طريق للشباب ـ حلقة ثقافية ـ الدين للتوفيق لا للتفريق ! (اقتباس)

د. رضا العطار

ننشأ على تراث من التقاليد والاستعراضات التي تجعلنا على ان نكره غيرنا ممن يخالفوننا في الدين او المذهب او اللون او حتى احيانا في اللباس. ونتعلم ونحن في الطفولة او الصبا كلمات شوهاء، ليست للخير او الصلاح، لكنها للشر والفساد. فينبز احدنا الاخر لانه يختلف معه في هذه الاشياء. التي ذكرناها، وقد بلغ هذا الاختلاف ذروته في الهند حين انقسمت الهندوكية طبقات، لا يتزوج احد فيهما الا من طبقته. بل بلغ التعصب والاستعراض ان فرزت هناك طبقة سميت طبقة (الانجاس اوالمنبوذين) لا يجوز ان يمس احد افرادها او ان يقع ظله على شيء لان نجاسته تنتقل اليه.

وقد كان هذا التعصب الطبقي في الهند صداع المصلحين، حتى ان (طاغور) الاديب الهندي الكبيرقال ذات مرة :

انه يود لو ان زلزالا يهدم جميع المعابد ويحطم جميع الألهة الهندية حتى ينسى الهندوكيون ديانتهم التي فرقت بينهم، فيعودوا الى ديانة جديدة تعمل للتوفيق لا للتفريق.

والمتأمل لحال فلسطين هذه الايام يحس كأن الاديان قد جاءت للتفريق لا للتوفيق، لان فلسطين قد (تهندرت) بفضل الاستعمار الانكليزي.

ان لكل امة تقاليدها الحسنة ولكن لها ايضا تقاليدها السيئة في التعصب والاستعراض. والعالم في حاجة الى دعاية بشرية جديدة كي يعرف سكان هذا الكوكب انهم بشر قبل ان يكونا هندوكيين او منبوذين او مسيحيين او مسلمين او يهود او زنوجا او بيضا، وانهم يستوون في الحقوق.

لقد كان غاندي يكافح عدوين، العدو الاول هو تقاليد بلاده التي حرمت على المنبوذين الحقوق البشرية. ولذلك فتح لهم المعابد.. ثم جاء (نهرو) فعين واحدا منهم وزيرا. اما العدوالثاني فهو بالطبع هؤلاء المستعمرون الانكليز.

فعلى كل شاب ان يتخلص من هذه الاستعراضات. وان يعرف ويعلن ان وطنه ليس فوق الاوطان. وان البشر سواء مهما اختلفوا في الدين او المذهب او اللون او اللغة، وان الاخاء هو ديانتهم الاولى.

* مقتبس من كتاب طريق المجد للشباب للكاتب الموسوعي سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here