مجتمعات كاتلها الهبري!!

كاتلها: قاتلها
الهبري: الفقر والعوز الشديد والفاقة
“كاتلها الهبري” تعبير دارج ومعناه كما مبين أعلاه.
ومجتمعتنا في حقيقتها ينطبق عليها هذا التوصيف لأنها لا تزال في محنة توفير الحاجات الأساسية , التي تجاوزتها مجتمعات الدنيا المتقدمة منذ منتصف القرن العشرين وربما قبل ذلك بعقود.
فالدنيا منشغلة بالإضافات النوعية الأصيلة والإختراعات والإبتكارات , ونحن لانزال في معضلة أزمات السكن وشحة المياة وإنعدام وسائط المواصلات الحديثة , والرعاية الصحية البائسة والمدارس التي لا تصلح زرائب للحيوانات , وأزمات كهرباء وبطالة وتصريف مياه ونفايات , والفساد تفوح رائحته في جميع الدوائر والمؤسسات.
وأموال النفط تأتي وتستقر في جيوب النهابين والمتاجرين بالعباد والبلاد , وتُهدر في ما يضر الناس ولا ينقعهم , بل وتشتري الأسلحة اللازمة لقتلهم وترويعهم وتهجيرهم والإستحواذ على ممتلكاتهم وحقوقهم.
مجتمعات الدنيا المتقدمة تتنافس على إستعمار القمر والمريخ , وتتسابق على بناء البيوت على سطح المريخ وإطلاق الحياة فوقه , والهيمنة على الفضاء فما عاد الوجود أرضا وماءً , وإنما الفضاء صار سوح صراع وعلى القوى أن تتمسك به وتفرض إرادتها عليه.
ومجتمعاتنا تنبش القبور وتنشغل بحل مشاكل العصور , ولماذا فلان لم يصبح خليفة بعد فلان , وأن ما مضى زيف وإختلاق , وعلينا أن نعيد رسم خارطة الويلات وفقا لآليات الإستعباد الجديدة للبشر المرهون بأدعياء الدين , والذين تجزرهم العمائم وتمتص رحيق وجودهم , وتتركم كالعصف المأكول لينالوا جنات النعيم التي بها يوعدون.
المجتمعات تسعى فوق التراب ومجتمعاتنا تندس في أعماق التراب , ومجتمعات الدنيا فرحة مبتهجة ومجتمعاتنا منشغلة باللطم والبكاء , وتحتفل لدفن شبابها وقرائة الفاتحة على موتاها , ولا هم لها غير التقاتل فيما بينها وفقا لما يُضخ في رؤوسها من نفايات البهتان وأضاليل الإمتهان.
ولهذا فمجتمعاتنا ” كاتلها الهبري” , وهي لا تقوَ على إطعام نفسها وإنتاج حاجاتها الأساسية , وتعتمد على الآخرين في كل شيئ , فهي مجتمعات متسولة وعالة على غيرها , ولولا النفط اللئيم لإنقرضت قبل حين , فالنفط يساهم في بقائها وفنائها الأليم.
تلك حقيقة مجتمعاتنا التي أصابها الإنحطاط الشامل الكامل , في زمن إرتقت فيه مجتمعات الدنيا وتقدمت , وتسلقت سوامق الوجود وإخترقت الفضاء وتفاعلت مع الكواكب والأجرام من حولنا , ونحن لا نزال نعيش في متاهات الغوابر ونتدثر بأجداث العصور.
فهل من نداء لبيب ونهضة إدراكية , وقدرة على صناعة الحياة بعقل منير وهمة ذات عزم كبير؟!!
د-صادق السامرائي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here