موقف العبادي من العقوبات الأمريكية على إيران موقف شجاع

قبل الخوض في الحديث عن موقف العبادي من العقوبات الأمريكية التي فُرضت على إيران، لا بد من الإشارة الى أني لست بصدد الدفاع عن رئيس الوزراء حيدر العبادي، فالعبادي مثله مثل أي مسؤول حكومي فاشل، لكن هذا لا يمنع من الإشادة ببعض مواقفه العراقية الخالصة التي أراها تنطلق من المصلحة الوطنية العامة لا سيما تصريحه الأخير الذي أدلى به بشكل واضح وشجاع ومحايد بخصوص إلتزام الحكومة العراقية بالعقوبات الأمريكية وابعاد العراق عن أي صراع يمكن أن يلقي بضلاله على مزيد من تدهور أوضاعه العامة، فأنا بصفتي مواطن عراقي مهتم بالشأن السياسي أرى هذا التصريح خطوة عراقية بالإتجاه الصحيح ومحاولة كبيرة من رئيس وزراء ” شيعي ” يريد الإبتعاد عن سياسة آيات الله العظام و ظلالهم الوارفة ويقول لهم ( كفى ) إبتعدوا عنّا ودعونا نبني عراقنا، فلا تحمّلوا العراق ما لا طاقة له. وان هذه العقوبات مشكلتكم فلا دخل لنا بكم وبمشاكلكم.

إن ما قام به العبادي هو موقف تاريخي شجاع لم يقم به أي من ساسة الشيعة الذين أغلبهم إيرانيين الولاء والهواء، وهذا هو عين الصواب في عالم السياسة، لأن السياسة في جوهرها السعي الجاد لتحقيق المصلحة الوطنية والمحافظة على مكتسباتها، لا أن تكون السياسة عبارة عن منابر إعلامية ومؤتمرات صحفية لا فائدة منها سوى إستهلاك الخطابات الإنشائية،أو تكون السياسة إزدهار بلد على حساب إنبطاح بلد آخر، هذه ليست سياسة هذه عبودية من الدرجة الممتازة، فمن هنا إنبرى العبادي بطريقة دبلوماسية غير متوقعة واوصل رسالة للإيرانيين مفادها (أن الأهم والأهم ثمّ الأهمّ هو العراق ) مثلما ترون أن مصلحتكم الوطنية فوق أي مصلحة فنحن نرى مثل ما ترون، وهنا بودي المرور على ( الذيول الإيرانية) وأعني بهم الأحزاب الشيعية واطرح الكثير من علامات الإستفهام والتعجّب على تذمّرهم واستياءهم من موقف العبادي فأقول لهم متعجّباً على هجمتهم الإعلامية الشعواء على موقف العبادي الأخير ؛ أن ماجرى ويجري بالعراق من ضيم ودمار وخراب وتعاسة هو بسبب عبوديتكم وتبعيتكم وانبطاحكم لإيران، فاعدلوا هو أقرب الى التقوى واجعلوا العراق نصب أعينكم ان كنتم عراقيين كما تدّعون !، ثمّ لو فرضنا كان موقف العبادي من العقوبات الأمريكية على الجمهورية الإسلامية ( دامت بركاتها ) مناهضاً هل تقفون مع العراق، وكيف السبيل لإنقاذ العراق في حال تمّت معاقبته فيما لو خالف العبادي القوانين والأعراف الدولية ؟. من ذا الذي ينقذ العراق من عقوبات محتملة في حال رفض العبادي العقوبات الامريكية على إيران ؟. هل نستعين بالقمقم ونطلب من ( السويچ ) إبراهيم الجعفري ان يُخرج لنا المارد المعنوي ويهشّم العقوبات ؟؟، مالكم كيف تحكمون ؟.

إن من يقول العبادي انبطح للأمريكان فهو واهم، لأن القضية عامة وجميع حكومات العالم معنيّة ومُلزمة بالتعاطي مع القرارات الأمريكية لا فقط حكومة العبادي، وقد يقول قائل بأن العبادي تملّق للأمريكان أو غازلهم في سبيل حصوله على الدعم الأمريكي لتوليه رئاسة الحكومة ثانياً، وهذا غير صحيح لأن العبادي ممكن أن يخسر ودّ الطرفان الأمريكي والإيراني معاً ويخسر تأييدهما، لكنه ربح موقفاً وطنيا شجاعاً يُحسب له في المستقبل خصوصاً وان هذا الموقف لم ينفرد به العبادي لوحده بل كانت هناك العديد من الدول اتخذت نفس هذا الموقف ومن هنا يتبيّن لنا أن موقف العبادي ليس تملّقاً وليس غزلياً ، بل هو موقفاً عراقياً وطنياً لا يختلف عن موقف أي زعيم دولة من دول المنطقة والعالم .

قبل أن أختم مقالي أود القول بأن العقوبات الأمريكية على إيران يمكن أن تكون فرصة لدول الخليج وغير الخليج لإنفتاحهم على العراق من حيث توقيع إتفاقيات التبادل التجاري، الأمر الذي سينعكس إيجاباً على إستقرار وازدهار العراق أمنياً واقتصادياً وسياسياً .

أخيراً :

قد نختلف مع العبادي في ملفات كثيرة منها وأهمها عدم الجدية في محاسبة الفاسدين ، لكن يجب أن نكون منصفين في أي موقف يتخذه خصوصاً في المواقف المصيرية والقضايا الكبرى التي تتعلق بمصير العراق .

ختاماً : دعاءنا للجمهورية الإسلامية وشعبها بالنصر العاجل على أمريكا ونسأل الله تعالى ان يجعل العراق وجميع دول المنطقة وشعوبها في باحة الحرية والأمان والإستقرار وان ينقم لنا من أمريكا والصهيونية وجميع دول الإستكبار والإستعمار .

حيدر الشويلي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here