أزمة أخلاق مُعمّمة!!

الوطن يعيش أزمة أخلاقية متنامية منذ بدء عهده الجمهوري , وقد تعاظمت وبلغت ذروتها بعد عام ألفين وثلاثة.

والأزمة الأخلاقية هي جوهر الطاقة الفاعلة والمعبَّر عنها بالسلوك على جميع المستويات , وفي أروقة الذات الفردية والإجتماعية والسياسية وغيرها.

إنها محنة شاملة مدمرة.
ومن الواضح فأنها تجسدت بالرذائل والقبائح , والتفاعلات السيئة المقيتة المنافية لقواعد ومعايير الدين الإسلامي.
وربما يُنظر لمحنة الأخلاق فيما مضى بزاوية أخرى , لأن الأنظمة لم تدّعي الدين , لكن الحاضر الساخن تقدمت فيه أحزاب تدّعي الدين وتقول بأنها أحزاب دينية , وما أبدت في سلوكها ما يشير إلى الأخلاق الإسلامية , ولم يظهر فيها الفهم والوعي للقرآن , فأوجعت الأخلاق وشوهت القيم والمعاني الإسلامية السامية بالفعل المشين.

فالذي يرفع راية الإسلام يجب أن يترجم بفعله أخلاق الإسلام.
فكيف يكون الفساد عميما وفاعلا في دوائر الدولة , وكل من المسؤولين من الذين سيماهم في وجهوهم , حتى لتحسب أنها مصطنعة للخداع والتضليل , فكل الذين تراهم في جباههم طرة.

” مَن لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم” حديث نبوي

فما هي أوجه الإهتمام بالمسلمين في البلاد؟
ولماذا يعذبون بالحرمان من الكهرباء ؟
والأموال تنهب والشعب يعاني القهر والحرمان , وسوء الأحوال وغلاء المعيشة , وتعسر الظروف ويضيق الأفق أمامه , حتى ليشعر بالإختناق والضجر الشديد واليأس المقيم.
فالذي يدّعي الإسلام ويتخلق بأخلاقه , عليه أن يثبت ذلك بالعمل ” فالدين العمل” , وليس مظاهر وخداعات وأضاليل , وإمعان في تجهيل العامة وتغريرهم , ودفعهم إلى ما يمنع عنهم السعادة والحرية والكرامة والتقدم في الحياة.

أخلاق الإسلام حميدة , وفيها جوهر الفضائل الإنسانية والقيم السامية لأكرم مخلوقات الوجود وهو الإنسان,
الذي حباه الخالق العظيم بالعقل والقدرة على الإبداع والإبتكار , والتفاعل الخلاق مع واقعه والمستجدات القائمة في محيطه , وضخ فيه طاقة الإرادة اللازمة للإرتقاء بوجوده إلى أسمى المعاني وأرقى الصفات.

يقول الإمام جعفر الصادق (ع) ” خير الناس مَن إنتفع به الناس”.

فما هي المنفعة التي يمنحها المدعون بالسلطة والدين, وما هي الإنجازات الفاضلة والأعمال الرحيمة , وكم قدموا لتحقيق سعادة الإنسان , وكم أنجزوا لتحقيق تعاسته وأوجاعه وطرده من موطنه ودياره؟
وكم قتلوا وقتلوا وفقا لإرادة السفاحين الحافين بالكراسي , العامرة بالفساد والرذيلة والإقدام على إرتكاب أسوأ المآثم؟

إن ما حصل هو تمكن النفس الأمارة بالسوء من السلوك , وإمعانها في إطلاق ما فيها من الغرائز والرغبات الشرسة المتوحشة , التي لا تعرف إلا الوصول إلى الإرضاء الآني , والذي تدمر بسببه أية قوة أو ممانعة تقف أمامها.

وقد إستهترت النفس الأمارة بالمساوئ , وحققت إنجازات مخزية أصابت الدين بمقتل , وسحقت الأسس الأخلاقية والقيم الإسلامية , ولازالت تتفاعل بطاقة عالية , وتأبى الإستسلام لقوى النفس العلوية , التي أصبحت ذليلة محاصرة ومكبلة بقيود ثقيلة.

ويقول: “واجعل نفسك عدوا تجاهده”

وما عادت هذه النفس الفاعل عدوا يجب مجاهدته بل صديقا وعونا لأن الرغيات إنفلتت وتمكنت.
ووفقا لما يتحقق في الواقع , فأن الأزمة الأخلاقية هي العاصفة في أركان الدولة والمجتمع , ولايمكن الخروج من هذا المأزق المروع , إلا بتوفير القادة القادرين على الوعي الأخلاقي , وتوفيق السلوك مع الأخلاق, وإلا فمن العدوان على الإسلام أن يدّعيه مَن يدّعيه , وفي سلوكه لا تجد أي خلق ومعنى له , فلا يمكن للإسلام أن يكون قناعا وخطابا ومظهرا , إنه وعي أخلاقي وسلوكي.

ويقول أيضا:”إن الله إرتضى لكم الإسلام دينا فأحسنوا صحبته بالسخاء وحسن الخلق”

فأين ما نراه من الدين , يا أحزاب الدين؟!

د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here