ترامب لا يعرف الصديق بل يستنزف ماله

لا شك أن المرحلة الماضية أفرزت مجموعة من الاستنتاجات والإشكاليات الخطيرة التي ارتكبها البعض من القادة السياسيين في العراق مع الاسف من اجل النجاحات الشكلية البسيطة التي لم تقدم شيئ للمجتمع لكي يبقى المجتمع العراقي بطوائفه شريكا في العيش تحت عملية سياسية واحدة. كما أنّ بحكم الشراكة في الأرض تجعل من هذا البلد موقعا للتعايش بين الطوائف والأقليات.

من الممكن أن ينجح السياسي في تصعيد أي أزمة في بعض الأحيان ولا يميز بين الحلفاء والخصوم ويقرب من بيده مفاتيح التأثير الايجابي ويبعد من ليس هنالك امكانية للتعاطي معه .. ولنا في التصريحات التي تقذف الاتهامات للدول الفاعلة في المعادلات، فبدلاً من تهيئة الاجواء لسحب هذه الدول الى طاولة المفاوضات للوصول الى الاهداف وعدم وجود استراتيجية يبنى عليها ، نجده ان يقدم باستمرار المبررات التي تدفع تلك الدول لزيادة تدخلها السلبي في العراق مما يعقد اكثر امكانية الوصول الى حل جذري لقضايا البلد وفي معظم الأحيان يكون في موقع المفعول به لا الفاعل فتتباين المواقف و ردود الأفعال الغير موزنة بشكل او آخرتعني الازدواجية في التصرف ، لذلك يجب ان نذكر دائما أن الاشياء التي يراها هذه السياسي ليست كما تبدو له ، عندما تكون قدرته على تحمل التبعات اقل من منافسيه عندّها فقط يأتي ضغط لتقديم التنازلات التي لا يقدر عليها في وضع آخروبسهولة .

