صحيفة: حلفاء إيران في العراق مصرون على تأمين “التهريب المنظم”

اتسع الجدل بين الأطراف السياسية العراقية بشأن موقف الحكومة من العقوبات الأميركية، حيث كشف مصدر في البنك المركزي عن قرب إرسال وفد إلى واشنطن للحصول على إعفاءات من بعض العقوبات على إيران، بحسب صحيفة العرب.

ويكشف امتناع رئاسة الوزراء عن تأكيد الخبر، الذي صدر عن البنك المركزي، الذي يرأسه علي العلاق المنتمي لجناح نوري المالكي في حزب الدعوة، والمعروف بولائه لإيران، أن العقوبات الأميركية أصبحت جبهة ساخنة بين الأطراف السياسية وهي تتسابق لتشكيل حكومة جديدة.

وتؤيد الأطراف السياسية المناوئة للنفوذ الإيراني التزام العراق بالعقوبات الأميركية في حين تتصاعد أصوات التابعين لإيران بالتحذير من مخاطر التزام العراق بتلك العقوبات.

وتقول واشنطن إن الدول التي لا تحترم العقوبات ستواجه عواقب كبيرة، بعد بدء تنفيذ المرحلة الأولى من العقوبات في 7 أغسطس الجاري واقتراب فرض المرحلة الثانية في 5 نوفمبر المقبل.

وينحصر تأثير العقوبات في منع تداول الدولار والذهب وتجارة السيارات لأن العقوبات لا تشمل تصدير السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية الإيرانية التي تهيمن على السوق العراقية، لكن وقف التعامل بالدولار يمكن أن يربك معظم النشاطات التجارية.

ويقول مراقبون إن أتباع إيران في العراق يقومون بمحاولات لجمع الدولار من الأسواق العراقية بأي وسيلة وأن ذلك وصل إلى تداول عملات عراقية مزيفة طبعت في إيران.

ويبدو أن العراق سيواجه صعوبات للتأقلم مع العقوبات لأنه يستورد الكثير من السلع من إيران دون أن يصدر لها أي شيء يذكر. وسيكون من الصعب على بغداد إغضاب واشنطن الحليف الرئيسي الذي يقدم لها دعما ومساعدات عسكرية ويشرف على تدريبات أمنية.

ولا يزال الغموض يحيط بتقديم طلب للإعفاء من العقوبات، بعد أن أعلن رئيس الوزراء حيدر العبادي في البداية أن بغداد ستلتزم بكافة العقوبات الأميركية، لكنه خفف موقفه بعد أن تعرض لانتقادات حادة من خصومه، الذين يدينون بالولاء لطهران.

وقال مسؤول في البنك المركزي العراقي إن “الحكومة تخطط لطلب إعفاء من واشنطن” وأن وفدا سيسافر إلى واشنطن لهذا الغرض، لكنهم لم يفصحوا عن موعد الزيارة، في وقت امتنع فيه مسؤول في مكتب العبادي عن التعليق.

ويخشى المسؤولون العراقيون من حدوث نقص في سلع أساسية إذا التزمت بغداد بجميع العقوبات. وقد يؤدي ذلك لاضطرابات في وقت دقيق تشهده الساحة السياسية العراقية.

ويستورد العراق مجموعة كبيرة من السلع من إيران، تشمل الأغذية والمنتجات الزراعية والأجهزة المنزلية ومكيفات الهواء وقطع غيار السيارات، والتي بلغت قيمتها العام الماضي أكثر من 6 مليارات دولار أي ما يعادل 15 بالمئة من إجمالي واردات العراق.

كما أن هناك عقودا للطاقة بين البلدين تساهم في التجارة التي بلغ حجمها 12 مليار دولار العام الماضي. ويقول مسؤولون عراقيون إنهم طلبوا من كل وزارة وضع قائمة بالواردات الضرورية لتقديم طلب إعفاءات لها.

وأكد العبادي أن العراق سيحترم العقوبات المتعلقة بتعاملات الدولار، التي ستكون الأكثر صعوبة على الشركات وتعرقل صفقات الطاقة والاتفاقات التجارية الكبيرة، لأنها تعني منع البنوك والحكومة العراقية من الدفع بالدولار للجهات الإيرانية.

وأصدر البنك المركزي تعليمات للمصارف الخاصة بالالتزام بالحظر المفروض على التعاملات بالدولار لكنه قال إنه سيسمح بإجراء التعاملات باليورو.

ويقول محللون إن جميع الدول المعارضة للعقوبات الأميركية ومنها فرنسا وبريطانيا وألمانيا تجد صعوبة في إقناع شركاتها بمواصلة التعامل مع إيران رغم أنها تبذل جهودا كبيرة للحفاظ على التجارة مع إيران.

وتؤثر العقوبات بصفة خاصة على الشركات التي تجري عمليات في الولايات المتحدة. وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن الذين يجرون أنشطة في إيران لن يستطيعوا القيام بأنشطة في الولايات المتحدة.

لكن دبلوماسيا غربيا في بغداد أكد أن معظم الشركات الخاصة في العراق لن تتضرر نسبيا من العقوبات لأنها “ليس لها استثمارات أميركية، ولا تتعامل بالدولار ويمكنها مواصلة التعامل مع إيران دون مشكلات”.

وقال مسؤول بوزارة التجارة العراقية إن شركات الطاقة والبناء والسيارات التي تديرها الحكومة والقطاع العام هي التي ستواجه ضررا أكبر.

وأضاف “نعتمد بشكل أساسي على إيران كمصدر لمواد البناء والسيارات وقطع الغيار، بسبب انخفاض الأسعار وسهولة الشحن عبر الكثير من المنافذ الحدودية المشتركة”.

ومن المرجح أن يواصل التجار العراقيون تعاملاتهم مع الإيرانيين، رغم تعهد بغداد بالامتثال للعقوبات بسبب تراجع أسعار السلع نتيجة انحدار سعر صرف الريال الإيراني.

وقال الخبير الاقتصادي وعضو اتحاد رجال الأعمال العراقيين باسم أنطوان، إن من المستحيل على الحكومة أن تمنع تدفق السلع الأولية الإيرانية عبر حدود مشتركة تزيد على 1300 كيلومتر.

وأضاف أن إيران ستستغل كل خيار متاح للمحافظة على تدفق الصادرات، بما في ذلك مساعدة الجماعات المسلحة الحليفة لتأمين ما يمكن أن يُطلق عليه “التهريب المنظم”.

ويقود العبادي حكومة تصريف أعمال هشة بينما تسعى الأحزاب السياسية للتفاوض على ائتلاف حكومي جديد بعد انتخابات مايو الماضي. ويحاول العبادي البقاء كرئيس وزراء توافقي بعد أن استطاع تحقيق توازن بين المصالح الأميركية والإيرانية.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here