الحشد يغادر غرب نينوى باتجاه “سبايكر” ويستعدّ لترك الموصل

بغداد/ وائل نعمة

يبدو أنّ الضغوط المحلية والخارجية لإخلاء “الحشد الشعبي” من الحدود المشتركة مع سوريا ومناطق أخرى بينها مدينة الموصل قد نجحت، حيث بدأت منذ نهار الجمعة الماضية عملية الانسحاب التدريجي للفصائل المسلحة من غرب الموصل باتجاه معسكر في شمال تكريت.

ومن المفترض، بحسب أوامر حكومية “إفراغ” مدينة الموصل من كل تشكيلات الحشد الشعبي. وتتضمن الخطة الجديدة تحويل مهمة الأمن الداخلي في محافظة نينوى الى الشرطة وقوات الحدود والجيش.
ولم يؤكد “الحشد” حتى الآن وجود عمليات انسحاب من الموصل، لكنه أشار الى أن ما يجري هناك هو “إعادة انتشار” للقطعات العسكرية بالتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة، فيما أعاد تحذيراته السابقة من رغبة واشنطن في إبعاده عن الحدود لإعادة إدخال “داعش” مجدداً، بحسب قول قيادات فيه.
وفي آذار الماضي، كشفت (المدى) على وفق شهادات قيادات في “الحشد”، عن توقعات بأن تبدأ الولايات المتحدة في وقت قريب بالضغط على فصائله المنتشرة منذ عام في مناطق شمال غرب البلاد لإبعادها عن مهمة مسك الحدود مع سوريا.
وشوهدت في ذلك الوقت قوات أميركية تتجول مصحوبة بعجلات عسكرية، على طول الشريط الحدودي، فيما ترددت معلومات آنذاك عن نية هذه القوات إنشاء قاعدة عسكرية في سنجار، شمال الموصل.

بدء الانسحاب
أفاد داود جندي، عضو اللجنة الامنية في مجلس محافظة نينوى أمس، بأنه: “بدأت قوات كتائب الإمام علي التابعة للحشد الشعبي بالانسحاب أول من أمس من مناطق غرب الموصل”، مشيراً إلى أن عملية الانسحاب ستحتاج إلى بعض الوقت.
وفي نهاية أيار 2017، أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي، عن وضع خطة بالتنسيق مع “الحشد” لتأمين الحدود مع سوريا، في خطوة قال إنها “تستهدف عزل مسلحي تنظيم داعش في العراق عن أقرانهم في سوريا”.
ومنذ ذلك الحين تمسك “الكتائب” مناطق داخل سنجار وفي محيطها ، بينما أعطيت مهمة حماية الحدود مع سوريا الى لواءين تابعين لمنظمة بدر، بالاضافة الى لواء “أنصار العقيدة”، الى جانب الحشد الإيزيدي في سنجار وهو ضمن تشكيلات الحشد الشعبي.
وتتواجد قوات الجيش وحرس الحدود في مناطق الأنبار المحاذية لسوريا، وهناك أسباب غير واضحة كانت تعيق مسك الجيش للحدود في نينوى. ويفيد المسؤول المحلي في اتصال مع (المدى) امس ان “قوات الجيش ستحل محل الفصائل المنسحبة، حيث تصل يومياً أعداد متزايدة من الجنود إلى هناك”.
وتنتشر حالياً قوات اللواء 73 التابع للجيش في منطقة ربيعة القريبة من الحدود، والمحمودية، وهي نقطة التماس مع “البيشمركة” نزولا حتى ناحية الشمال، فيما من المؤمل أن يمسك اللواء المدرع 83 جيش أيضا، مسؤولية حماية البعاج والحدود بالاشتراك مع حرس الحدود.
ويعتقد جندي، وهو إيزيدي، إن القوات التابعة للطائفة في سنجار وهي جزء من “كتاب الإمام علي” سيتم تشكيل لواء منها ويبقى في المدينة كقوات احتياط، وكذلك الحال مع القوات المسيحية والتركمانية والشبكية وهي فصائل تابع قسم منها للكتائب وأخرى لـ”بدر” في سهل نينوى، شمال شرق الموصل.

