إيران وتركيا تحت المطرقة الأمريكية

لطالما كانت المصالح المشتركة بين اغلب البلدان العظمى تشكل ورقة ضغط عليهم , حتى تتفق فيما بينها في الدخول بتشكيل تحالف مشترك أو عدة تحالفات من اجل مواجهة تهديدات خارجية أو مخاطر داخلية ، وفي تحقيق مكاسب سياسية أو اقتصادية وتجارية (المصالح المشتركة ) أو لأسباب أخرى ، أو شن حرب أو خوض عدة حروب ضد طرف أخرى في ظل هذه التحالفات ، لان معظم التحالفات شكلت لأغرض أنفا الذكر، وتسخر معظم مواردها لكي يكتب له النجاح وتحقق غايتها وأهدافها , وفي نفس الوقت قد لا يمكن تقدير حجم خسائرها من الموارد المادية أو البشرية بسبب هذا التحالف ، لكن المبررات أو الأسباب الجوهرية كثيرة لتشكيل هذا التحالف .
لكن هذه التحالفات تواجه صعوبات كبير بين أعضائها في عدة مسائل،لعل أهمها في تقاسم المكاسب أو الغنائم بعد انتهاء الأزمة أو الحرب ، وما يصعب المسائل أكثر على أعضاء التحالف نفسه تضارب المصالح بينهما( بيت القصيد) ، بمعنى أخر تم الاتفاق على قيامه وتشكيله لكن لا يعنى بالضرورة متفقين بكل شي لكل دول سياسية معينة ومصالحها هي الأهم، والمصلحة المشترك فرضت نفسه وفق مقتضيات مرحلة وانتهت، ليتفكك التحالف وقد تنشا بينهما حرب تضارب المصالح المشتركة .
لكي تتضح الصورة ونأخذ القضية السورية التي مازالت أقطابها الكبار يتصارعون فيما بينهم وكل طرف يريد فرض أجندتها ويحقق مشاريعها وأهدافه الإستراتيجية ، وما حدث معلوم من الجميع أكثر من سبع سنوات قتال محتدم بين جميع إطرافها ، إحداث الأسلحة والمعدات المتطورة استخدمت، ضرب تحت الحزم بمختلف صوره وإشكاله ، لتكون المحصلة النهائية لهذه المعركة المشتعلة تضارب المصالح بين بعض نفس الحلفاء في الملف السوري وملفات أخرى .
ففي الوقت التي وقفت روسيا بوجه الولايات المتحدة في القضية السورية وغيرها من القضايا الساخنة ،وكانت مع حلفائها كسد العالي رغم الموجات الأمريكية العاتية الواحدة تلو الأخرى ، تقف اليوم بحيادية عالية اتجاه المطرقة الأمريكية التي تضرب حلفائها تركيا وإيران ، وتفرض عليهم العقوبات الاقتصادية وتهددهم بالمزيد منها ، لتشكل عليهم ورقة ضغط رهيبة تسبب لهم بمشاكل اقتصادية وأزمات داخلية بسبب هذه العقوبات ، ليكون خيار إيران وتركيا أما الجلوس على طاولة التفاوض والحوار والقبول بالشروط الأمريكية ، أو ستكون المطرقة الاقتصادية الأمريكية اشد من السابق بكثير، حسب التصريحات الأمريكية المعلنة لا نريد إسقاط النظام إيران بل تغير سياستها والتقليل من نفوذها وتدخلها في المنطقة ،وقضية القس مجرد حجة أمريكية واهية للضغط على الحكومة التركية .
الكرة في ملعبكم كلام السيد بوتين للسيد ترامب في قمة هلسنكي الأخيرة , يعطي ثلاثة دلائل واضحة ، أولا تقدم في مستوى العلاقات والتعاون والاتفاق على مجمل القضايا المشتركة بينهما وإنهاء فترة التهديد والتصعيد ، ثانيا روسيا حقق مصالحها ونفذت مشاريعها وأهدافها في الفترة السابقة في القضية السورية وقضايا أخرى وهذا لا يعني تنازلها للأمريكان بل المصلحة في الوقت الراهن تقتضي نحو مزيد من التعاون مع الإدارة الأمريكية ، ثلاثا وهو الأهم تضارب المصالح الروسية مع إيران وتركيا في المنطقة من جهة وخصوصا إيران، والأمريكان مع إيران وتركيا من جهة أخرى في عدة ملفات ، وسط تفاهم كبير بين أمريكا وروسيا وبدليل سعي الطرفين إلى عقد قمم أخرى سواء في واشنطن وموسكو .
اليوم تركيا وإيران في وضع يحسد عليه في ظل هذه العقوبات الاقتصادية ، وما يزيد الطين بله لو مضت أمريكا في ووعدها و فرضت المزيد من العقوبات ، السؤال الأهم ما مقدار تحمل اقتصاد البلدين المطرقة الأمريكية التي لا ترحم صغيرا أو كبيرا ، لتبقى الحلول أو الخيارات المتاحة أمام تلك الدولتين ، أما الجلوس على طاولة التفاوض والحوار والقبول بشروط أمريكا على اقل تقدير ، أو التنازل للروس في القضايا الخلافية ، ليبقى الخيار الأخير الصعب بقاءهما بين المطرقة الأمريكية والسندان الروسي وهو الخيار ألذي سيكلفهم الكثير من الخسائر ، أو تلعب ورقة المصالح لعبتها وتتغير المواقف ، ويكون لكل حدث حديث في وقتها .
ماهر ضياء محيي الدين

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here