الحكومة وعدم تحديد المسؤولية .

حيدر البخاتي : 15/8/2018

المسؤولية هي إحدى القيم، التي يقود تأديتها إلى النجاح، في الحياة وعلى كافة المستويات والصعد ، وهي قيمة إنسانية نبيلة وسامية، لها تأثير إيجابي على الفرد نفسه، فتنعكس على المجتمع ، كالاحساس بالمسؤولية الإنسانية عند الطبيب ، والإحساس بالمسؤولية الدينية عند رجل الدين إتجاه المجتمع ، وتحمل المسؤولية الإدارية من قبل مدير شركة أو دائرة ما ، وتحمل المسؤولية إنما هو تحمل مسؤولية الفرد لاعماله سوى كانت خيرا أم شرا .

أن تحديد المسؤولية يجعل من يتصدى لها، تحت دائرة الضوء وتحت رؤية الجميع، الأمر الذي يحتم عليه إتمام هذه المسؤولية بأحسن وجه، كون نجاحه أو فشله هو ظاهر للجميع، أو بالأحرى يراه الجميع ، الذي يتصدى للمسؤولية يجب أن يتحلى بالشجاعة والجرأة،أولا في تحمل هذه المسؤولية وانجاحها، وثانيا في الاعتراف بالفشل حين الفشل،

ما نراه في أغلب مفاصل الدولة، هو غياب لهذه القيمة ، لا نجد من يتحمل المسؤولية بمعناها الحقيقي الجلي .

نعم الكثير يقاتل ويزاحم في الحصول على المناصب، لكن هذا من أجل الامتيازات والسلطة والجاه لا غير، وعند الإخفاق أو الفشل، يختلق ألف عذر لتبرير هذا الفشل، كي يتملص من تحمل مسؤولية فشله، والطامى الكبرى هي عدم تحديد مسؤولية واضحة في إدارة أي ملف ، بل توجد فوضى وعشوائية في كل مفصل من مفصل الدولة، فلو نأخذ مثال بسيط على عدم تحديد المسؤولية عند رؤية هيكل مدرسة غير مكتمل البناء، في حي سكني بحاجة إلى مدرسة ثانوية، والسؤال الذي يطرح نفسه، من المسؤول عن البناء؟ فأول ما يتبادر إلى ذهنك أن مديرية التربية هي المسؤولة عن عدم إكمال البناء ، وعند سؤال مديرية التربية يأتيك الجواب أن المسؤول عن البناء، هي المحافظة وعند سؤال المحافظ ، تجد الجواب بأن المقاول هو المسؤول ، وعند سؤالك عن المقاول، سيقال لك أن المقاول سرق الأموال المخصصة للمدرسة، وهرب إلى حيث لا نعلم ! والأمثلة كثيرة حول هذا الموضوع .

السبب الرئيسي في فشل الكثير من المشاريع، و الإدارة السيئة لكثير من الملفات، كالخدمية أو الإنتاجية او الأمنية، هو التداخل والتشابك الكبير في المسؤوليات، والتي تعطي الخمول وعدم الرغبة في النجاح من جانب، وإيجاد غطاء يبرر الفشل من جانب آخر، بحجة أن الجميع يتحمل المسؤولية، و الجميع يتحمل الفشل أيضا.

وهنا تهدر الأموال والطاقات، وتعطل العقول والخبرات، وتكون بيئة جيدة لنمو مستعمرات الفساد وازدهارها، فقط تصل إلى الذروة في النمو والتكاثر، وامتلاك المقاومة لكل مضادات الفساد،

حيث تدخل الدولة في دوامة لا متناهية، من التسويف والتلكؤ ولا تستطيع تقديم منجز متقن، ويحضى برضى المواطن ، وأيضا لا تستطيع أن تحدد من المسؤول المباشر عن هذا الإخفاق، نتيجة التداخل الكبير في المسؤوليات وعدم تحديد المسؤولية، والمثل الشعبي يقول ( السفينة اللي تكثر ملاليحها تغرق )

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here