وجوب عدم استخدام مصطلح السنة والجماعة وأضرابها بدلا من مصطلح المسلمين

بالرغم من أن هذا الكلام سيحدث زلزالاً في الفكر الإسلامي.. وهرجاً ومرجاً لدى بعض المسلمين.. وخاصة الذين لا يقرأون.. ولا يفكرون بما يقولون.. وإنما يرددون ما اعتادوا سماعه بدون أي نقاش.. ولا بحث.. كما قال تعالى:

بَلْ قَالُوٓا۟ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰٓ أُمَّةٍۢ وَإِنَّا عَلَىٰٓ ءَاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ الزخرف آية 22

بالرغم من هذا..

فإني أعلنها صرخة مدوية.. مجلجلة في وجوه المبتدعين.. والمستبدلين الذي هو أدنى بالذي هو خير.. والمستبدلين لكلام العبيد بكلام رب العبيد..

نعم أقولها بالفم الملآن.. وبالصوت العالي.. أن هذا المصطلح وأخواته.. دخيل على الإسلام.. وغير صحيح..وإن توارثته الأجيال على مدى أكثر من ألف عام.. ولكنه محدث.. ومبتدع.. وليس له أصل.. ولا سند في كتاب الله.. ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.. ولا أقوال الصحابة..

ولا يوجد أي دليل شرعي يجيز استخدامه:

فمثلاً:

1- تقول الموسوعة الحرة إن صاحب هذا المصطلح.. هو محمد بن سيرين.. استخدمه لتمييز المسلمين المتبعين لهدي النبي عن الرافضين.. والمتشيعين لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه.

2- وأيا كان السبب الذي استعمله.. فهو استعمال مخطىء.. واستبدال لكلام العبيد بكلام رب العبيد الذي سمانا يكل فخر.. واعتزاز.. وتمييز عن البشرية كلها.. المسلمين فقال:

هُوَ ٱجْتَبَكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِى ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَ‌ٰهِيمَ هُوَ سَمَّٰكُمُ ٱلْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِى هَـٰذَا لِيَكُونَ ٱلرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَآءَ عَلَى ٱلنَّاسِ الحج آية 78

هل بعد هذا الاسم العريق.. هذا الاسم العظيم.. هذا الاسم الكريم.. وهذا التفضيل على العالمين جميعا.. وهذا الاصطفاء للمسلمين ليكونوا شهداء على الناس.. يأتي مخلوق قاصر النظر.. ضيق الأفق والتفكير.. أيا كان هذا المخلوق.. وأيا كان وزنه.. وأيا كانت مكانته.. وأيا كان علمه.. فيستبدل إسما آخرا بالاسم الأصيل؟؟؟

إنه تعد على الله تعالى.. وتحد له.. واستخفاف باختيار الله.. واستهانة بما سمانا به!!!

إن استبدال إسما آخرا بما سمانا به الله.. ليس أمرا هيناً ولا بسيطاً.. إنه ادعاء بأنه أعلم من الله:

قُلْ ءَأَنتُمْ أَعْلَمُ أَمِ ٱللَّهُ البقرة آية 140

إِنْ هِىَ إِلَّآ أَسْمَآءٌۭ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنتُمْ وَءَابَآؤُكُم مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَـٰنٍ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلْأَنفُسُ ۖ النجم آية 23

والله تعالى أيضاً هو الذي اختار لنا الإسلام دينا:

ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلْإِسْلَـٰمَ دِينًۭا ۚ المائدة آية 3

وقد يعترض أحدهم.. ويرفع عقيرته قائلاً:

وهل ملا يين المسلمين على مدار أكثر من ألف عام.. مخطئون؟؟؟

قد يجتمع الناس على خطأ.. ويكون شخص واحد مصيبا..

وقد حصل هذا في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه حينما عزم على محاربة المرتدين.. ووقف الصحابة كلهم معترضين.. وتبين أنهم كانوا مخطئين.. وهو الوحيد المصيب..

وحدثت حادثة أغرب من هذا.. أخطأ فيها الرسول صلى الله عليه وسلم خطأ دنيويا إجتهاديا.. وهذا جائز حصوله من جميع الأنبياء.. أما من الناحية الدينية العقدية فهم معصومون.. وكان معه أبوبكر رضي الله عنه.. وذلك في غزوة بدر حينما قررا فداء أسرى المشركين.. بينما عمر رضي الله عنه عارضهما.. فجاء الخطاب الإلهي مؤيداً رأيه ومعاتبا رسوله بقوله:

مَا كَانَ لِنَبِىٍّ أَن يَكُونَ لَهُۥٓ أَسْرَىٰ حَتَّىٰ يُثْخِنَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ الأنفال آية 67

إذن اجتماع الناس.. كل الناس على خطأ لا يحوله إلى صواب..

لا اقتراع في الخطأ والصواب..

