حكومة الأخوان المسلمين التركية نحو الهاوية

اذا كانت العقوبات الأقتصادية الأمريكية التي فرضت على ايران واضحة و صريحة و تهدف الى اضعاف النظام الحاكم في ايران و بالتالي سقوطه و انهياره تحت ضربات الأحتجاجات الجماهيرية الجائعة و الغاضبة و المطالبة بالعمل و القوت و الحريات الشخصية للمواطنين فأن نظام الأخوان المسلمين في تركيا هو الآخر بدأ بالأنكماش و التدهور الأقتصادي حين انهارت العملة الوطنية ( الليرة ) نتيجة لحصار اقتصادي امريكي من نوع آخر تمثل في زيادة التعرفة الجمركية على العديد من المنتوجات التركية ما ادى الى ارتفاع اسعارها و بالتالي خروجها من المنافسة التجارية و تكدسها في الأسواق و كسادها .

عادة ما تكون العدوانية صفة ملازمة للأنظمة الدينية و على الرغم من ان تركيا لم تظهر فيها ملامح التشدد الأسلامي بعد فمازالت الحانات و المراقص و اماكن اللهو و شواطئ السباحة منتشرة و عامرة بالرواد و لم تشهد انحسارآ او تقليصآ في انشطتها الا ان وجود حكومة الأخوان المسلمين التي يترأسها ( اردوغان ) تشكل قلقآ و هاجسآ مؤرقآ للكثير من الدول الأوربية و امريكا خاصة وان الحرب الأهلية السورية قد كشفت الملامح الحقيقية للحكومة التركية من خلال دعمها السخي للفصائل السورية المسلحة المعتدلة منها او المتطرفة فقد كانت تركيا الممر الآمن و الطريق السالك الذي تدفق عبره الالاف من مقاتلي القاعدة و داعش الى الداخل السوري و كانت المعسكرات التركية تقدم الدعم العسكري و الطبي للمقاتلين المعارضين ( السوريين ) و كذلك كان الجرحى من اولئك المقاتلين يتلقون العلاج في المشافي و المصحات التركية .

كانت الحرب الشرسة التي يشنها الحكم التركي على الشعب الكردي قد تخطت اراضي الدولة التركية و عبرت الحدود تلاحق فصائل المقاومة الكردية التي التجأ قسم منها الى كردستان العراق و قامت بدك و قصف القرى و البلدات الكردية الآمنة بحجة وجود مقاتلي حزب العمال الكردستاني هناك و لم تكتف بذلك بل اجتازت القوات التركية الحدود السورية و احتلت عدة قرى و مدن سورية و كان ابرزها مدين ( عفرين ) حيث الغالبية الكردية من السكان و تحت ذريعة واهية و مظللة و هي ملاحقة وحدات حماية الشعب داخل الأراضي السورية .

لم تختلف الطبيعة العدوانية و التي تجمع الأنظمة الفاشية الدينية و تلك هي التي تميز بها نظام الأخوان المسلمين التركي الذي ادخل البلاد التركية في ازمات و مشاكل كان آخرها التدخل السافر و الفظ في الشأن السوري الداخلي من خلال فتح الحدود و تقديم التسهيلات للفصائل المسلحة او من خلال التدخل العسكري المباشر و احتلال اجزاء واسعة من الأراضي السورية او تسهيل دخول الأرهابيين الى العمق السوري و تقديم الدعم و التمويل اللازم لهم .

كانت الحرب الأهلية السورية بالنسبة الى الحكم التركي الفرصة الوحيدة و الثمينة و التي من خلالها امكن له ان يكون لاعبآ اساسيآ في تلك الحرب خاصة و ان العديد من الفصائل المسلحة للمعارضة السورية تتواجد على الأراضي التركية و للحكم التركي السلطة الكاملة على تلك الفصائل التي تأتمر و تنصاع لأوامره و تعليماته و اصبح التفاوض مع الفصائل المعارضة يتم مع الجانب التركي عندها تغلغل الغرور و تسلل الى اعماق مسؤولي الحكومة التركية التي توهمت كبر حجمها و تضخمه بيث يسمح لها ان تتحدى الدول الكبرى ان اسقطت الطائرة الروسية و قتل احد طياريها فكانت تلك الواقعة او الصفعة التي اعادت الصواب الى الحكومة التركية و حقيقة وزنها و الدور المحدود الذي يمكن ان تقوم به و حسب امكانياتها ليس اكثر .

عاد التباهي و الغرور يداعب مخيلة قادة حكومة الأخوان المسلمين التركية ثانية عندما هاجمت القوات التركية الغازية قوات سوريا الديمقراطية الحليف القوي للولايات المتحدة و كان هذا الهجوم بمثابة رسالة تحذير للحكومة الأمريكية و قواتها المتوجدة في سوريا ان لا خطوط حمراء و لا سواتر او خنادق يمكن لها ان توقف تقدم القوات التركية بأتجاه القرى و المدن الكردية و كان ذلك التحدي التركي امرآ غير مقبول و لا يمكن للأدارة الأمريكية التغاضي عنه الا ان الحكومة الأمريكية انتضرت الوقت المناسب و تسدد الضربة المؤذية للأقتصاد التركي و كان هبوط و انهيار العملة الوطنية هو المؤشر على تداعي الأقتصاد التركي و انكماشه .

منذ استيلاء الأخوان المسلمين على الحكم في تركيا و السياسات العدوانية للحكومة التركية في تصاعد مستمر ان كان ذلك على الصعيد الداخلي في الحرب المستمرة على الشعب الكردي او تلك التي عبرت الحدود من خلال التدخل العسكري المباشر في العراق و سوريا في احتلال اجزاء من هذين البلدين او من خلال التدخل غير المباشر المتمثل في دعم الجماعات المسلحة المناهضة للحكم السوري المعتدلة منها و الأرهابية على حد سواء و دعمها بالسلاح و المؤن و الأيواء و هذه الأنظمة الدكتاتورية و التي تتستر بالأنتخابات غطاءآ و برقعآ يخفي حقيقة استبدادها و تفردها بالحكم لم يعد لها مكان في الخارطة السياسية الجديدة التي ترسم في المنطقة التي يراد لها ان تستقر و تهدأ و بوجود هذه الأنظمة ان كانت الأيرانية او السعودية او التركية لا يمكن للأستقرار و السلام ان يعم المنطقة فكان لابد من اجتثاثها و استئصالها و هكذا سوف يكون عاجلآ او آجلآ و ان غدآ ليس ببعيد .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here