لماذا إبرام عقود كهربائية مع تركيا و ليس مع ألمانيا ؟

بقلم مهدي قاسم

سبق لنا أن كتبنا مقالا قبل فترة وجيزة ــ مدعوما بمقطع فيديو ــ عن قيام شركات ألمانية بتطوير و تنمية الطاقة الكهربائية في مصر والتي كانت تعاني من شحة وانقطاع دائمين ، بكلفة لا تتجاوز ستة أو سبعة مليار دولار أو أكثر بقليل ، بينما الحكومات العراقية المتلاحقة قد صرفت أكثر من أربعين مليارا ( تخيمنات أخرى تقول ستين مليارا ) ولكن دون حدوث أي تغيير جذري و كبيرا من شأنه تنمية الطاقة الكهربائية لتكون في مستوى أفضل وأكثر وفرة على صعيد الخدمات المتواصلة والجيدة ..

و الآن نقرأ أخبارا عن توجه الحكومة العراقية صوب تركيا (بعد الخيبة الصادمة مع الحكومة الإيرانية التي قطعت الكهرباء عن محافظات الجنوب ) فاتجهت صوب تركيا بغية تطوير و تنمية الطاقة الكهربائية بهدف تحسين مستوى ونوعية الخدمات من هذه الناحية ..

أو عسى و لعله !!…

بطبيعة الحال كانت الغاية من كتابتنا للمقالة السابقة ، و الإشادة بالعقود المبرمة و الناجحة بين مصر وألمانيا هي إلفات نظر الحكومة العراقية و حثها على القيام بنفس خطوات مماثلة للخطوات المصرية من ناحية إبرام عقود لتطوير وتنمية الطاقة الكهربائية مع شركة سيمنز الألمانية بكلفة أقل و بنوعية أفضل و كميات أكبر قد تغطي حيزا واسعا من مناطق و محافظات تعاني بشدة من شحة و أنقطاعات التيار الكهربائي ..

غير أننا عندما نطرح السؤال التالي بصيغة عنوان ــ أعلاه ــ :

ـــــ لماذا إبرام العقود مع تركيا و ليس مع ألمانيا ؟

إنما لكوننا على بينة و إدراك و يقين تام من أنه : من الصعوبة بعض الشيء أخذ عمولة أو رشاوى من شركات ألمانية مقابل إبرام مثل هذه العقود أو إجراء مساومات على ذلك ، و أول من يعرف هذه الحقيقة ويعلم بها جيدا ساسة ومسؤولون عراقيون سابقون وحاليون من فاسدي و مفسدي المنطقة الخضراء ، ولهذا السبب بالضبط نجدهم يتجنبون مثل هذه الشركات العالمية الكبرى وذات السمعة المقبولة دوليا ، و يفضّلون إبرام عقود مع بعض بلاد وحكومات و شركات وهمية حيث يمكن أخذ العمولة والرشاوى بكل بساطة وسهولة ..

ويبقى أن نضيف في هذا السياق إلى أن المستشار الألماني السابق هلموت كول الذي يحترمه ويجّله أغلب الألمان بسبب دوره التاريخي في توحيد شطري ألمانيا وكذلك في الازدهار الاقتصادي المتنامي في عهده ، قد أُطيح به ــ قياديا و سياسيا ــ بسبب أخذه دعما ماليا من إحدى الشركات طبعا ليس لنفسه شخصيا ، إنما لحزبه فحسب ، وقد أضطر ــ محترما تاريخه السياسي ــ لئن ينزوي جانبا ــ بسبب هذه الفضيحة السياسية ــ منسحبا من مسرح السياسة مرة واحد و إلى الأبد ، وهو كان لازال في أوّج مجده السياسي والقيادي على أثرتوحيد ألمانيا..

بينما عندنا في العراق إن ساسة ومسؤولين متنفذين وغارقين في مستنقع الفساد حتى قمة الرأس ، لا زالوا يمرحون و يصرّحون مجعجعين بكل صلافة وصفاقة و وقاحة تحت الأضواء وعبر الفضائيات من أجل تشكيل حكومة جديدة ليصبحوا هم وبطانتهم المنحطة رأسها وذيلها من جديد !!.

هامش ذات صلة :

( العراق وتركيا يتفقان على ثلاث نقاط بشأن الكهرباء

أعلنت وزارة الكهرباء، اليوم الاثنين، توصلها مع دولة تركيا على صيغ تعاون مشترك في مجال الطاقة الكهربائية ولعدة محاور.

جاء ذلك على هامش زيارة الوفد الحكومي العراقي مؤخراً الى دولة تركيا.

وقد مثل وزارة الكهرباء في الوفد وكيل الوزارة لشؤون النقل الدكتور عبد الحمزة هادي، الذي إعلن عن التهيئة لعقد إتفاقات قد تمت مع الجانب التركي ــ نقلا عن صحيفة صوت العراق).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here