تقرير امريكي: عراقيون ينقلون الدولارات الى ايران عبر البِغال

قالت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية إن قرار إدارة الرئيس دونالد ترامب بإعادة فرض العقوبات التجارية على إيران من شأنه أن يؤثر بالسلب على العراق المجاور، بعد أن كبّد المستثمرين خسائر كبيرة في وقت يواجه فيه حليف واشنطن في المنطقة اضطرابات واسعة بسبب الظروف الاقتصادية الصعبة.
وتستهدف العقوبات مشتريات إيران في قطاع السيارات والنقل فضلًا عن نشاطاتها التجارية ومشترياتها من الذهب والمعادن الأساسية الأخرى.
وذكرت الصحيفة في تقريرها المنشور على موقعها الالكتروني، الأربعاء، أن تعثّر الاقتصاد العراقي على خلفية هجمات داعش منذ 2015 دفع طائفة كبيرة من العراقيين لوضع ملايين الدولارات في البنوك الإيرانية، التي كانت تقدم بدورها أسعار فائدة عالية بعد اتفاق طهران النووي مع واشنطن.
وأشارت إلى أن العديد من العراقيين استخدموا البِغال لنقل آلاف الدولارات إلى إيران لتجنب القوانين التي تنظم كمية الأموال التي يمكن إخراجها من البلاد.
والآن، ومع انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وتجديد العقوبات التجارية على إيران، انخفضت قيمة الريال الإيراني إلى أدنى مستوياته التاريخية، ما أصاب المستثمرين بالذهول والصدمة، وفق الصحيفة.
يقضي الاتفاق بأن تكبح إيران نشاطاتها النووية المثيرة للجدل مقابل تخفيف العقوبات المفروضة عليها. بيد أن ترامب يقول إنها كانت “صفقة فظيعة من جانب واحد”.
وأعلن أن ما سمي بـ “شروط انقضاء فترة سريان الاتفاق”، التي بموجبها ستبدأ التحديدات المفروضة على البرنامج النووي الإيراني بالانقضاء، غير مقبولة، وأنها لم تتعامل مع برنامج الصواريخ البالستية الإيراني، كما فشلت في إيقاف “سلوك إيران الخبيث” في دول مجاورة بضمنها سوريا واليمن.
واعتبرت الصحيفة أن الأزمة المالية العراقية تعد مثالًا صارخًا على حقيقة أن “احتدام التنافس بين طهران وواشنطن يمكن أن يؤدي إلى زعزعة استقرار العراق”، الذي يواجه بالفعل حالة واسعة النطاق من الاستياء العام الناجم من ضبابية المشهد الاقتصادي وتصاعد القلق، بسبب توقف عملية الانتقال السياسي الذي تمتلك فيه الولايات المتحدة وإيران حصة كبيرة.
وتابعت “تداعيات إعادة فرض العقوبات على إيران توضح أيضًا حقيقة أن الرفاهية الاقتصادية للعراقيين العاديين ترتبط ارتباطًا وثيقًا بسوق إيران أكثر من ارتباطها بالولايات المتحدة، التي نادرا ما تشعر بتأثيرها في الحياة اليومية للعراقيين”.
وأثارت إعادة فرض العقوبات الأمريكية التجارية على إيران، الأسبوع الماضي، نقاشًا عامًا شرسًا في كلٍ من بغداد وطهران بسبب اضطرار العراق للالتزام ببنود تنفيذ العقوبات رغم أن العراق هو شريك تجاري رئيسي لإيران.
ويُحتمل أن تفرض واشنطن عقوبات أكثر إضرارًا بالاقتصاد الإيراني في 5 نوفمبر المقبل على مشغلي الموانئ الإيرانية والطاقة وقطاعات النقل البحري وبناء السفن، التحويلات المالية المتعلقة بالنفط الإيراني، والتعاملات المالية لمؤسسات أجنبية مع البنك المركزي الإيراني.
كان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، أعلن في بداية الأسبوع الماضي معارضته لفرض العقوبات من حيث المبدأ ولكن ليس أمامه خيار الآن سِوى احترامها. الأمر الذي أثار رد فعل عنيف في الداخل وفي إيران، حيث دعا حلفاء طهران في العراق للإقرار بأن “العقوبات خيانة”، لاسيّما بعد دعم إيران للعراق في حربها ضد داعش.
وبالنسبة للعديد من العراقيين، فإن الأزمة تبدو أقل أقل فلسفية وأكثر واقعية. منذ أعلن ترامب انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، فقد الريال الإيراني ما يقرب من 50 في المائة من قيمته مقابل الدولار.
ويتوقع المحللون أن يواصل الريال الإيراني خسارته في نوفمبر، مع دخول الجولة الثانية من العقوبات الأمريكية على مبيعات النفط حيز التنفيذ. ي
قول بيجان خاجيهبور، الخبير في القطاع المصرفي الإيراني، إن “عامل الجذب الرئيسي للاستثمار في البنوك الإيرانية هو معدل سعر الصرف الثابت نسبيًا، والذي انهار الآن”.
ويُحمّل بعض المحللين المستثمرين العراقيين المسؤولية. “القانون لا يحمي المُغفّلين”، يقول باسم جميل أنطوان، خبير اقتصادي عراقي، موضحًا أنه “يستحيل معرفة عدد العراقيين الذين يضخّون أموالهم في البنوك الإيرانية، لأنها كانت تجري في الغالب بطريقة غير قانونية بتهريب الأموال عبر الحدود”، وفق قوله.
أما كريم سادجادبور، خبير إيراني من مؤسسة كارنيجي للسلام، فيلفت إلى أن “أسعار الفائدة الفلكية التي تقدمها البنوك الإيرانية ظلت لفترة طويلة مُجرد سراب”. ويقول”عندما تاخذ في الاعتبار مدى حساسية البلاد للتضخم المرتفع أو تخفيض قيمة العملة الإيرانية، فإن وضع مبالغ كبيرة في البنوك الإيرانية يمقل رهانًا خطيرًا”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here