معركة الأستقلال الأخيرة في أدلب

هناك اجماع عالمي و خاصة من الدول الكبرى و المؤثرة ( امريكا و روسيا و دول الأتحاد الأوربي ) على حماية وحدة الدولة السورية و عدم تفكيكها و تقسيمها الى دويلات متناحرة سوف تكون طائفية حتمآ ما يشكل خطرآ داهمآ على الأمن في المنطقة فالدولة السورية الحالية تتكون من عدة طوائف كبيرة نسبيآ و تتواجد في اماكن محددة و لها في تلك الأماكن الأغلبية العددية فهناك في الجنوب حيث الطائفة الدرزية تتمركز في تلك النواحي و القرى الجبلية و هناك في الوسط و الشمال حيث الغالبية المسلمة السنية و في الساحل السوري تتمركز جموع الطائفة العلوية في المحافظات الساحلية و في جبال العلويين و هناك اقليات اخرى من المسيحيين و الأسماعيليين و الشيعة مبعثرين و منتشرين في اماكن متداخلة مع غيرهم من الطوائف في الأحياء و التجمعات السكنية .

الجميع لا يريد لهذه المعركة ان تقع و اذا كان النظام السوري الحاكم قد حسب ذلك الأمر جيدآ و بشكل دقيق و جعل من ( ادلب ) الخزين الهائل من المسلحين المتطرفين المختلفين في الأفكار و العقائد و الذين لا يرغب احدآ بأستضافتهم او حتى مجاورتهم بأعتبارهم خطرآ كامنآ و قنابل موقوتة تنفجر في أي وقت و كذلك لا يرغب احدآ في بقائهم في تلك المحافظة السورية ( أدلب ) و مدنها و قراها و هي التي سوف تصبح نواة دولة يحكمها و يقودها الفصيل الأقوى المتطرف من تلك الفصائل و هو فرع تنظيم ( القاعدة ) في سوريا و الذي يطلق عليه اسم ( هيئة تحرير الشام ) النصرة سابقآ .

المعضلة تكمن في المعقل الأخيرللمعارضة السورية المسلحة حيث الغالبية من تلك الفصائل المسلحة بقيادة الفصيل الأرهابي المتمثل في جهة النصرة و تعول الحكومة السورية و معها الحكومة الروسية و حلفائها على اندلاع اقتتال بين الفصائل المعتدلة المدعومة من القوات التركية و هيئة تحرير الشام ( النصرة ) و الفصائل المتحالفة معها حيث يتم تصفية و تحييد اغلب عناصر الهيئة بالقتل او الأعتقال او التوبة و بعد ذلك تجري تفاهمات و تسويات تصالحية مع الحكومة السورية تودي الى عودة المؤسسات الحكومية الى المحافظة مع وجود حكومي رسمي و يكون للفصائل المنزوعة السلاح اشتراك في الأدارة المحلية للمحافظة .

اما السيناريو الآخر هو في بقاء الحال على ما هو عليه و من ثم الأعلان عن دولة اسلامية اصولية في محافظة ادلب يقودها الفصيل الأرهابي الأكثر نفوذآ و قوة ( جبهة النصرة ) و هذه الدولة سوف تكون خطرآ محدقآ ليس على الحكومة السورية فقط انما هي تهديد حقيقي و جدي للدول المجاورة و كذلك للدول الأبعد في اوربا و امريكا و هذا الكم الهائل من الأرهابيين الذين سوف تكون لهم موطئ قدم و ارضآ تحتويهم و معسكرات تدربهم بدلآ من التشتت و التشرذم في الصحارى و الجبال سوف يكونون اكثر خطورة و تهديد للعالم كله و تجربة طالبان في حكم افغانستان مازالت ماثلة في الأذهان حين وفرت المعسكرات و الأمدادات المالية و التدريبية و التسليحية الذي مكن تنظيم ( القاعدة ) من مهاجمة الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الهجوم الشهير في ايلول من العام 2001 .

لقد حولت الحكومة السورية و بحركة بارعة و ذكية و من ورائها الحكومة الروسية قضية محافظة ( أدلب ) من مسألة سورية داخلية بحتة الى قضية عالمية اجبرت فيها جميع دول العالم على السعي في ايجاد حل لهذه المعضلة و التي تشكل تهديدآ مخيفآ يطوق كل دول العالم بتلك الالاف من الأرهابيين و التي تخشى تلك الدول من بقائهم في اماكن تواجدهم الحالية و هي تخشى كذلك من تحرير المحافظة ( أدلب ) و بالتالي يعني انتشارهم و تغلغلهم في كل دول العالم و هنا تكمن المشكلة و التي على الجميع الأشتراك و الأسراع في ايجاد الحلول المناسبة لها فأن بقي المسلحين في اماكنهم و لم يتركوها كانت تلك معضلة و ان تركوها و ارتحلوا الى باقي دول العالم كانت المشكلة اكبر و اشمل و الخطر اشد و أعم .

اصبح على الدول التي تمتلك فصيلآ مسلحآ او اكثر في الساحة السورية ذلك الذي تغذيه بالأموال و تمده بالسلاح و تجند له المقاتلين مثل السعودية و قطر و تركيا و غيرها من الدول فأن من مسؤولية تلك الدول ان تجد حلولآ لهذه الفصائل التي اوجدتها في اخراجها و انهاء وجودها الخطير ليس على المحيط الأقليمي فقط بل على الصعيد العالمي و اذا كانت تلك الدول الممولة و الساندة لتلك الفصائل المسلحة قد اقحمت نفسها في المعترك السوري و قد كانت تحسب انها في نزهة قصيرة و ان النظام السوري سوف ينهار و يسقط في بضعة اشهر ان لم تكن بضعة اسابيع و بالتالي سوف تنال الجائزة و تحوز على المكافأة الا ان حساباتها كانت غير دقيقة و غير صحيحة و ان اللعبة الدموية قد انتهت و على الجميع لملمة اغراضه و توضيب اوضاعه و الرحيل عن هذا البلد و الأقرار بالهزيمة المنكرة و ان كانت أشد مرارة من العلقم .

حيدر الصراف

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here