عندما يبحث المحراب عن الشهادة!

قيس النجم

التحولات السياسية الخطيرة التي طرأت على الساحة العراقية، بعد إعدام السيد محمد باقر الصدر(رض)،أنبأت عن تحديات أخطر وأكبر، بسبب خلو الساحة من فرسانها، خاصة وأن الحرب والحصار، أذهب بالعراق نحو الأسفل، وبات الخوف يعصف بالكثيرين، وسط عواصف ودموع المهجرين، والمقابر الجماعية والمفقودين، فشدَّ شهيد المحراب وثاقه، وشخص مواقف المرحلة، وما تتطلبه فأعلن عن ثورته، وتصدر المواجهة عقائدياً، وجهادياً، وفكرياً، فزلزل مضاجع السلطة الظالمة وقضَّ أركانه، رابطاً نهجه الثوري بالنهضة الحسينية، فهي أفضل وأقدس ما نحتاجه.

الإبداع في المقاومة والجهاد، وبظل أوضاع الفوضى، والخوف، والجوع أمر يتطلب الحذر والفطنة، ففي العراق قضايا كبيرة بدأت تلسع أهلها الأبرياء بقوة، وهي تتوهج تحت الأرض، لتعلن يوم سقوط الصنم ونهاية الدكتاتورية، حيث كان نهارنا إرهاب ومساؤنا قمع، فقدم من أقصى المدينة رجل يسعى، وكان متأكداً أن ربه سيعطيه فيرضى، فكانت صلاة الجمعة في نهار الأول من رجب، صلاة الأمانات النبيلة وزادتنا إقتراباً من صيام ذلك اليوم اللاهب، وأعلنت أن المحراب قد إحتضن عمامة مقدسة.

إنتهاكات كثيرة حصلت بحق العلماء الأجلاء من طغاة السلطة، لطمس معالم هوية المرجعية الدينية، وفصل الدين عن السياسة، وعزل الشعب العراقي عن القرار السياسي، وعدم المطالبة بحرياته وحقوقه، وبادروا في زراعة ثقافة الإرهاب والدم، ومحاربة الوجود الإسلامي، ليحوله لمجرد تراث يحظى بالتقدير والتقديس فقط، لكن شهيد المحراب (رض) تحمل هذه المسؤولية للتعريف، والذود عن الأمة والإسلام، وسط زحمة الصراع السياسي والثقافي، وبين أوضاع خطيرة حملت ألاماً ومعاناة، ومحن داخلية وخارجية، فإنتفض مدافعاً ليعلن:هيهات منا الذلة.

لم يبحث الحكيم عن مكان يأويه، بل كان محراب علي هو مَنْ يبحث عنه، ليجعله عامراً بالطهر والقداسة، فأمسك بمفاتيح الحرية الحمراء، لكي يعلمنا أن الإنسان يمكنه تغيير حياته، إذا ما إنتصر على ملذاته، وجعل محور قضيته الكبرى إصلاح النفس والمجتمع، فواحة الحرية مملوءة بطاقات كبيرة، ولعل الكوكبة الدرية من أنصار الإمام الحسين (عليه السلام)، هم خير دليل للسير على نهجهم، فما أحوجنا اليوم لوجودك بيننا يا أبا صادق، لتلهم أنصارك أن كربلاء تمنح الحياة.

ختاماً: (من معالم منهج أهل البيت في الوحدة، هو تبني قضايا الأمة الكبرى، بدلاً من القضايا الجزئية والفئوية)، كما قال السيد الحكيم: (القضية الكبرى التي واجهها الإمام الحسين عليه السلام، هي قضية تعرض العقيدة الإسلامية الى الخطر)، نعم إنها الوحدة التي دعا إليها سماحة الشهيد السعيد، السيد محمد باقر الحكيم، فهي أساس الحفاظ على الدين، والركيزة لبناء الدولة، والوطن، والإنسان، فوحدتنا بداية إنطلاقتنا، وخط الشروع نحو الدولة العصرية العادلة، فالتفرقة لن تبني مجتمعاً ولن تحصنه.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here