أمريكا .. وصراع مع مرجعية السيد السيستاني (دامت بركاته)

إذا كان الصراع الأمريكي مع العراق قبل 2003 تكرس بإزاحة صدام وإزالة حكمه والقضاء على حزب البعث اللعين ، فإن كل المخططات كانت تشير إلى النية المبيته في إحكام السيطرة على مقاليد الحكم في العراق وتقويض الشعب العراقي بعد 2003 حسب المسارات التي ترتأيها المخابرات الأمريكية ليصبح العراق الساتر الأمامي لحماية الكيان الصهيوني بوجه أي تحرك إيراني مستقبلي لتهديد وزعزعة الأمن الإسرائيلي .
لم تدرك المخابرات الأمريكية ولم يخطر في فكرها أن هناك جذوة بركان إسمها المرجعية متمثلة بالمرجع الأعلى سماحة السيد علي الحسيني السيستاني (دامت بركاته) أخذت على عاتقها حماية العراق وأهله كلما تطلب الأمر التدخل لإنقاذهم مما هم فيه لكي لا يكونوا فريسة تقضمها أطماع المستكبرين ، وكلما عمدت أمريكا إلى تطويع العراقيين عبر مجموعة كومبارس جاءت بهم شراذم من كل حدب وصوب ليكونوا لها جنود مجندة ولكنها تجد المرجعية شاخصة لها بالمرصاد لتعيد المسار إلى صوابه .
إبتدأت بتعيين أشخاص لحكم البلاد فنادت المرجعية بضرورة إجراء الإنتخابات ورضخت أمريكا لذلك وبعدها أرادت أمريكا أن تستورد دستور ممنهج لإدارة البلد حسب هواها ورغبتها بما يضمن تحقيق أهدافها فأشارت المرجعية إلى حتمية كتابة الدستور بأيادي عراقية بحته فإنصاعت أمريكا مرغمة لهذا المطلب الحق .
لم تتوانى المخابرات الأمريكية والخونة المتعاونين معها من محاولات جس نبض الشارع الشيعي عبر التعدي على مقدساته بشتى الأساليب وما محاولة الإقدام على تنديس العتبات المقدسة في النجف الأشرف والمساس بقدسية ضريح الإمام علي ع إلا واحدة منها إلا أن الحركة السريعة والوثبة الإستباقية للمرجعية حالت دون ذلك وأخمدت نار الفتنة في مهدها .
عمدت المخابرات الأمريكية من وراء الكواليس لخلق حالة من التناحر المجتمعي والحرب الطائفية فسولت لها نفسها عبر مرتزقتها بتفجير الضريح المقدس للإمامين العسكريين ع في سامراء فإمتصت المرجعية إنعكاسات ذلك العمل الشنيع بوافر الصبر وإستطاعت بحكمتها أن تطفئ لهيب نار الطائفية بين أبناء الشعب والقضاء على الفتنة ، فلم يبقى أمام المخططات الصهيوأمريكية إلا أن تغض الطرف عن الطبقة السياسية التي جاءت بها لنهب ثروات البلاد والإصرار على عدم النهوض بالبنى التحتية وإبقاء العراق على وضعه المتدهور وتدميره والإستحواذ على ثرواته .
ومن ثم إستقطبت المجرمين والقتلة والإرهابيين من شتى الأصقاع لتوردهم أرض العراق ليعيثوا فيه فساداً ويهلكوا الحرث والنسل ويسيطروا على أرضه وشعبه ويكونوا هؤلاء يد أمريكا الضاربة في التهديد والبطش وتتغير خارطة المنطقة حسب الرؤية الصهيونية في تقسيم الدولة إلى دويلات متناحرة ،
إلا أن المرجعية الرشيدة كانت بالمرصاد لهذه المخططات وإحتوتها عبر فتواها الجهادية المباركة التي قضت على الإرهابيين بمسمياتهم وإنتماءاتهم وحررت العراق من براثن المعتدين الأوباش ولم تجني أمريكا ومن معها من هذا المخطط اللعين إلا الخيبة والإندحار والخزي والعار أمام الرأي العام العالمي وإنفضحت أمام الجميع بأنها هي المؤسس لهذه التنظيمات الإرهابية رغم إدعاءاتها الإعلامية الكاذبة بأنها تحارب الإرهاب .
المرجعية أخذت اليوم زمام المبادرة بعد أن بح صوتها في إرشاد وهداية الطبقة السياسية لما فيه خيرهم وصلاحهم وصلاح البلد وشعبه ولكن دون جدوى فهؤلاء أغلبهم يأتمرون طواعية بأمر الأمريكان ، المرجعية اليوم تزعزع فرائص الأمريكان بتأييدها لإنتفاضة الشعب عبر الضغط على الحكومة العراقية بتلبية متطلبات العيش الكريم للشعب العراقي وتقويض فساد المرتزقة الذين جثموا على حكم البلاد طيلة السنين العجاف دون أن يقدموا شيئاً وينجزوا عملاً يشار اليه بالبنان .
فؤاد المازني

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here