أثبتت الأحزاب الشيعية عدم أهليتها في رئاسة الحكومة فلماذا الإصّرار إذن ؟

بقلم مهدي قاسم

حسب ترتيبات و تقسيم المناصب والمغانم وفقا لنظام المحاصصة الطائفية و القومية ــ ذات الوقع الكارثي و التدميري على العراق ، بات من المألوف والمعتاد أن تكون رئاسة الحكومة من حصة الأحزاب ” الشيعية ” و التي هي الأخرى بدورها تصّر على هذا المنصب والمهم الحسّاس ، و الذي قُدم لهم و بشكل مجاني على صينية من الذهب من قبل اليانكي اللص ومخّرب العراق بول بريمر ..

غير أن الإشكالية العويصة التي واجهت وتواجه هذه الأحزاب الطائفية وفروعها البقالية الأخرى ، تكمن في كون هذه الأحزاب الخرافية قد فشلت منذ البداية و حتى الآن عن إدارة شؤون الدولة و الحكومة فشلا ذريعا و مخزيا ، بالرغم من أنه في البداية أبد الشارع العراقي تفهما وصبرا طويلا لهذا الفشل و العجز و عزاه إلى كون زعماء و قادة هذه الأحزاب لا زالوا جددا في المناصب و المواقع فلابد أن يحتاجوا إلى بعض الوقت والممارسة ، لكي يتعلموا و يتقنوا فن ومهنية الإدارة و القيادة لشؤون الدولة والحكومة في السنوات القريبة القادمة ..

ولكن مع مرور الوقت و السنين الكثيرة التي تجاوزت الخمس عشرة عاما ، بقيت حالات العجز و الفشل هذه ، قائمة وراسخة ، كلعنة أبدية ، و مستمرة حتى الآن بشكل يدعو إلى الخيبة و اليأس ، جعل غالبية العراقيين أن يصبحوا على قناعة ويقين من أن الأحزاب ” الشيعية ” هذه لا تجيد إدارة الدولة و الحكومة أصلا ، بحيث يبدو أن كل المؤشرات و التجارب الحالية تُشير إلى أنها ربما سوف لن تجيدها في المستقبل أيضا ، حتى لو بقيت في الحكم لمدة ألف عام قادمة ..

مع أن زعماء و قيادي وبطانات هذه الأحزاب قد أبليت بلاء حسنا وبراعة استثنائية و أسلوبا مبتكرا في فنون السرقات و اللصوصية و الفرهدة المنظمة للمال العام يحسدهم عليها كل لصوص العالم المحترفين !! ..

و هذا يعني أنهم ” موهوبون ” و ذات قدرات ومؤهلات خاصة في عالم العصابات و اللصوصية و الأسلاب ، بينما في أمور إدارة الدولة و الحكومة فاشلون جدا وأيما فشل و بشكل منقطع النظير بحيث أدهش هذا الفشل البعيد قبل القريب !..

و إذا كان الأمر هكذا ــ فهو كذلك بكل تأكيد ــ فلماذا تصّر هذه الأحزاب إذن على الحصول على منصب رئاسة الحكومة في الوقت الذي هم بهذا الفشل المزمن ؟!..

و بالمناسبة حتى ولو جرت عملية تطبيق نظام الأقاليم فأن هذه الأحزاب سوف تفشل حتى في إدارة و حكم أقاليمها ، حيث يتضح ذلك بشكل جلي أكثر في إدارة وحكم البلديات التي تبدو أكثر تخلفا وقذارة ــ باستثناء محافظة نيسان إلى حد ما ــ بالمقارنة مع مناطق الشمال أو الغرب من العراق ، بل تكفي المقارنة بين مناطق الرصافة والكرخ ليرى المرء ذلك الفارق الكبير سواء في النظافة و اخضرار البيئة أو في أجواء التمدن الواضحة والمحسوسة ..

وهو الأمر الذي خلق انطباعا عاما عند كثير من الناس في العالم مفاده : أن الشيعة العراقيين ــ عموماــ سيما من الإسلاميين السياسيين لا يجيدون إدارة الدولة و الحكومة وأنهم فاشلون ــ كأنما جيناتيا ــ و كلما استمروا في إدارة الدولة والحكومة كانت أضرارهم أكبر و أفدح ، بل أكثر خرابا و تدميرا للعراق حاضرا و مستقبلا ..

فمن هنا يجب إعادة النظر في هذه المسألة ، ليس بالضرورة أن تكون رئاسة الحكومة من حصة الأحزاب الشيعية التي أثبتت فشلها المزمن عبر كل هذه السنين الطويلة جدا مع ما ترتب على ذلك من كوارث ومصائب بشرية و مادية هائلة ومعاناة فظيعة لغالبية العراقيين ..

فالمسألة تكاد تشبه هنا مَن يتعلم قيادة سيارة فهو إذا حصل على رخصة قيادة دون أن يكون مؤهلا ومتقنا لقيادة سيارة فسوف يسبب حادثة مروعة أما سيقتل نفسه و أما غيره و لهذا السبب بالضبط لا يمنحون رخصة قيادة سيارة لشخص ما إلا بعدما يكون صاحبها قد نجح في الامتحان نظريا و عمليا ..

بينما الأحزاب الشيعية لم تنجح في امتحان إدارة الدولة و الحكم حتى بعد أكثر مرور خمس عشر سنة مع ” دورات تعلَّم ” متتالية و عديدة !.

فهذا يعني أنه يجب أن يكون رئيس الحكومة من خارج الأحزاب ، لأنه حتى الأحزاب ” السنية ” ليست أفضل حالا من الأحزاب ” الشيعية على هذا الصعيد ” ، أي أن أغلبهم عبارة عن مجموعات لصوص و حرامية أسوة بباقي أقرانهم في المنطقة الخضراء غير أنهم ـــ إضافة إلى ذلك ـــ متورطون بشكل أو بآخر ــ في شتى أعمال عنف و إرهاب ..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here