وقفة صراحة : لا ينقذ الوضع العراقي الراهن غير حكومة مشاريع و خدمات جدية و نزيهة

بقلم مهدي قاسم

يمكن القول أن العراق يعيش الآن أخطر مرحلة تاريخية من حيث الفوضى والانفلات و التقهقر و التدهور في شتى النواحي والميادين ، من أزمات سياسية واقتصادية ومعيشية و خدمية و تعليمية و صحية وبيئية سيئة للغاية ، و بالمناسبة وهي كانت كذلك منذ سنوات ، غير أن الجديد الذي طرأ على هذا الوضع هو استنفاد طاقات التحمل و الصبر عند غالبية العراقيين الذين تشنجت أعصابهم وتوترت إلى أقصى حد ، من شدة معاناة وعذابات يومية متواصلة بلا نهاية ..

فلم يعد عندهم أية طاقة إضافية للتحمل أكثر مما الآن .

كما أن عددا كبيرا ” من جماهير غفيرة ” أخذت تصحو ، و لم تعد تنطلي عليهم” كلوات المعممين ” وغيبياتهم الخرافية ..

و هذا يعني أن أي تحايل و ترقيعات للوضع السياسي المتهرئ الحالي لن يزيد هذا الوضع المأزوم إلا تأججا و انفجارا أكبر واتساعا أكثر انتشارا ، لموجات مظاهرات و احتجاجات و اعتصامات جديدة ومتتالية ، ستؤدي في نهاية المطاف إلى انتفاضات شعبية واسعة جدا قد تنتهي إلى طابع ثورة شعبية عارمة قالبة الأوضاع من أعاليها إلى أسافلها ، على رؤوس سياسة ومسؤولين فاسدين وفاشلين ، ربما ستأخذ هذه الانتفاضات طابعا من أعمال عنف و فوضى منفلتة و رهيبة ، قد نرى من خلالها أجسادا لساسة فاسدين تتدلى من علو شاهق على حبال سميكة ، مشنوقين ، مفطوسين ، تلاحقهم لعنة الله واحتقار الشعب ..

فمن هنا تقتضي الضرورة التاريخية الصحو الحقيقي بغية استيعاب حجم كارثة الوضع المهدد بالانفجار الصاعق ، بل تداركه ومعالجته قدر الإمكان وقبل فوات الآوان ، عبر تشكيل حكومة بناء مشاريع واستثمارات و تقديم خدمات على كل صعيد و ناحية ، مع سعي جدي لمعالجة أزمة البطالة المتزايدة سنة بعد سنة من قبل مئات آلاف من خريجي الجامعات ، بدلا من التحايل مجددا على الشارع العراقي والضحك على ذقنه بشتى تضليل وخدع خادعة تنتهي في كل مرة إلى تشكيل حكومة ما تسمى ” بحكومة شراكة وطنية ” كاذبة و زائفة ، لتجمع مرة رابعة أو خامسة تحت مظلتها السوداء من أحزاب منخورة و ساسة فاسدين وفاشلين الذين كرّسوا نظام المحاصصة المقيت في العراق ، لا لشيء ، فقط ليكون ستارا لعملية نهبهم المنظم للمال العام ..

نحن نحذر هؤلاء قبل فوات الآوان ، حتى لا يعتقدن بأنهم عندما سيهرب ــ من يفلت من غضبة الشعب ــ إلى ” وطنه ” الثاني في بلدان اللجوء المرفهة !! ، سيُفلتون من المساءلة و المحاسبة والعقوبة العادلة ..

نقول كل هذا لعلمنا بأن دولاب السياسة دوّارة أيها الفاسدون والمفسدون ..

فلا من شيء أو أحد سيبقى على وضعه المسيطر و المطمئن مثلما الآن..

ولا تنسوا عنجهية صدام وروعنته و بقاءه في الحكم لمدة طويلة معتقدا بأن سيبقى هكذا إلى الأبد .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here