في ادب الحياة، كيف نطيل اعمارنا ؟

* د. رضا العطار

يعتقد العالم الروسي فورونوف ان الانسان بأمكانه ان يعيش مائة واربعين عاما اذا سار في حياته بأعتدال وحكمة وترتيب دون الخروج عن النظام المألوف وابتعد عن بذل الجهد المفرط والانغماس في الملذات الجسدية. ويقول ان مطالب الحياة الحاضرة وغريزة التنازع على البقاء هي على اشدّها. والواجبات الاجتماعية المفروضة على الفرد تضني كاهله وتعوقه عن الوصول الى السن المعينة التي وهبتها الطبيعة اياه. فيلزمنا والحالة هذه ان نعمل كل الوسائل الممكنة لأن نعمّر هذه السنين بالرغم من هذه المعوقات بعد ان نتخلص من الاغذية الضارة.

لنبحث الان فيما يجب عمله لأطالة الحياة في هذه الظروف التي نعيش فيها ونترك للأجيال القادمة حرية العمل لأن يتخذوا وسائل افضل اذا امكنهم ذلك. ولكن يجب ان نفهم ايضا لماذا تقصر اعمارنا وتضمحل اجسامنا وبالأحرى معرفة سبب موتنا.

كلنا يعرف ان جسم الانسان مركب من ملايين الملايين من الخلايا التي تكون الاعضاء والعضلات والاعصاب وكل ما في هذا البدن. وهذه الخلايا لا تبقى ساكنة بل ان كل خلية تولد شبيهة بأمها والثانية تأخذ مكان الاولى التي هرمت وبالتدريج تتجدد معظم خلايا الجسم زمن الشباب كل 7 سنوات مرة واحدة. وبتقدم العمر يقل هذا التجديد وتبقى الخلايا القديمة التي تعوق النمو وتبطي الحركة كما يقل نشاط الخلايا نفسها فتضعف.

وفي هذا الوقت بالذات تهاجم اجسامنا كل العوامل الضارة الاتية من الجو واشدها فتكا هي البكتيريا. ويبقى الجسم في عراك معها، ينتهي بالموت الذي لا يكون نتيجة فناء الجسم انما بفعل هذه الميكروبات التي قتلته. فجميع الاشخاص الذين يموتون في سن السبعين او الثمانين هم قتلى. ويجب علينا ان نتفادى هذا القتل. والوسيلة الفعالة في هذا الجهاد هي ايجاد طريقة تكفل لنا تكاثر خلايا جديدة صغيرة بدلا من خلايا الجسم القديمة تعمل بنشاط في زمن الكهولة و الشيخوخة كما تعمل في زمن الشباب.

والمعروف ان نشاط خلايا الجسم يتوقف على عمل الغدد الصمّاء ومقدار تحفّزها الذي يهب الخلايا الحياة. فما دامت هذه الغدد في شبابها وما دامت تعطي الدم المقدار الكافئ من افرازاتها تبقى الخلايا فعالة نشطة محتفظة بقوتها التجديدية.

وقد اثبت كل من الدكتور كلود برنار والدكتور براون سيكار صحة هذه النظرية .

ولسوء حظ الانسان ان الغدد الصماء تهرم هي الاخرى وتتعرض الى التصلب ونقص الافراز بمرور الزمن. وامام هذه الخسارة ليس امامنا سوى تطبيق فكرة تلقيح الجسم بغدد صماء فتية كي نستعيد الحياة للخلايا الهرمة. فهي اشبه باللقاح لشجرة هرمة بغصن بض وبذلك تغدو الشجرة فتية.

يقول الباحث : ان هذه الطريقة طبقت على اكثر من 3000 شخص في انحاء مختلفة من العالم . وكان من بين الذين لقحوا اشخاص في سن الثمانين هم الان في سن التسعين لكنهم يضاهون المسنين في السبعين. حيث كانوا يتمتعون بعقل واع وجسم قوي وحياة اصفى. ان طريقتي هذه كفيلة ان تجعل الانسان ان يعيش 140 سنة.

( هذا البحث للدكتور فورونوف نشر في المجلة الجديدة لعام 1930 بالقاهرة )

* مقتبس من كتاب حياتنا بعد الخمسين للموسوعي سلامة موسى.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here