كارثة العاطلين عن العمل في العراق

بقلم : د . خالدد القره غولي ..
الوزارة المعنية بهذا الشأن هي العمل والشؤون الاجتماعية ، وهذه الوزارة الفاشلة جملة وتفصيلا لم تتمكن على الأقل من تحديد عدد أو نسبة العاطلين عن العمل في العراق أو تقديم حل ومقترحات لمعالجة هذه المشكلة الخطيرة على مستقبل المجتمع العراقي وبنائه التنموي والأخلاقي والنفسي .. وكأي دولة من دول العالم عانى العراق منذ عقود من تراكم وازدياد أعداد العاطلين عن العمل للفئات العمرية بين ١٨-٤٠ عاما وهم الفئة القادرة على العمل والبناء بجهود وكفاءة معقولة.. لكن أعداد العاطلين بعد عام ٢٠٠٣ تضاعفت ووصلت في عام ٢٠١٥ على وفق تقارير التنمية البشرية لمنظمة الأمم المتحدة إلى ربع عدد العراقيين! وبحساب بسيط تعادل ٨ ثمانية ملايين عاطل عراقي عن العمل ليست لديهم أية موارد مالية تمكنهم من العيش بتواضع.. الملايين الثمانية نصفهم من النساء وأكثر من ثلثهم حملة شهادات دراسية تبدأ من الدراسة الثانوية وحتى الدراسات العليا.. أعداد كبيرة من العاطلين عن العمل من المتزوجين أو مسؤول عن معيشة عوائل يبحث أكثرهم عن لقمة عيش كريمة له ولعائلته بدون جدوى .. فالأعمال والأجور اليومية في العراق بدأت تتقلص بشكل كبير وأبواب المعامل والمصانع الإنتاجية والخدمية أغلقت أبوابها في القطاعين الحكومي والخاص وهي كارثة تضاف إلى ندرة الاستفادة من بيع المحاصيل الزراعية المحلية لوجود منافس كبير ورخيص من منتجات دول الجوار ما أسهم في زيادة أعداد العاطلين .. لا توجد حلول قريبة كما يؤكد الكثير من المحللين الاقتصاديين مع دخول العراق في حرب طويلة لتحرير أراضيه من قوات العدوان الداعشي استنزفت ميزانيته وأضرت كثيرا بوارداته ومدخولاته وزيادة نسب الإنفاق غير المتوقعة على الأسلحة والعتاد والمصاريف الطارئة الأخرى .. ومع التراكم المتواصل والزيادة الأفقية لآفة البطالة في العراق لابد من تنبيه المعنيين بهذا الشأن ودق جرس الإنذار لهم بأن العاطلين جيش قد يهدد كيان الدولة ووحدتها إن لم نجد الحلول المناسبة لهم، فدول العالم جميعا المتقدمة والنامية والفقيرة وجدت الكثير من الحلول لتلافي توسع وتفاقم مخاطر البطالة على المجتمع وبخاصة في دولة كالعراق لديها موارد مالية ومؤسسات وجامعات ومتخصصون يمكن لمن يتاح له أخذ زمام المبادرة البدء بمشروع وطني كبير لتقليل عدد العاطلين عن العمل في العراق أو على الأقل وضع الحلول الواقعية الصادقة لتوفير مخصصات أو رواتب أو منح مؤقتة تستوفى منهم بعد تعيينهم في دوائر الدولة أو القطاع الخاص وهو ما يسمى عالميا بإعانات البطالة.. ومن الأمور الغريبة والمحيرة أن مجلس النواب ومجلس الوزراء وعشرات المستشارين والخبراء والمتخصصين لم يحرك أحد منهم ساكنا للوقوف على نتائج وسلبيات استمرار البطالة أو تقديم حلول تساهم في تضييق الخناق على أسباب زيادة عدد العاطلين فضلا عن الدور المفترض لمنظمات المجتمع المدني والإعلام العراقي والجامعات العراقية وبخاصة في كليات الإدارة والاقتصاد في ضرورة المشاركة الفاعلة والتوصل لحلول حتى ولو كانت مؤقتة لمكافحة أخطر مرض يهدد الكيان الاجتماعي والتنموي والإنساني في العراق ويهدد مستقبل أبنائه على المدى القريب والبعيد..

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here