخطر بكثير حتى من الإرهاب الجسدي ذاته الذي تقتصر أثاره على فترة انتهاء الأجواء الإرهابية وتزول سريعا ، بينما التدمير الروحي والحضاري للإنسان يحتاج إلى عقود طويلة جدا لإعادة بنائه مرة أخرى و بشكل صحي ومعافِ و جميل ..

مع اعتقادنا و يقيننا بأن هواة أرشيف الكهوف و السراديب العطنة سوف يبقون عاجزين عن فهم ماهية هذه السطور وسوف يبقون يصدعون رؤوسنا بما يكررونه كببغاوات ملقنة لا تجيد غير هذا التكرار الملل والهدر المجاني و العبثي و الشخبطة الدائمة و المضجرة لمساحات البياض التي وفرتها لهم التقنيات المتطورة لوسائل الإعلام والمبتكرة أصلا من قبل ” الصليبيين و الكفار” !! ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here