هذه حقيقة كونية.. لا مجال للعبث فيها.. واخضاعها لأهواء العبيد..

ولكن القضية ليست خطأ العبيد أو صوابهم..

القضية أكبر من هذا بكثير..

القضية هي:

رب معبود.. وعبيد عابدون.. متبعون..

فهل الواجب الشرعي.. والأدبي.. والديني.. يقضي باستعمال المصطلح الرباني.. أم المصطلح العبيدي البشري؟؟؟

هل يتساوى كلام العبيد.. مع كلام رب العبيد؟؟؟

هل الذي سمانا بإسم المسلمين مخطىء أم مصيب؟؟؟

وهل يحق للعبيد – ولواجتمعوا كلهم من عهد آدم وإلى قيام الساعة – أن يغيروا ما سمانا به رب العبيد.. مهما كانت المبررات والحجج.. إلى إسم آخر؟؟؟

3- وحينما بحثنا في السنة المطهرة.. لم نجد أيضا أي ذكر لهذا المصطلح الدخيل..

وجدنا في باب الفتن وافتراق الأمم السابقة إلى فرق عديدة.. الحديث التالي:

إنَّ بَني إسرائيلَ افتَرقَت علَى إحدى وسبعينَ فرقةً وإنَّ أمَّتي ستفترقُ علَى ثنتينِ وسبعينَ فرقةً كلُّها في النَّارِ إلَّا واحدةً وَهيَ الجماعةُ

الراوي: أنس بن مالك المحدث:الألباني – المصدر: صحيح ابن ماجه
خلاصة حكم المحدث: صحيح

والمقصود بالجماعة – حسب قول شراح الحديث – هم المسلمون السائرون على طريق الرسول وصحابته والمهتدون بهديه.. وما عداهم مخلدون في النار أيا كانت أسماؤهم.. لأن المسلم لا يخلد في النار مهما كانت ذنوبه..

4- وهناك حديث آخر هو:

عليكم بسنَّتي وسنَّةِ الخلفاءِ الراشدينَ المهديِّينَ بعدي ، عضُّوا عليها بالنَّواجذِ.

الراوي: – المحدث:البزار – المصدر: جامع بيان العلم – خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

وهذا أيضا تاكيد على ضرورة اتباع هدي الرسول والخلفاء الراشدين المهدين.. وليس اعطاءهم إسماً آخر غير إسم المسلمين.. كما هو وارد في الحديث المنكر التالي:

طوبَى لأهلِ السُّنَّةِ والجماعةِ من أهلِ القرآنِ والذِّكرِ.

الراوي: سعيد الشامي والد عبدالعزيز المحدث:ابن القيسراني – المصدر: ذخيرة الحفاظ-
خلاصة حكم المحدث: منكر

إذن لا يوجد أي دليل شرعي على هذه المصطلحات المحدثة.. سنة.. شيعة.. سلفية.. وهابية.. جهادية.. بطيخ مبسمر..

كلها أسماء مبتدعة.. محدثة.. منكرة.. ما أنزل الله بها من سلطان..

إلا أن يدعي مستعملوا مصطلح أهل السنة والجماعة.. والمؤمنون به.. أنه توليفة أو تركيبة بين حديث الجماعة.. وحديث سنتي..

وهذه التوليفة مخطئة..

فلو كانت صائبة.. وصالحة لاستخدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ودعا إليها..

وبما أنه لم يفعل.. فهذه التركيبة باطلة..

ثم لماذا نعمد إلى تركيبة بشرية.. ركبها العبيد.. أيا كان موقعهم..

ونترك الاسم الأصلي.. الحقيقي.. الرباني؟؟؟

علماً بأن كثيراً من هؤلاء العبيد.. الذين أفنوا عمرهم في تعلم الدين.. وحصلوا على مرتبة علماء الدين.. لديهم غبش.. وجهل مطبق بمعرفة الفرق التي خرجت من الاسلام.. أو التي حملت إسمه لتخدع المسلمين وتهدم أركان الإسلام.. وتفسد عليهم عقيدتهم كالرافضة وأضرابها..

يجب أن نقول بكل ثقة ويقين:

أن المسلمين.. هم السائرون على هدي الرسول.. والمتبعون لسنته.. والمؤمنون بما جاء به من ربه.. والعاملون بشريعته ومنهجه.. فقط..

وما عداهم من الذين يعارضون.. ويرفضون.. ويتبعون أهواءهم.. فليسوا بمسلمين ولو زعموا أنهم مسلمون.. ولو تعلقوا بأستار الكعبة..

أؤلئك لا يُقبل منهم صرف ولا عدل..

فَقَدْ كَذَّبُوكُم بِمَا تَقُولُونَ فَمَا تَسْتَطِيعُونَ صَرْفًۭا وَلَا نَصْرًۭا ۚ الفرقان آية 19

الجمعة 13 ذو الحجة 1439

24 آب 2018

د. موفق السباعي

مفكر ومحلل سياسي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here