المنظمومة الإجتماعية في خطر/2

أخطر مراحل الشيطنة….

أمل الياسري

لا يختلف إثنان على أن المشاكل الإجتماعية، كلنا مسؤولون عنها وآثارها مدمرة للجميع، وحينما لا نصحح، ولا نصلح، ولا نوجه، فإن مراحل الشيطان ستتطور بمرور الزمن، وقد بات التوازن صعباً جداً بين العقلانية والعاطفية، فمعظمنا يركض خلف دنيا زائفة، حرقت الأخضر واليابس، وخرقت البصر والبصيرة، ولم يسأل أحد منا: لماذا كُثرت النقم وزالت النعم، ولمَ تكالبت علينا محن الدهور، وضاقت الصدور؟ ثم أن عراقنا وريث الأنبياء، والأولياء، والأوصياء، والمراجع، ألا يكفي هذا للتفكر والتدبر بأخلاقنا؟

لم تشر المرجعية الدينية العليا في خطبتها الجمعة (13 ذي الحجة 1439 للهجرة، الموافق 24/آب 2018 للميلاد) الى إنهيار المنظومة الإجتماعية، إلا بعد أن إستشعرت مخاطر الوضع المزري، الذي وصل إليه المجتمع بعد (2003) ومراحل الإنحلال والإنحراف، الذي طال بعض عوائلنا، التي لم تعد للأسف تحترم حدودها المجتمعية، بل أطلقت العنان لملذاتها وغرقت في الجهل، وعلينا الوعي بأن الفكر المنحرف ما زال يحلم العودة، ليتغذى على عقولنا ويسعى للظهور بحلل جديدة، ومسميات مختلفة، وبملبس جديد.

مثل هذا الوضع يجب أن يقاس بحجمه وعمقه وبدون تهاون، حيث أننا في مراحل خطيرة متطورة جداً من الإنحراف، لأن العراق ومجتمعه الأصيل ليس ببعيد، أو بمعزل عن التأثر بإرتدادات الكثير من المتغيرات التي طرأت على المنطقة بعد عام (2003 )، وما تلاها وهذا يدل على تراجع فكري وإنساني كبيرين، لذا لجأت وتلجأ المرجعية العليا في خطبها الدينية وبإستمرار، الى الإشارة بأهمية حماية المنظومة الإجتماعية من مسميات العصرنة، والحداثة، والتحضر الدخيلة على قيم مجتمعنا الإسلامي الأصيل.

النسيج الإجتماعي يعطينا القوة والحصانة والمناعة لكي يبقى المجتمع متماسكاً، لكن التناقضات الإجتماعية التي نعاني منها في مجتمعنا، ناتجة من السياسات الخاطئة المتعمدة في عهود الدكتاتورية، والتي أساءت لمجتمعنا بكل مفاصله ومستوياته، وعزلته تماماً عن العالم وبين ليلة وضحاها، غرق العراق في بحر من التواصل والإنفتاح اللا محدود، حيث إنتشرت الأمراض النفسية والإجتماعية، والظواهر السلوكية الشاذة، والإدمان، وإرتفعت معدلات الطلاق وبشكل لا نظير له، مضافاً عليها الغزو الثقافي، وشيوع ثقافات خاطئة بعيدة عن تقاليدنا وإسلامنا.

الأعداء حولنا ما زالوا يبدعون في نشر بواعث التصدع الإجتماعي، وتغيير مفاهيم مجتمعنا، وزجه في أنفاق من الفوضى والظلام، والتفكيرالمنحرف خاصة بعد (2003)، والذي أفرز دوراً حاسماً في سلوكيات أبناء المجتمع العراقي عامة والشيعي خاصة، من خلال توجيهات المرجعية الدينية، التي ينظر لها كصمام أمان للشعب، وبوصلة تحرك أفعالهم وأقوالهم، فعمل الأعداء لإشغال فئات المجتمع بقضايا فارغة، تحت دعوى الإنفتاح والتفاعل، وتحديداً ما يتعلق بمواقع التواصل الإجتماعي وشروره وسلبياته، والتي تعد أخطر مراحل الشيطنة الحديثة.

عملية التغيير الإجتماعي دائماً ما تكون بطيئة، لأنها مرهونة بالتغير العقائدي، وطريقة التفكير لتحتاج لوقت طويل يفوق عمر الإنسان العادي، فسعى الأنبياء والأئمة (صلواته تعالى عليهم أجمعين)، لتمتين البناء المجتمعي ومع ذلك وجدوا معارضة كبيرة، واليوم تتحدث المرجعية الدينية عن تصدع المنظومة الإجتماعية، وبات دورها واضحاً لتعميق الوازع الديني، وبالتالي فالجهد لن يكون محسوباً لجهة، على إن جميعنا مطالب بالتوجيه بدءاً من الحكومة والأسرة نفسها، فمن المفترض ألا تتجاهل الخطأ، بل عليهما معالجته لعدم تكراره مستقبلاً.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here