الحوت، هذا الكائن العجيب ! ح 7

د. رضا العطار

بعد قتل الحوت، يصبح المجتمع ثريا، فالثروة تجلب المتعة والوقت لانجاز ما يهوى الشخص عمله، وحتى جميع انواع الادوات التي يحتاجها الصيادون مثل محاور الخيوط وسدادات العوامات ومجارف الثلج والامشاط والنظارات الواقية فتصنع من عظام وفك الحوت،. وقد استعملت اضلاع الحوت في سيبريا اقواسا فوق الجدران الحجرية، كما استخدمت هذه الاضلاع ايضا في بناء المنازل وكحاملات للمزالق.

في حين تدعم عظام الفك الطويل للحوت، ثقيل الوزن ظروف السكن لقبائل الاسكيمو في فصل الشتاء القاسي بعد ان تًغطى بجلود حيوان الفقمة القطبية. واستفاد الروس كذلك، سكان المناطق المتاخمة للقطب الشمالي في صنع هياكل لزوارق الكياك من عظام الحوت وجلود الفقمة.

يبلغ طول صغار الحوت عند ولادتها 5 امتار، اي بطول قارب صيد، وتزن حوالي الطن، وهي تنمو بسرعة ويتضاعف وزنها عند فطامها بعد سنة واحدة، فتغدو بطول سفينة صيد كبيرة،. ويستهلك كل رضيع يوميا ما يعادل اربعة براميل من الحليب، او ما يعادل 450 لترا، وعادة ما تلد الاناث مرة كل ثلاث سنوات، سنه للحمل، وسنة للارضاع، وسنة لاعادة بناء مخزون الطاقة.

كان الهدف من صيد الحيتان اول الامر يرمي لكسب الربح كما عند شعب الباسك مثلا، او لاغراض شخصية كما عند النرويجيين، حيث انهم استفادوا من زيته لانارة المصابيح، وشحمه لعمل الصابون، وعظام فكه لعمل السياط وسنارات الصيد، وعمل اعمدة وسقوف وبوابات للمنازل.

كان لحم الحوت ضرورة اساسية في وجبة الرومان الكاثوليك، في ايام الجمعة، الذي يحرم فيه تناول اللحم الاحمر. ويسمح فقط بتناول الاطعمة البحرية. وان لسان الحوت لدى الحيتان الكبيرة والذي يكون بطول خمسة امتار، يعد من الاطايب، بالنسبة للاغنياء، في حين كانت لحوم الحوت المملحة والمجففة من نصيب الفقراء.

تشير التقارير الرسمية عن صيد الحيتان ان شعب الباسك قد اصطاد من المحيط الاطلسي خلال النصف الثاني من القرن الخاس عشر ما لا يقل عن 40000 حوتا مما تسبب في الهبوط الفظيع في عدد الحيتان في مياه خليج بيسكاي.

كان موضوع النظافة و النقاء امرا مهما بالنسبة للعديد من الحضارات القديمة، فقد كان الصيد محرما على صياد الحيتان لدى قبيلة ( نو ـ شاد ـ نولث) ان يضاجع زوجته لمدة شهر قبل الصيد، بقصد الطهارة، واذا ارتكب اي فرد من طاقم الصيد اثم الزنا، سيفشل الصيد وسيحاسبه القبطان على الخسارة.

وكان على زوجة الصياد ان تبقى خاملة في المنزل وتترك الباب مفتوحا لأستقبال الحوت. واذا دخل غريب الى المنزل، فلم يكون الصيد ناجحا. ولعبت النساء دورا مهما في جذب الحيتان الجانحة. كان الرجال يضعون على الشاطئ قطعا من غائط زوجاتهم كي تتحول هذه القطعة الى ارواح تجلب الحيتان نحو الشاطئ.

الحلقة التالية في الاسبوع القادم !

* مقتبس من كتاب الحوت التاريخ الطبيعي والثقافي لمؤلفه د. جو رومان، ترجمة ايزميرندا حميدان، ط 1 ، 2913 هيئة ابو ظبي للسياحة والثقافة و(الكلمة).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here