ما سرّ تحذير تركيا من الكارثة الوشيكة في أدلب ؟.. لقاءات من الميدان

حذر وزير الخارجية التركي مولود تشاوش أوغلو الجمعة خلال زيارة الى موسكو من “كارثة” في محافظة إدلب السورية في حال شنت قوات النظام هجوما على آخر أبرز معاقل الفصائل المعارضة وداعش معاً.

وقال تشاوش أوغلو خلال مؤتمر صحافي في موسكو الى جانب نظيره الروسي سيرغي لافروف “إن حلا عسكريا سيسبب كارثة ليس فقط لمنطقة إدلب وانما ايضا لمستقبل سوريا. المعارك يمكن أن تستمر لفترة طويلة”. ولتركيا نفوذ في ارياف حلب وادلب وتدعم اكثر من فصيل سوري .

فماذا يجري في إدلب ، وما هو حالها، وكيف تحولت الى ملتقى الفصائل المعارضة ، ومادور القوى الخارجية هناك ؟ ،هنا ، في هذا التقرير الميداني الخاص ب (قريش) اجابات على جانب مهم من الاسئلة .

تحول الشمال الغربي من سوريا إلى المعقل الأخير للمعارضة، التي انتفضت على نظام الرئيس بشارالأسد للمطالبة بالتغيير الديموقراطي منتصف عام 2011، انحسرت مناطق المعارضة المسلحة تباعاً نتيجة تصعيد النظام على المناطق الخارجة عن سيطرته، والتي كانت قد قبعت في حصار خانق من قبل قوات النظام ومليشيات متحالف معها من لبنان والعراق وايران ، انتهى ذلك الملف وسط خسارة المعارضة أبرز المناطق المحررة خلال اتفاقات مع حليفة النظام، روسيا، ومنها أرياف دمشق وحمص وصولاً بالجنوب السوري المتمثل بمهد الانتفاضة السورية درعا.

خرج من لم يقبل بالبقاء تحت سيطرة الأسد نحو الشمال السوري في إدلب ومناطق معركتي درع الفرات وغصن الزيتون التي خاضتها قوات المعارضة المسلحة بدعم تركي، ضد كل من تنظيم الدولة الإسلامية داعش، وميليشيا الوحدات المتمثلة بـ “قوات سوريا الديموقراطية”، حيث جمع الشمال السوري كافة المكونات السورية.

بعد سيطرة النظام على درعا نهاية شهر يوليو / تموز الماضي توجهت وسائله الإعلامية تجاه محافظة إدلب ومثلث أرياف محافظات حلب واللاذقية وحماة، وبدأت قوات النظام وميليشياته بحملتها الترويجية للسيطرة على نفوس الشعب الذي يقبع في الشمال السوري وزرع انعدام الثقة في المعارضة المسلحة، للبدء في معركتها.

رغم كل هذه الظروف التي لعبت فيها قوات النظام دوراً، لا زالت الفصائل العسكرية في إدلب تعمل على الحفاظ على أمن المنطقة من خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” وحلفاء النظام، والظروف التي مرت فيها المعارضة خلال الأشهر القليلة الماضية كانت سبباً لانحدار ثقة السوريين بهم، والتي تضمنت اقتتال الفصائل العسكرية، لأشهر طوال وأبرزها هيئة تحرير الشام من جهة، وجبهة تحرير الشام من جهة أخرى.

تشكيل عسكري جديد.. للتصدي لقوات النظام وميليشياته

سرعان ما بدأت قوات النظام في الترويج لحملتها العسكرية للسيطرة على إدلب، شكلت الفصائل العسكرية فصيلاً جديداً يجمع المكونات كافة التي احتوتها المنطقة خلال حملات التهجير التي طالت عدداً من المحافظات السورية، تحت مسمى “الجبهة الوطنية للتحرير” أكبر فصيل عسكري في الشمال السوري.

ويضم التشكيل العسكري الجديد 65 ألف عنصر عسكري، موزعين على الفصائل التالية :

الجبهة الوطنية للتحرير، وجبهة تحرير سوريا، وألوية صقور الشام، وجيش الأحرار، وتجمع دمشق، وسبق أن شكلت الجبهة الوطنية للتحرير في نهاية شهر مايو/ أيار الماضي، وضمت حينها أحد عشر فصيلاً ، ابرزها فيلق الشام، والفرقة الساحلية الأولى، والفرقة الساحلية الثانية، والفرقة الاولى مشاة، وجيش إدلب الحر، والجيش الثاني، وجيش النخبة، وجيش النصر، وشهداء الإسلام داريا، ولواء الحرية، والفرقة 23، وينتشر عناصر الجبهة الوطنية على خطوط التماس كافة مع قوات الاسد الممتدة من ريف حلب الشمالي وصولاً بريف اللاذقية الشمالي، والمحاذي للحدود التركية.

