صراع الفكر والمال الفاسد على طاولة مستديرة

محمد جواد الميالي
منذ أن إنتهت الإنتخابات، و إعلنت النتائج، بدأ زعماء الكتل السياسية في لقاءات وحوارات ساخنة، حول من يقود الكتلة الأكبر، لكن الأهم هل ستنضج فكرة التجربة الديمقراطية في العراق؟ وتنتهي فكرة الكل يحكم والكل يعارض، وتتكون فئة سلطة وفئة تحاسب، وهل يكون القرار عراقي أم نصف عراقي؟ كلها أسئلة تدور في أذهان شعبنا ومفكرينا، منذ أنتهاء عرس التصويت الإنتخابي.
إنتهت معمعة الأعتراضات حول من فاز ومن خسر، بأنتهاء عمل المفوضية ومصادقة المحكمة على نتائج الإنتخابات، فتكون محورين مهمين، أنقسم فيهما زعماء الشيعة الذي كان يجمعهم غطاء التحالف الوطني، أحدهما سلام وآخر حرب، ولا نبالغ حين نقول محور حرب فالقسمين كالآتي:
المحور الأول هو الحكمة سائرون، وهم الذين أحدثوا نسبة تغيير عالية في الوجوه الأنتخابية، وكذلك دعوتهم لبناء دولة مستقلة، تبنى على أسس السلام والأستثمار، وعدم الأعتماد على واردات النفط فقط، ولذلك يطلق الأعلام عليهم محور السلام.
المحور الثاني وهو الفتح قانون، يستغرب البعض لماذا يطلق عليه صفة الحرب، لما فيها من تشبيه قاسي، ولكنهم حقا محور حرب، لأنها تضم تحت عبائتها خميس الخنجر، ومن لا يعرف خميس فهو متهم بكونه داعشي الأصل صدامي العقيدة، لذلك يدعوهم الشعب والإعلام، بمحور الحرب.
هذان المحوران يعمل كل منهما على تشكيل الكتلة الأكبر داخل البرلمان، بالتحاور مع قوى المحور السني والكردي، وكل منهما يسير حسب منهج وأسس بالتفاوض، فمنهم من يعتمد على عمق في فكر التفاوض، لأجل كسب موافقة الأطراف الأخرى، والآخر يعتمد على تراكمات المال من الميزانيات السابقة، فهو يتبع مقولة (المال يقرب البعيد) فهي أسهل وسيلة للوصول للغاية المنشودة.
الحكيم الصدر والعبادي على طاولة مستديرة مع المطلك، لغرض البت بنواة الكتلة الأكبر، لكن التدخلات الأقليمية التي أصرت على دخول الخنجر ضمن تشكيلة الأغلبية الوطنية، جعل النصاب لا يكتمل، لأن الطاولة كانت تصّر على أن يكون قرارها عراقي خالص، ووجود الخنجر يعني تدخل الدول المجاورة في صميم القرار .
الجانب الآخر كان يعمل خلف الكواليس بقيادة فتح القانون، الذان يعملان على كسب المحاور الأخرى بكل الطرق، حتى وإن كانت على حساب المصلحة الوطنية، فالأحجار السليمانية، لا يمكن أن تجعل معادلة الكتلة الأكبر تتم، من دون وجود عبارة سخت إيران داخل النواة.
الطاولة المستديرة خرجت بعدة شروط، ظاهرها يصب بمصلحة الوطن لو التزم بها قادة الكتل، وخرجوا بوفد سيعمل على الأنفتاح على المحاور الأخرى، ولكن لحد الآن لم يحسم أحد من الطرفين الكتلة الأكبر، وقادم الأيام سيثبت من سينتصر في صراع الفكر والمال الفاسد.
الأهم أن الشوط الأول إنتهى بالتعادل السلبي، وأنتهى به دور اللاعبين، وسيبدأ شوط المدربين، الذي ستعمل به القوى الأقليمية على تغيير المعادلة، فهل سينتصر القرار العراقي بالمباراة أم سيكون للمدرب الأجنبي رأيٌ آخر؟

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here