إلغاء محاور للحشد
وفي غضون ذلك كشفت وثيقة مسربة صادرة عن هيئة الحشد الشعبي التابعة لرئاسة الوزراء، وموقّعه من نائب رئيس الهيئة أبو مهدي المهندس، إلغاء محاور عمليات الحشد الشعبي في بيجي ونينوى ودمجها بمقر واحد، وتسليم المهام الأمنية الى قيادة عمليات نينوى.
وجاء في الوثيقة التي لم يتسنّ لـ(المدى) التأكد من صحتها، أنه “بالنظر لاستقرار الأوضاع الأمنية في منطقة نينوى وتوجيهات رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، تقرر إلغاء قيادة عمليات غرب نينوى وشرق نينوى وبيجي وتشكيل مقر واحد لقيادة محور نينوى بقيادة (علي كاظم)”.
ويتضمن الأمر الذي صدر في مطلع آب الحالي إلحاق “قيادة غرب نینوی بكامل منتسبيها وإمكانيتها بمديرية العمليات، ونقل لواء 40 بالكامل (كتائب الإمام علي) من منطقة شمال سنجار الى مقره الأصلي في قاعدة سبايكر وتحويل مسؤولية القاطع الى قيادة العمليات المشتركة للجيش في قاطع نينوى”.
وبحسب الوثيقة “يتم تحويل خط المسك الحدودي في غرب نينوى بالكامل الى قيادة عمليات نينوى (الجيش) تدريجياً بإشراف مديرية العمليات من خلال التفاهم والتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة، ونقل اللواء 14 (كتائب سيد الشهداء) بالكامل الى معسكره الخلفي خارج محافظة نينوى”.
ونص الأمر على أن “الحشود المحلية من لواء 30 الشبك، ولواء 50 المسيحيين، ولواء 3 التركمان، والحشد الإيزيدي، ترتبط بقيادة عمليات محور نينوى إدارياً وعملياتياً مع بقاء قوة احتياط كافية مؤقتاً ، وعلى مديرية الإدارة والمالية المباشرة فوراً بنقل هذه القوات الى قيادة عمليات نينوى إدارياً ومالياً”.
وأكد الأمر أيضا “إخلاء مدينة الموصل من أي قوات تابعة لهيئة الحشد الشعبي ، والمقر الحالي لقيادة الحشد الشعبي يكون مقراً لقيادة محور نینوی”.
ويكشف داود جندي أن الخطة الجديدة تهدف الى حصر السلاح بيد الدولة، حيث حدثت في الفترة الاخيرة مشاكل متعددة في سنجار بسبب الخلافات بين تلك الفصائل، فيما لا يزال نحو 70% من الإيزيديين خارج المدينة.
من جهته قال مسؤول الحركات في عمليات الحشد الشعبي جواد كاظم، في تصريح نشر على الموقع الرسمي للحشد، أمس، إن “ما تردد مؤخرا بشأن انسحاب قوات الحشد الشعبي من قاطع محافظة نينوى أمر عارٍ عن الصحة تماماً”، مؤكداً أن “ما يجري هو إعادة انتشار للقطعات بأمر وتنسيق مع قيادة العمليات المشتركة”.
كذلك أكد هاشم الموسوي، القيادي في الحشد في اتصال مع (المدى) أمس أنه “لا يوجد شيء رسمي حتى الآن يؤكد انسحاب القوات من الموصل”. وشدد على أن “القوات الامريكية تحاول بشتى الطرق إبعاد الحشد عن الحدود لجعلها مرة أخرى مسرحاً لداعش”.
في المقابل، أكد حسام الدين العبار، عضو مجلس محافظة نينوى، وجود “اتفاق” مع رئيس الوزراء وهيئة الحشد على إخلاء الموصل من كل الحشود المحلية والأخرى التي جاءت من خارج المدينة، وتسليم الملف الأمني إلى الشرطة.
وأكد المسؤول المحلي في اتصال مع (المدى) أمس “حدوث احتكاكات بين الشرطة والحشد في الموصل بسبب تدخل الاخير في الجانب الامني والإداري”، معتبراً أن القرار سيساهم في استقرار الوضع في المدينة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here