نُـعـمـى الـغـرق

نُـعـمـى الـغـرق

يحيى السماوي

قـبـل أنْ تُـدخِـلـنـي فـردوسَـهـا الأرضِـيَّ ” إيـنـانـا ”

وتـرضى بـيَ نـاطـوراً إذا عَـسْـعَــسَ لـيـلُ الـخِـدرِ

والـفـلاحَ فـي بـسـتـانِ واديـهـا

إذا الـصـبـحُ إئـتـلـقْ

*

قـالـتِ :

الـعـشـقُ مـواثـيـقُ

فـلا عـشــقٌ إذا لـمْ تـحـفـظِ الـمـيـثـاقَ مـا أشـرَقَـتِ الـشـمـسُ

ومـا آذنَ بـالـنـجـمِ الـغَـسَــقْ

*

لـيْ تـعـالـيـمـي الـتـي أوصـى بـهـا

ربُّ الـفـلَـقْ :

*
لا تـكـنْ ذِئـبـاً عـلـى الـظـبـيـةِ والـظـبـيِ

ولا سَــبـعـاً عـلـى الــشــاةِ

ولا إنْ شَــبَّـتِ الـنـارُ وَرَقْ
*

ومُـبـيـعـاً ذهَــبَ الـعــشــقِ إذا جُـعْــتَ

بـصـحـنٍ مـن شَــبَـقْ

*

لـسـتَ مـن مـمـلـكـتـي

إنْ كـنـتَ تـخـشـى مـتـعـةَ الإبـحـارِ

خـوفـاً مـن غَـرَقْ

*

وتـغـضُّ الــطَّـرفَ عنْ شــوكٍ يـقـي وردَكَ

مـنْ مُـبـتَـذَلٍ إنْ ” ظـفـرَ ” الـودَّ

فَــسَــقْ

*

لا تـمُـدِّ الـيـدَ لـلآفِـكِ والـمـنـبـوذِ

والـكـامـلِ نـقـصـاً

وسَــفـيـهٍ ذيْ مـجـونٍ وحَـمَـقْ

*

ولـئـيـمِ الـجـذرِ والـغـصـنِ

فـإنَّ الـغـصـنَ نـسْـلُ الـجـذرِ ..

هـلْ يُـثـمِـرُ غـصـنٌ فـاســدُ الـجـذرِ كـرومـاً وحَـبَـقْ ؟ (*)

*
كُـنْ عـلـى الـجـاحـدِ ســوطـاً ..

ونـدىً لـلـوردةِ الـعـطـشـى ..

وإنْ أظـلـمَ دربٌ

كُـنْ ألـقْ

*

وكُـنِ الـعُـكّـازَ لـلـمـكـفـوفِ ..

والـدُّمـيـةَ لـلـطـفـلِ ..

وعُــشَّــاً لـلـعـصـافـيـر ..

ولـلـصـحـراءِ إنْ أعْـطَـشَـهـا الـقـيـظُ وَدَقْ (**)

*

واحـذرِ المُـرخِـصَ مـاء الـوجـهِ مـن أجـلِ بـريـقٍ زائـفِ الـلـمْـعِ

ووَغْـدٍ يـحـسَـبُ الـحِـيـلـةَ والـلـؤمَ حَـذَقْ

*

إنَّ ثـوبـاً مـن حـريـرِ الـذلِّ

أبـهــى مـنـه فـي الـعِـزِّ رداءٌ مـن خِـرَقْ

*

ورغـيـفَ الـتّـبـنِ

أشـهـى لأبـيِّ الـنـفـسِ مـن خـبـزِ الـمَـلَـقْ

***

***

أنـا يـامـولاتـيَ الـربَّـةُ ” إيـنـانـا ” كـمـا الـرَّنـدُ

يـنـثٌّ الـعـطـرَ

إنْ كـرَّ عـلـيـهِ الـجـمـرُ يـومـاً

فـاحـتـرقْ

*

وربـيـبُ الـطـيـنِ

لا أمـنـحُ لـلـجـذرِ إذا شــذَّ عـن الـنـبـضِ

عَـلَـقْ

*

وأنـا الـسَّـهـمُ إذا مـن شـرفـةِ الـقـوسِ

الـى خـاصـرةِ الـشـيءِ انـطـلـقْ

*

فـابـعـثـيـنـي بـتـعـالـيـمِـكِ فـي الـعـشــقِ رســولا ..

لـيـسَ عـشــقـاً حـيـن لا يَـفـتـحُ بـابـاً مُـسـتـحـيـلا ..

فـامْـطـري صـمـتـي هَـديـلا ..

ربَّ حِـيـنٍ يـعــدِلُ الــدَّهــرَ الـطـويـلا ..

وطـويـلِ الـدَّهـرِ يـغـدو بُـرهـةً لا تُـسْـتـرَقْ
*

أرْضَـعَـتْـنـي لَـبَـنَ الإنـصـافِ أمـي

وأبـي عـلَّـمـنـي أنَّ ألَـذَّ الـخُـبـزِ

مـا يَـعْـجِـنُـهُ مـن جـبـهـةِ الـكَـدِّ عَـرَقْ

*

فـإذا زغـتُ عـن الـعـهـدِ

أكـونُ الإبـنَ بـالأمِّ وبـالـوالِـدِ عَــقْ

*

فـاقـبـلـيـنـي ســنـدبـاداً سَــومـريّـاً

يـسـألُ الـلـهَ إذا أبـحَـرَ فـي بـحـرِكِ أنْ يـرزقـهُ :

نُـعـمـى الـغَـرَقْ

***
أديلايد 17/8/2018

***
(*) الحبق : بفتح الحاء والباء : الريحان .

(**) الودق : المطر بنوعيه الشديد والهيّن .
(***) الحِين بكسر الحاء : وقت من الدهر قد يكون عدة سنين ، وقد لا يزيد على شهرين ـ وليس الدهر كله . والحَين بفتح الحاء : الهلاك . ومن معانيه يوم القيامة .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here