غالب الشابندر: الأحمق المأجور

وليد كريم الناصري

عندما يتعرض الصغير للكبير فمقصده لفت النظر, وظناً منه بأخذ الأدوار في مسيرة الحياة، وعندما يتطاول التلميذ على معلمه فهو العقوق بعينه، وما كل هذه الافعال إلا دليل على ان الشخص في انهيار تام، هو ومن حوله، وهذه الافعال لا يمتهنها إلا من يشعر بالنقص وضعف الشخصية، محاولا من خلالها تعويض ما ينقصه، بما سيتجرأ بالحديث فيه، ومن الملفت للنظر انه اذا كان الانسان طموحه اكبر من واقعه وقدره، فهو يجري خلف سراب المستحيل، بل أنه يعيش الوهم في اوسع مضامينه، فيقال ان الغرور مصحوب بالفشل، عندما تجد الاقزام أمام العمالقة، وما تجد سطوة غرورهم إلا نفخة كذابة، ونفشة ريش لا تغدو أن يصيبها البلل، فتخفت وتتلاشى، والمصيبة الكبرى والأعظم عندما يصحو ويصطدم بواقعه الحقيقي ويكتشفه، حينها يكون مصيره الجنون.

من بعد هذه المقدمة المحاكاة أقول:

لست ميالا لأن اجاري الاحمق بحديثة، فمجارات الأحمق بحد ذاتها حماقة، ولكن الأحمق نوعان، يكتب الرد على أحدهما دون الأخر، فمنهم لا يضر إلا نفسه، ولا يقنع الا لبه وعواطف أحشاءه، فهذا احمق بالفطرة، لا حاجة حتى للنظر في وجهه، ومنهم من يحاول ان يستود بفعله، فيسترعي انتباه من حوله، فهذا رجل مأجور بثمن حماقته، ولعل صاحبنا (غالب الشابندر)، ما هو إلا انموذج للأحمق المأجور، وليس هذا تجني او تكهن في حق الرجل، وإنما له كلام في احدى الفضائيات قائلا: ( كلفنا انا والأخ سامي العسكري، من قبل الحزب ( ويقصد حزب الدعوة العراقي) لكتابة مقالات تطعن بالمرجعية العليا، ظننا منا بأنها تتدخل في العمل السياسي) ثم يكمل (ولكننا عرفنا فيما بعد بان المرجعية العليا تأطر وتنظر العملية السياسية دون التدخل بها)، فحماقته كونه عرف فيما بعد، وتكليفه ما جاء إلا بثمن، وهنا يكمن دليل قولي بأنه احمق مأجور.

المشكلة الكبيرة التي وقع بها هذا الرجل المجنون هذه المرة، انه تطاول بحديث له من على احدى القنوات الفضائية، على عملاق من عمالقة الدين والسياسة في نفس الوقت،وشهيدا من شهداء الوطن، ومدرسة من مدارسه، ودم زكي طاهر يمتد قوامه الى سبعين شهيدا من اهله وإخوته، فالسيد ( محمد باقر الحكيم ) نجل زعيم الطائفة والمرجع الكبير ( محسن الحكيم ) رجل لا يختلف عليه أثنين، فهو معرف لدى المراجع والصالحين والثوار والسياسين، بأنه تلك الشخصية التي لم تشبها شائبة بالمطلق، إلا من حيث مبغض او جاهل أو مجنون، ولو اردنا المقارنة بين (الشابندر والحكيم)، لوجدناه كالمسافة بين العبد ومولاه، والصغير والكبير، والتلميذ والمعلم، والقزم والعملاق، وهذا ما يدعوا الى حجم التأمل في تطاول الشابندر، والعطف عليه، لأنه بدأ ينهار بمن حوله الى نفق الجنون، ولعله مكلف ومأجور ايضا بهذا التطاول، ولا غرابة في ذلك! كون الرجل مكلف مسبقا بالتطاول على مقام المرجعية والتعرض لها على حد قوله.!

ان مثل هكذا اصوات ناشزة عن الدين والأخلاق، متبنية الى النيل من المراجع والصالحين بثمن الانتماء والود للشياطين، لابد لها ان تستدرج انفسها الى حيث مرآة التفكر والتبصر، وترويض النفس من جموح السذاجة والحماقة والسعي وراء الفتن، خصوصا وان كانت تحت مظلة ارذل العمر وأخر طرفه، وهذا ما يذكرني هنا بشخصيتين اسلاميتين الاولى استجمعت حياتها بسوء العاقبة، والثانية استجمعها بحسن العاقبة، قال علي في الأولى: (ان الزبير منا لولا ان خرج ابنه عبد الله) وقال الحسين في الثانية: ( لم تخطأ امك بان سمتك حرا، فأنت حرا في دنياك وسعيد في اخرتك) ولعله ليس هنالك ما يدعوا للمقارنة بين الشخصيات، ولكن المقارنة تكمن فيمن ادخر حياته لسوء العاقبة، وأخر إدخرها لحسنها، ولعلها رسالة الى الشابندر اقول فيها: ماذا بقي لك في الدنيا؟ وقد ابيض ليل رأسك، ونعقت نوارسك تنعاك بالجنون والموت وسوء العاقبة.

وأخيرا أقول حقيقة معرفة الصالحين وتأبينهم والتغني والتشبث بمأثرهم، ليس بمقدور كل شخص ان ينتفع بها، والا لأجتمع الناس حول (علي ابن ابي طالب) في عهده، ولم يخرجوا عليه للحرب او يتخلفوا عنه ويهجروه، خصوصا وهم يعترفون ويقرون بعدالته وعصمته وخلافته، فليس هنا بمقدور (الشابندر) ولا من مكنه، ان يستدل على الطريق الصحيح، وأن يعرف السيد (محمد باقر الحكيم) بحقيقته ودينه وسياسته وقدر شأنه، مثلما لم يعرف الخوارج (الامام علي) ع، وهذا ما يدعوا هنا الى تقليل الشأن في تطاول (الشابندر) على (السيد الحكيم) بل وعلى العكس قد يدعوا للشعور بالسعادة، ان يتطاول عليك من هو متسافل الدرجة والأخلاق، فان لم ينتقدك الباطل فكيف تستشعر انك على حق؟! وهنا اشعر بأن الانتقام يكمن في ان ترى عدوك غارق في بحر اثامه قابع تحت رداء ذنوبه، فتراه عدوا لله ايضا، فتدرك بأنك لست الوحيد الذي يعاديه، فقد عاداه جبار السموات والارض، وهنا يتجلى شرف الانتقام واقساه من هذا الرجل الاحمق المجنون.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here