السياسي يجب ان يحسب خيبة الخساره قبل ان يحسب لهوا المكسب لكى ينجح اي مشروع عنده ولذلك لتقدير الخساره وعمل الاحطياطيات لعدم حدوثها مرة اخرى اما اذا بقت في الذكر فهو ليس الا غباء منه ان يلوج بها ، يجب ان يعلم اين يضع قدميه قبل ان ينقلها ويضعها في مكان اخر وهل ما يقف عليها ارض ثابتة او رمال متحركه ويجب ان يعترف بقوته وقدرته انها لها حدود لا يتخطها الا بالتدريب وتزويد هذه القوه بالشحنات الممكنة للحفاظ على نفسها دون المساس بالاخرين .ويجب ان يكون متحوطا في كل افعاله لكي لا يلقي بنفسه فى بئر لا يخرج منه ولكن هناك اشياء تجبره ان يضحى من اجلها وان يفعل فيها ما بوسعه مثل محاولة تغير الفساد ومحاربته ومثل الوقوف فى وجه الظلم واشياء تضطره لرفع صوته عاليه و يجب عليه ان لا يزيد عن حجمه وان يعرف الى اى مدى يمكنه ايصال ردة الفعل الى ارض الواقع ويختلف من حيث الايقاع وزوايا الأحداث بشكل مستمر، فقد تكون ابطأ بشكل متعمد، لذلك يتم الاعتماد على التعبير عبر الكتابة التي تتسم بالوضوح و الموضوعية أكثر من الكلام .. وفي علم صناعة الأزمات أيضاً كذلك، فانّ الأزمات بحد ذاتها لا تسير دوماً في خطوط مستقيمة، لان قد يكون الخصم قويا و أكثر صلابة منه وصرامة ولديه في جعبته الامكانات الغير متوقعة، وسيقود سوء تقدير هذا الى الأضرار بك من حيث لا تدري، وعندما يقترف خصمك سوء تقدير مماثل فسوف يخسر الجانب الضعيف لانه لم يفهم العلاقات الثنائية أو حتّى التنبؤ بمساراتها المتعددة والمختلفة والمتباينة بين الجهتين ومنظومات عملها، والسؤال هنا: إلا يؤدي مثل هذا التقديرإلا الى المتاهات؟لان التقدير الخاطئ هو من اوصل الامور الى هذا الحد ورغم اتضاح معالم جميع المتغيرات الداخلية والخارجية إلا اننا نجد صانع القرار العراقي يسير على نفس الطريق الذي وصل بهذه البلاد لهذا الموقف غير المحسوب و لا يزال يعاني من القدرة على معالجة المسببات الداخلية الحقيقية التي افضت لضياع الامال و هذه الاخطاء الاستراتيجية تحتاج الى ان يقف صانع القرار على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقه محلياً واقليمياً ومن اهمها نجد ان الحكومة العراقية يقدمون باستمرار المبررات التي تدفع تلك الدول لزيادة تدخلها السلبي في العراق وخاصة امريكا راعية الارهاب في المنطقة رغم المعرفة الكاملة بالجرائم التي اقترفتها من قتل للابرياء وعدم التزامها بالاتفاقات بين البلدين ومن اهمها العقود التسليحية التي كان العراق بأمس الحاجة اليها لمقاومة الارهاب واستولت على مبالغ كبيرة اقلها هي 42 ملياردولار في القصور الرئاسية لصدام حسين والتي لا يعرف اين ذهبت هذة المبالغ في بداية دخول قواتها للعراق مما يعقد اكثر امكانية الوصول الى الاهداف الحقيقية للشعب العراقي ولكي تبقى الحكومة الحالية اداة مطيعة لسياساتههذه العنوان لايقبل به المواطن الشريف ويفترض ان يكون التعاون بين واشنطن وبغداد حسب الاتفاق الاستراتيجي المنعقد قائما على التصدي للارهاب الذي يستهدف أيضا المصالح الامريكية والعالمية ، وذلك بالتعاون المشترك بين البلدين وعدم التدخل في السياسة الداخلية والخارجية للبلد لا ان يقر السياسي باهانة شعبه لان في القرارات والمواقف عنده اصبحت فقط ، هو الحسابات والسياسات الشخصية والتي باتت محصورة في بقاء رأس الهرم العبادي للدورة الثانية والمحالة حسب كل التقديرات ومتسارعة لاطاعة قرارات الرئيس الامريكي دونالد ترامب . والعبادي کان واضحاً فی لقائه مع الرئیس الأمیرکي السابق باراک أوباما عام 2014 حین قال له “إنا لن أخرب علاقتي مع إیران لأن الآخرین یطلبون ذلك. عندنا صراع وجودی الآن فی العراق وإیران وقفت معنا فی صراع الوجود هذا ،فی الیوم الذی تعرضت فیه بغداد للتهدیدات الارهابية ، الجانب الأمیرکي أخذ یتردد فی حمایة بغداد وحماية قواتنا الأمنیة والمناطق التي وقعت تحت ظيم القاعدة وداعش” ، واشار “إلی أن الإیرانیین یعتبرون التهدید الذی یتعرض له العراق بمثابة تهدید مباشر لهم وهناك تشابك فی المصالح بین البلدین ” ،اذن ما الذي دفع الدكتور العبادي ليهرع لتلبية مطالبها في الخضوع للعقوبات على ايران دون التفكير بالعواقب ” موقف العراق تجاه العقوبات الامريكية المفروضة على ايران نابع من المصلحة العراقية العامة ولم يكن ارتجالياً او متسرعاً ” هذا في اخر بيان للعبادي ويبدو انه لا يتخلى عن موقفه السابق ، طبعاً هذا الموقف سوف سبباً في تفجر نزاعات محلية واقليمية برعاية دولية لايحمد عقباها ولا نهاية لها ولا مصلحة للعراق بها تزيد من المخاطر الكارثية التي تعانيها المنطقة وخاصة العراق على المستوى الأمني والاقتصادي والاجتماعي الذي يئن منها اساساً و.السياسة الامريكية تفرض تغييراً في العالم اليوم بعد ان انحرفت سياساتها عن مسارها ووقعت في أزمة مواجهة مع حلفائها في كل انحاءالعالم وخاصة اوروبا وليس في المنطقة فحسب ، لقد كانت السياسة الأميركية قبل الرئيس ترامب تدرك معنى كلمة حلفاء نوعما وتضع لها قيماً سياسية واضحة وخطوط حمراء لا تتجاوزها ببساطة. اما الرئيس الحالي دونالد ترامب فلا يعرف صديق انما يعرف كيف يستنزف اقتصاد الصديق وماله ويفتح أبواباً للصراعات في المنطقة التي تحتوى على ثلاثة أرباع مكونات الطاقة في العالم وتحتل دولها ثلث سكان العالم من الشباب و مشكلتها التي لا أحد يستطيع الخلاص منها وسوف تكون الولايات المتحدة الأميركية والغرب جميعاً أول من سيتأثربخيرات المنطقة و سوف يساهم في تضخيم التطورات والازمات والاتهامات الباطلة بدعم الأيديولوجيات المتشددة وخاصة في دول الخليج الفارسي وافغانستان و اليمن وبعض الدول العربية الاخرى .

عبد الخالق الفلاح – كاتب واعلامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here