الناطق الرسمي لجبهة التحرير السوري، ناجي مصطفى قال في تصريح خاص لـ “قريش”: “بعد العديد من الانقسامات حاولنا أن نجمع كافة الفصائل في مكون عسكري لمجابهة قوات النظام في حال قرر الهجوم على الشمال السوري”. وأضاف: ” التشكيل العسكري جاء بعد شهر من الاجتماعات التي اقيمت داخل الأراضي التركية”، وأوضح ناجي: “أن الحكومة التركية هي التي تقدم الدعم العسكري واللوجستي والمالي للجبهة الوطنية للتحرير”، وعلى الصعيد المدني في الشمال السوري لاقى التشكيل العسكري ترحيباً واسعاً نظرا لما آلت إليه أحوال المناطق المحررة، الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

لماذا تتوقع الفصائل بأنّ حالها في إدلب لن يكون مثل حال الجبهات التي انهارت في أيام؟

الفصائل العسكرية في معقل المعارضة الأخير، هي على استعداد تام لأي هجمات عسكرية يمكن أن يشنها النظام تجاه المناطق المحررة، والخطوة التي اتخذتها المعارضة المسلحة في توحيد الفصائل العسكرية العاملة في إدلب، تحت الجبهة الوطنية للتحرير وبدعم تركي، كانت أولى مراحل التصدي لقوات النظام، التي يحاول الترويج لها، ويأتي هذا التوحيد لوقف التشتت الذي عاشته المنطقة لشهور طويلة.

وبعد التشكيل العسكري الذي ضم معظم الفصائل العسكرية في الشمال السوري، تعتقد الفصائل العسكرية أنّ الشمال السوري حصن متين يمكنه التصدي للهجمات كافة التي يمكن أن تشنها قوات النظام السوري على محافظة إدلب وأرياف المحافظات المجاورة، والشمال السوري يختلف تماماً عن المناطق التي خضعت لتسوية مع النظام، وتحاول الجبهة الوطنية للتحرير أن تحافظ على معقل المعارضة الاخير نظراً للخسارات التي تلقتها في الجنوب السوري.

وفي لقاء خاص لـ “قريش”، قال النقيب ناجي مصطفى المتحدث الرسمي الناطق الرسمي باسم الجبهة الوطنية للتحرير: “الجبهة الوطنية للتحرير رفعت جاهزيتها بالكامل وقامت بإنشاء تحصينات للتصدي لقوات النظام في حال شن هجوم للسيطرة على إدلب”. وجاءت التجهيزات التي اتخذتها الجبهة الوطنية للتحرير، في خطوط التماس مع قوات النظام، نتيجة استقدام النظام تعزيزات إلى خطوط الجبهة الاولى الواقعة تحت سيطرته، حسب النقيب ناجي.

وأضاف ناجي: “اتخذنا كافة التجهيزات العسكرية وللوجستية على المحاور المتاخمة لخطوط سيطرة النظام، وقواتنا على اهبة الاستعداد في كافة الجبهات التي يمكن أن يشن النظام منها حملة عسكرية تجاه المنطقة”، وأوضح أن قوات الجبهة الوطنية للتحرير قامت برفع جاهزية عناصرها، وتهيئة كافة الأسلحة الثقيلة الخفيفة، التي تمتلكها، للتصدي لهجمات النظام، كما أعدت الجبهة خططاً عسكرية لتصدي لقوات النظام والرد على أي هجمات ممكن أن يشنها النظام تجاه المناطق المحررة، ويمكنها مباغتة قوات النظام وامتلاك زمام المبادرة أثناء محاولة النظام وميليشياته التقدم تجاه المنطقة.

وأكد ناجي “سنحافظ على المنطقة والجبهات من أي تقدم للنظام، وسنضحي بدمائنا وأرواحنا، للنصر على قوات النظام وميليشياته الطائفية، وسنقلب الطاولة عليهم في حال شنوا هجوم تجاه المنطقة”، وتبدو الجبهة الوطنية للتحرير متمسكة في الشمال السوري، وهي التي تحاول منع تقدم قوات النظام وميليشياته على إدلب.

وقال ناجي: “إن حاولت قوات النظام شن حملة عسكرية نمتلك القدرة القتالية والعسكرية للدفاع عن المناطق المحررة، نظراً لتماسكنا المتين فيما بينننا حيث تجمعنا في منطقة واحدة ونحن الآن نحارب من أجل الوجود في المنطقة”، وتشير الجبهة الوطنية أنها جمعت بين كافة المكونات من المناطق السورية المختلفة، وتعد الجبهة الوطنية للتحرير من أبرز الفصائل العسكرية في إدلب، حيث ضمت جميع التشكيلات العسكرية من مختلف المناطق التي تعرضت لحملات تهجير وهي الآن تحارب من أجل الوجود، والثبات في المنطقة، بينما بقيت بعض الفصائل العسكرية خارج التشكيل وهي هيئة تحرير الشام، التشكيل الجديد لجبهة النصرة وحراس الدين وأنصار الدين، والتركستان.

وتحاول قوات النظام استقدام تعزيزات عسكرية على الجبهات المحيطة في المنطقة المحررة ومن المتوقع أن يشن النظام الحملات من جهة ريف حلب الغربي وريف إدلب الشرقي، وريف حماة الشمالي بالإضافة إلى ريف اللاذقية الشمالي، إلا أن النظام سيستمر في المعركة للتقدم في محور من المحاور، وتبقى المحاور الأخرى للضغط على الفصائل العسكرية في إدلب، ولكن الجبهة الوطنية تأخذ استعداداتها التامة لمباغتة النظام لأنها ستحاول أن تحافظ على المعقل الأخير، كما أنها تشن الآن حملات اعتقال ضد مروجي المصالحات مع النظام.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
, ,
Read our Privacy Policy by clicking here