قوة رئيس مجلس الوزراء، مستقلة بشخصه أم مكتسبة من غيره؟

علي فضل الله الزبيدي

أقول كما يقول كاظم الساهر، في إحدى أغانيه، (كثر الحديث عن التي أهواها)، ونحن نقول كثر الكلام عن منصب رئيس مجلس الوزراء، وألقي بطائل التهم على عمله وأدائه، وكثير ممن طالبه بأن يكون حازما” وقويا”، طوال المرحلة السابقة، إلا أن الأداء الحكومي ظل ضعيفا”، ولم تنجح حكومة العبادي إلا بتحقيق الإنتصار العسكري، لأن المنظومة العسكرية حازت على بعض الإستقلالية عن التأثير الحزبي، ونعود لسبب ضعف المنصب وليس شخص رئيس مجلس الوزراء،وقد يكون الضعف يعود لسببين: الأول_شخص رئيس مجلس الوزراء نفسه، الذي أخذ على نفسه، القيام بإصلاح منظومة السلطة التنفيذية، لتكون حكومة تكنوقراط، وتحجيم المحاصصة الحزبية(المطلقة) الغير مقيدة بأنظمة وتعليمات، ومحاربة الفساد المالي والإداري، ولم يوفق بذلك، لأن السيد العبادي كان متناسيا” هو ومستشاريه، إن صلاحيته وفق الدستور مقيدة وليست مطلقة، والإصلاح يحتاج لصلاحيات كبيرة تتناسب وحجم الوهن في المنظومة الحكومية، فلا يستطيع إقالة وزير،على سبيل المثال وليس الحصر، إلى بالرجوع للسلطة التشريعية، وهذا ما لايروق لأغلبية الكتل السياسية،وحتى كتل التحالف الوطني، وكذا الحال داخل مجلس الوزراء، فإن القرارات ومشاريع القوانين تصدر بالتصويت، وصوت الرئيس كصوت أي وزير داخل المجلس، لذلك قوة الممانعة الحزبية، في مجلس الوزراء والبرلمان، كانت أقوى بكثير من أمنيات السيد العبادي.

الثاني- يعود لضعف التحالف الوطني، الكتلة البرلمانية الأكبر، للدورة البرلمانية السابقة، التي من خلالها تم تريشيح رئيس مجلس الوزراء، وفق مباني الدستور العراقي النافذ، هذه الكتلة التي كان من المفروض أن تتحول إلى مؤوسسة، خاضعة لهيكلية تنظيمية، وتعمل وفق نظام داخلي، لا يتعارض وأحكام الدستور العراقي، إلا أن الخلافات التي مزقت بنيت التحالف الوطني، وجعلت منه مؤوسسة هزيلة وضعيفة، غاب عن التحالف وحدة الرأي، ولم تستطع أن تقف، مع توجهات مرشحها رئيس مجلس الوزراء، وهنا يتضح أنه لم تكن هنالك تفاهات وخارطة طريق مدروسة لعملية الإصلاح، من ورقة عمل مقدمة من شخص السيد العبادي، حازت على ثقة الكتلة الأكبر، لتوفر له الغطاء البرلماني للقرارات والقوانين التي يحتاجها في عمله الإصلاحي.

لذلك من المعيب اليوم مطالبة المختصين في الشأن السياسي والإسترتيجي، للبحث عن رئيس مجلس وزراء قوي وحازم ونزيه، دون أن نتعض من التجارب الماضية، والتي بينت إن قوة رئيس مجلس الوزراء، مكتسبة من كتلته البرلمانية الأكبر، ولا يملك الإستقلالية التي تؤهله بأن يكون قويا”، دون الرجوع للكتلة التي ترشح منها، فقوته بقوتها ووحدة رأيها، وضعفه يكون بضعف كتلته، وهذه حقيقة نظامنا البرلماني، الذي ظل رؤساء الكتل مصرين على إضعافه، بسبب عدم الجدية ببناء كتلة برلمانية، تقوم بدعم رئيس مجلس الوزراء، وأساس هذا الدعم، يقوم بمنحه صلاحيات لإختيار كابينته الوزارية دون ضغوط، يكون بها مسؤولا” أمام كتلته، قبل أن يكون مسائل من قبل كتلة المعارضة البرلمانية الحقيقية، التي ظلت غائبة طوال الدورات البرلمانية الثلاث السابقة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here