العراق.. سليماني يحذر والسيستاني يبتعد واقوى دخول امريكي لتشكيل الحكومة

يفصل العاصمة العراقية بغداد، أقل من 72 ساعة، لتكون إما أمام انفراجة سياسية مرتقبة ينتج عنها تشكّل الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان، والتي يمنحها الدستور حق إعلان الحكومة الجديدة، أو انتكاسة تزيد من تعقيد المشهد السياسي في البلاد، وسط مخاوف من تأثّر الأمن الهش في وسط وشمال وغرب العراق بأي تصعيد سياسي بين أطراف العملية السياسية.
وشهد أمس الإثنين تحركات واسعة قام بها كل من الوسيط الأميركي، بريت ماكغورك، الذي يوجد في العراق منذ منتصف الشهر الجاري، وقائد فيلق القدس، الجنرال الإيراني قاسم سليماني، ومعاونوه الثلاثة، إيرج مسجدي وكريم رضائي ومحمود أكبر زاده، بغية حسم التحالفات لصالح أحد المعسكرين الشيعيين، فيما دعا رئيس الجمهورية العراقية، فؤاد معصوم، أمس الإثنين، البرلمان العراقي الجديد، إلى عقد جلسته في الثالث من سبتمبر/أيلول المقبل، بينما أكد مسؤولون رفض الرئيس للضغوط ومحاولات تأخير الجلسة، على أن يترأسها أكبر الأعضاء سناً.
وبينما تدعم طهران كلا من نوري المالكي (ائتلاف دولة القانون) وزعيم منظمة بدر هادي العامري (يتزعم أيضاً ائتلاف الفتح)، تساند واشنطن، بشكل غير مصرّح به، المعسكر الشيعي الثاني وأبرز رموزه، حيدر العبادي وعمار الحكيم ومقتدى الصدر وإياد علاوي.
وحتى الآن، تمكّن المعسكر الأول من جمع أقل من 100 مقعد، ويضم ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي (26 مقعداً)، والفتح بزعامة هادي العامري (48 مقعداً)، وإرادة بزعامة حنان الفتلاوي (3 مقاعد)، وكفاءات بزعامة هيثم الجبوري (مقعدين)، إضافة إلى كتل صغيرة حققت مقعداً أو مقعدين في جنوب العراق، فضلاً عن آخرين قال قياديون في هذا المعسكر إنهم “خلعوا بيعتهم للعبادي والحكيم وتعهدوا بأن يكونوا معنا”.
في المقابل، نجح الفريق الثاني في جمع نحو 130 مقعداً، ويضم سائرون بزعامة مقتدى الصدر (54 مقعداً)، والوطنية بزعامة إياد علاوي (21 مقعداً)، والحكمة بزعامة عمار الحكيم (19 مقعداً)، والنصر بزعامة حيدر العبادي (42 مقعداً)، إلى جانب قوائم أقليات تركمانية ومسيحية، قال مسؤولون في هذا الفريق، “إنهم أخذوا وعوداً شفوية، الأحد الماضي، منهم باللحاق بالتحالف، كونه أكثر عراقية من الأول”.
وتحولت الكتل السنية، وأبرزها “المحور الوطني” (53 مقعداً)، والكوردية، وأبرزها الحزب الديمقراطي والاتحاد الكوردستاني (43 مقعداً)، إلى بيضة القبان، إذ أن قبول هذه الكتل في التحالف مع أحد المعسكرين الشيعيين سيحسم المنافسة لصالح طرف على الآخر، وهو ما تعمل عليه الولايات المتحدة، عبر مبعوثها الذي خصص أكثر من طائرة بين بغداد وأربيل لحركة قيادات وزعامات سنية وكوردية عراقية.
بينما بدا الموقف الإيراني أضعف في ما يتعلق بإقناع السنة والكورد في الساعات الماضية.
وتحاول إيران اللعب على وتر الحفاظ على “البيت الشيعي” والتحذير من خطورة الانقسام الحالي بين القوى السياسية الشيعية على استقرار العراق.
ونقلت صحيفة العربي الجديد القطرية عن قيادي في تحالف النصر، أن قاسم سليماني اعتبر استبعاد تحالف الفتح (الجناح السياسي للحشد الشعبي) من أي دور في الحكومة الجديدة سيؤدي إلى مشاكل جمة في العراق مستقبلاً.
وبدأت الشؤون القانونية والإدارية في البرلمان تحضيرات تهيئة قبة البرلمان، وتوزيع أسماء النواب الجدد، وخاطبت العضو الأكبر سناً من أجل ترؤس الجلسة الأولى، وهو النائب عن التحالف المدني محمد علي زيني (مواليد 1939)، وذلك تماشياً مع ما نص عليه الدستور. وسيتم خلال الجلسة التصويت على مرشح الكتل السنية لرئاسة البرلمان.
وأوضح المسؤول العراقي نفسه أنّ المرجع الديني البارز، علي السيستاني، يرفض، حتى الآن، التدخل في دعم أي من المعسكرين الشيعيين، لكنّ مقربين منه ألمحوا إلى أنه مع موقف زعيم التيار الصدري وشروطه الأربعين، وهو ما فسر على أنه رفض أو تحفظ على مشروع الأغلبية السياسية الذي يقوده معسكر المالكي ـ العامري.
كما أشار إلى أن الضغوط الأميركية نجحت في إقناع كتل سنية عديدة، بما فيها الحزب الإسلامي العراقي (الجناح السياسي لحركة الإخوان المسلمين في العراق)، بالعدول عن فكرة التحالف مع نوري المالكي والعامري مقابل المغريات التي قدمت من الأخيرين لهم، إضافة إلى أن الأميركيين ضغطوا على الحزب الديمقراطي الكوردستاني وحزب الاتحاد الوطني الكوردستاني في الإطار نفسه”.
ولفت المسؤول العراقي إلى أن الجانب الإيراني يتحرك بشكل واسع حالياً لسحب أعضاء منفردين أو قوائم داخل تحالف النصر والحكمة، بعد أن باءت جهود دمج البيت الشيعي بالفشل تماماً.
وأوضح أن “هذه أول حكومة تشهد اهتماماً أميركياً بتشكيلها بهذه الصورة، والحديث عن أربع سنوات مهمة في المنطقة قد يفسر الإصرار الأميركي على ولادة حكومة عراقية بأقل قدر ممكن من الولاء لإيران”، على حد قوله.
وبحسب الدستور العراقي، فإن البرلمان الجديد سينتخب رئيسا جديدا للجمهورية بأغلبية ثلثي النواب خلال 30 يوماً من انعقاد الجلسة الأولى، وذلك بعد انتخاب رئيس للبرلمان في الجلسة الأولى، ثم يكلف الرئيس الجديد مرشح “الكتلة الكبرى” في البرلمان بتشكيل الحكومة، ويكون أمام رئيس الوزراء المكلف 30 يوماً لتشكيل الحكومة وعرضها على البرلمان للموافقة عليها.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here