الهجرات العربية بأتجاه الشرق قديما !

الهجرات العربية بأتجاه الشرق قديما ! حضرموت ودورها المحوري في نقل الثقافة الاسلامية الى ممالك جنوب شرق آسيا ! – ح 16 * الحلقة الاخيرة !

د. رضا العطار

قلنا في الحلقة السابقة بان الهجرات الاسلامية المتعاقبة الى ممالك الهند الصينية، كانت هجرات جارفة حملت الاعداد الغفيرة من ابناء العروبة الى اوطان بعيدة اتسمت بيئتها بالامن والامان والتمتع بشهرة المقام، اذ فسحت تلك الممالك المجال امام القادمين كي ينعموا بالأستقرار وراحة البال. والحياة الكريمة، وأظهرت لهم تلك الاوطان روح التسامح العقائدي. فأصبحوا بمرور الزمن شعبا كاملا على كثرتهم. لكن تلك الجماعات وبضمنهم الاسر العلوية التي حالفها الحظ ان تفلت من قبضة الحكام الظلمة في اوطانهم القديمة، بدأت الآن تذوب تدريجيا في المجتمعات الكبيرة مع مرور الزمن، حتى انتهوا اخيرا في غيبة ابدية. فلم يعرف الاحفاد عن جذور ابائهم واجدادهم في الوطن الام شيئا, مثلما لم يبقى لهم من الماضي الا شبح الذكريات.

ومقابل هذه الخسارة البشرية الفادحة التي المت بشعوب الهلال الخصيب بفقدهم الافذاذ من ابنائها, كانت الجهود المخلصة لهؤلاء الرواد في نشر العقيدة الاسلامية في اقطار الهند الصينية باسلوبهم السلمي المشوق، قد اعطت ثمارها, وان هذا الحدث ان دل على شئ انما يدل على وظيفة دينية وحضارية واجتماعية كبرى في ازمانهم وما بعدها, هؤلاء جميعا نسجوا في صبر طويل وعمل دؤوب نسيج ذلك العالم الاسلامي الواسع الذي شكل بعدئذ الجناح الشرقي من جسم الامة الاسلامية.

والجدير بالذكر ان الاسلوب الذكي في نشر العقيدة، لاقى قبولا و استحسانا منقطع النظير لدى تلك الامم لا على الصعيد الشعبي فحسب وانما على الصعيد الرسمي كذلك وكانهم ادركوا ان ( ذلك الدين القيم ) قد ولد تحت شمس التاريخ المحقق. انها كانت انجازا رائعا ومشكورا, اعطت نتائج باهرة منيرة, علما ان عدد المسلمين قد تزايد وتضاعف, فبعد مضي قرنين من الزمن, اضحى تعداد المسلمين في اندونيسيا وحدها يقدر بثلاثمئة مليون مسلم ـ ـ ـ نعم انهم بنوا بعملهم الجليل هذا مجدا شامخا للنهضة الاسلامية، سجله التاريخ لهم بقلم من ذهب, حقا انها كانت ملحمة ليس لها نظير في تاريخ الاديان.

* مقتبس من كتاب دائرة المعارف الاسلامية الشيعية لحسن الامين بيروت 1990

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here