التجربة العراقية

يرى الكثيرين أن التجربة الديمقراطية في العراق ما بعد 2003 قد فشلت بنسبة 100% ، وبحجة وضع البلد اليوم لا يسر صديق ولا عدو ، دمار قتل فوضى،صورة غامضة ومشوهة جدا لبقية للكل و دول العالم الأخرى ، وحتى بعض الدول تخشى أن يكون لديه تجربة مثل تجربة العراق ، وشعوبها ترضى بحكمها رغم معاناتهم القائمة أفضل بكثير من تجارب الآخرين المدمرة .
في حين يجد البعض أن التجربة الديمقراطية نجحت نجاح باهر في بعض الدول ، وتعيش هذه الدول في وضع يحسد عليه ، استقرار ازدهار تقدم في مختلف النواحي ، الجميع يعيش في مجتمع متفاهم جدا ، احترام متبادل تعايش سلمي ، مثل ما يقال موسى في دينه وعيسى في دينه ، القانون فوق الكل ، لا يستثني احد مطلقا، حقيقة حياة كريمة أو صورة يصعب وصفها ، لذا اغلب الشعوب ترغب بالعيش هناك والهجرة من أوطانهم ، وهذه الدول المقصودة من الحديث هي الدولة الأوربية .
لو سلمنا لهذا الرأي ونقول فعلا البلد بحاجة إلى تغير النظام إلى نظام أخر , هل سيكتب له النجاح ؟ أو بأي وسيلة أو طريقة نغير النظام الحالي ، والاهم من سيغير النظام ، ومن غيره في الفترات السابقة ، وبعد 2003 كتجربة قريبا وما زال البلد يعيش بيه .
في البدء وكما يعلم الجميع لا يكتب النجاح لأي نظام مهما يكون نوعه ، أو حتى لو كان يعبر عن رغبة الغالبية في هذا النظام ، مع الأخذ بعين الاختلافات في مجتمع مكون من عدة طوائف ومكونات ، والكل لديه عادات وتقاليد اجتماعية وتوجهات مختلفة، إذا ما تحققت عدة أمور منها ، الاستقرار السياسي والاقتصادي و الأمني ، دولة ومؤسساتها في قمة القوة والتنظيم ، جهاز أو سلطة قضائية مستقلة محترمة من الجميع ، قراراتها لا يعلى عليها تفرض على الكل وفق والتشريعات القانون ، شعب واعي مثقف ، والاهم عاشت التجربة الديمقراطية بشفافية عالية وبحرية التعبير عن الرأي ، دون ضغوط وتهديد ووعيد ، الكفاءات و الخبرات الوطنية محترمه ومقدرة من قبل الحاكمين ، وهم أصحاب المناصب العليا والقرارات المهمة للبلد ، والتأثيرات الخارجية قد يكون موجود لكن بنسبة قليل أو معدومة نهائيا .
هذه الظروف أو مقومات نجاح إي نظام توفرت في التجربة العراقية الجديدة ، و قبلها البلد طوال قرن تقريبا لم يشهد استقرار في مختلف النواحي , وما شهدنها بعد 2003 وليومنا هذا معروف من أهل الخارج قبل أهل الدار ، تسلط أحزاب لا تعرف المعنى الحقيقي للديمقراطية ، سخرت كل ثروات وخيرات العراق له من اجل السلطة والنفوذ ، وحتى مؤسساتها لم تنجو منها،والكفاءات والخبرات الوطنية أبعدت عن المناصب العليل والدنيا،والأصح هجرت إلى الخارج ولأسباب معروفة ، والقوانين تشرع وفق مصالحهم،الأيادي الخارجية تصول وتجول في ارض الرافدين ، و تتدخل وتتوافق مع الآخرين في تسمية رئيس الوزراء ، كيف سينجح أي نظام في العراق في ظل هذا التدخل السافر ولا يتوافق مع مصالحهم .
ما تغير في العراق بعد السقوط مجرد من حكم الحزب الواحد والقائد الضرورة ، إلى أحزاب عدة والى قادة الجميع يدعي انه القائد الضروري للبلد,ولو توفرت لنا مثل ظروف أوربا اليوم نكون في أحسن حال وصورة ، لكن هذا الأمر لم يتحقق في كل الفترات السابقة والحالية ,وقد يتحقق للأجيال القادمة .

ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here