المتنفذون والكتلة الاكبر

مرتضى عبد الحميد
يحتدم الصراع حالياً بين معظم الكتل الفائزة للحصول على الجائزة الثمينة التي يمثلها منصب رئيس الوزراء، وما يمتلكه من صلاحيات واسعة جدا، تجعل اكثر المتنفذين تواضعاً يسيل لعابه، ويتحسس جيوبه، واعداً إياها بالامتلاء سريعاً، هو و (الحبربش) المحيطين به وغير المحيطين بذلك الحزب، او هذه العشيرة او الطائفة. ولكي يكون الانصاف حاضراً، لا بد من الاعتراف بأن البعض حقق انجازات لا يستهان بها. فالسيد العبادي، وقت قيادته إنتصر العراقيون على داعش ومن يقف وراءها، وأعاد ذلك الامل او جزءاً منه في الأقل للشعب العراقي. وكان متوقعاً منه معالجة الملفات الاخرى، لما فيه مصلحته وتحقيق طموحاته، الا انه لم يتحرك أبعد من ذلك، كمن اختار الوقوف في منتصف الطريق او كالذي لديه هواية الامساك بالعصا من وسطها، الامر الذي ادى الى التدهور في كل شيء، والاقتراب حينا من الهاوية. لا سيما وان الفاسدين والفاشلين ورجال الصدفة كانوا قد زينوا الامر له، وبذلوا المستحيل من اجل البقاء في النفق المظلم الذي تزداد عتمته طالما ظل نهج المحاصصة سائداً كما هو الحال الآن.
الملفت للنظر انه حتى العناصر الفاسدة في العراق تختلف عن مثيلاتها في البلدان الاخرى. فهي اكثر سوءاً وأقل ذكاءاً لأن اولئك الفاسدين يفهمون المثل العربي القائل: الظلم اذا دام دمّر .. افضل من العرب انفسهم، ولهذا تراهم لا يسرقون الجمل بما حمل، كما يفعل الذين ابتلينا بهم. وانما يتركون جزءاً صغر ام كبر لأبناء جلدتهم، ويحققون لهم بعض الانجازات وان كانت صغيرة، مدركين انها تخفف او تضعف الاحتقان الاجتماعي، حفاظا على مصالحهم وسعيا لديمومة بقائهم في السلطة والتنعم بخيراتها.
في عراقنا الكليم، يستحوذ الفاسدون وفاقدو الضمير على كل شيء ولا يتركوا احيانا حتى الفتات، رافعين شعارهم الاثير (إنهب، إنهب، حتى تحين ساعة الهرب!) معتمدين في الاساس على تزييف وعي الناس وحشرهم في صندوق الخداع والدجل والطائفية، متلفعين برداء التقوى حيناً، وبالنفاق السياسي حيناً آخر.
وكان البعض من حسني النية يتصورون ان هؤلاء سيعودون الى جادة الصواب، حالما تتضح لهم اخطاؤهم وخطاياهم. لكن تجربة الخمسة عشر عاماً الماضية، اثبتت للجميع، بمن فيهم اكثر الناس سذاجة، ان الأبالسة لا يمكن ان يتحولوا الى ملائكة، ولا اللص المحترف الى رمز للفضيلة!
لقد استنفر هؤلاء الفاسدون، أعداء الكفاءة والنزاهة كل امكاناتهم، ووظفوا كل جهودهم لوأد العنصر الجديد الذي أطلّ على المشهد السياسي العراقي في الانتخابات الاخيرة، ومثّل للعراقيين بارقة أمل، قد تساعد في انقاذهم وتقليص حجم الخراب الذي يعيشونه، ونعني تحالف “سائرون” العابر للعنة الطائفية، وللمال السياسي وشراء الذمم، رغم ان الجماهير وضعته في المرتبة الاولى.
ان المحاولات المحمومة مستمرة لتشكيل الكتلة الاكبر من قوى عفا عليها الزمن، اقترفت ما اقترفت بحق الشعب العراقي، فيما سيظل تحالف “سائرون” عنواناً ورمزاً للاصلاح والتغيير سواء شارك في الحكومة او انتقل الى المعارضة.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here