يبدو ان القادم اسوأ لأن الرحم واحد !

بقلم: أ.د. سامي آل سيد عگلة الموسوي

العراق هو البلد الوحيد في العالم الذي بعد الانتخابات يتسابق سياسيوه لكسب رضى سفراء الدول الأجنبية عليهم لتشكيل ما يسمى بالكتلة الأكبر. ولا يخفى على احد ان هؤلاء السفراء هم سفير أمريكا وسفير ايران ونوعاً ما سفير بريطانيا. لو افترضنا بأن التدخل الأمريكي يأتي من ان أمريكا احتلت العراق وتركت قواعد عسكرية فهذا لا يعني ان يكون للسفير شأن للتدخل في تشكيل الكتلة الأكبر والحكومة بحيث يجعل من هؤلاء السياسيين يقعون في احضانه ويستجدون رضاه ناهيك عن سفير دولة أيران. الجميع يعلم بأن الأحزاب العراقية الحاكمة منذ ٢٠٠٣ قد حولت العراق الى بلد فاشل في كافة المجالات وأصبحت عاصمته من أسوأ الاماكن للعيش حسب بيانات المنضمات الدولية ولكن هذه الأحزاب عملت كذلك على جعل العراق بلداً منقوص السيادة ومسلوب الإرادة.

الحكومة العراقية القادمة اذا ما ولدت من رحم الكتل الفاسدة والفاشلة من الأحزاب الدينية الشيعية والسنية والكردية نفسها سوف لن تكون خيراً من سابقاتها بل وسوف تسقط هذه المرة قبل نفاذ اوانها. وليس هنالك ما يدعو للتفاؤل بحكومة وطنية لان نفس الوجوه والكتل الفاشلة والفاسدة السابقة تتسابق وتلهث وراء تقاسم السلطة وخوفاً من فقدانها لها لان ذلك يعني فتح ملفات الفساد التي تفضحهم. قد يهربون الى خارج العراق ولكن هذا لا يمنع جلبهم عن طريق الانتربول والاتفاقات الدولية اذا ثبتت غسيل الاموال والفساد الموجهة لهم. اذن فان الفاشلين من الكتل الحاكمة يسعون للبقاء في مواقع عليا في الدولة لكي لا ينكشف فسادهم المالي وفشلهم الإداري.

الامر المهم هو ان الامور في المنطقة قد تغيرت كثيراً عن السنوات السابقة. فلم يعد النظام الايراني يمتلك نفس القدرات السابقة لأنه قد استنزف طاقاته المادية في بؤر التوتر العديدة ولم يعد قادراً على توفير مستلزمات شعبه الذي يعيش تحت ضغوط متعددة ويكاد ينفجر في اية لحظة. وقد تخلت معظم الشركات الاوربية تحت ضغوط الحصار الأمريكي عن مشاريعها الاقتصادية مع ايران. ان ايران التي كانت تصرف الاموال على مشاريع سياسية خارج حدودها أصبحت الان تستجدي الاموال اليها وما مطالبة بعض مسؤوليها بالتعويضات عن حرب خميني صدام الا جزأ من هذا الاستجداء الذي ينطلق بين الحين والأخر بغض النظر عن تصريحات حيدر العبادي الأخيرة التي كان من المفترض به ان لا يتراجع عنها ولا يحتاج ان يعطي تصحيحات بشأنها ولكنه الضعف والجبن وغياب السيادة الوطنية وتبعية حزب الدعوة لإيران. والمشكلة الايرانية الكبرى هو انهم يفكرون بعقلية عام ١٩٧٩ الخمينية التي سوف لن تجر لهم الا الويلات وخاصة للشعب الايراني الذي لا نتمنى له ذلك. وهناك شيء مهم جداً هو ان السلوك الايراني والتدخل في العراق ومساندتها للفاشلين والفاسدين مع معرفتها بانهم سبب تردي أوضاع هذا البلد علاوة على الاحداث الأخيرة والمطالبات المذكورة وتلويث المياه وقطعها كل ذلك وغيره ولدت شعوراً من الكراهية وعدم الرضا والامتعاض من قبل الشعب العراقي تجاه سياسات هذه الجارة وهذا ليس في صالح ايران على الاطلاق. ايران حاولت على مدى سنوات حتى على تحويل الحوزة العلمية الدينية من النجف ولكنها لم تفلح. وهي تدس انفها في شؤون العراق على اعلى المستويات وبشكل فاضح بوجود ممثل ديني لعلي خامنئي او ما يعرف بالوكيل وهو غير منطقي وينتهك سيادة الدولة لان علي خامنئي هو قائد سياسي بل وقائد دولة فعليه يجب ان لا يكون له وكيل في العراق لان وكيله هو السفير الايراني. ولو كان علي خامنئي رجل دين ليس له علاقة بقيادة بلد آخر لكان من الممكن تقبل ذلك. وعلى اية حال فأن سيادة العراق أصبحت كغيرها من الامور الاقتصادية والصناعية والزراعية والخدمية تحت الصفر ولا يوجد قائد شجاع يصحح ذلك.

الرحم الذي ولد الحكومات السابقة الفاشلة والفاسدة ما بعد ٢٠٠٣ هو نفس الذي سيلد الحكومة القادمة وستكون هناك أزمات وانتفاضات وثورات لان التردي وصل مرحلة لا ينفع معها الترقيع.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here