الدنيا … صور

من البرامج الاذاعية الساخرة في خمسينات القرن الماضي والتي تركت شيئا من الذاكرة لدينا كان البرنامج الصباحي الساخر ” الدنيا صور ” يعرض كل يوم لقطة ظريفة ساخرة عن مجتمعنا الطيب خاصة البغدادي منه المعروف عنه روح المحبة والتسامح والاريحية , وما يميز البرنامج هذا مقدمته التي مازلت احفظ بعضا منها تقول:
” يا ناس هذي الحياة بيها دروس وعبر … بيها العفيف الشريف وبيها الفطير الشجر
أهل الفكر من كَبل كَالوا الدنيا صور ”
اليوم في صحيفة الشرق الاوسط اللندنية مقالة للسيد سمير عطا الله احببت نقل شيئا منها وهي تحت عنوان: ” الزعيم والإنسان: في خدمة الرئيس والناس ”
قبل ظهور فيدل كاسترو وغيفارا، كان الجنرال خوان بيرون (8 أكتوبر 1895 – 1974) أشهر شخصية سياسية في أميركا اللاتينية. ولا يزال الذين يخلفونه في رئاسة الأرجنتين إلى اليوم، من الحزب البيروني. غير أن زوجته الأولى، إيفيتا دوارتي بيرون، تحولت إلى أسطورة في التاريخ الأرجنتيني، وربما في التاريخ السياسي للمرأة. أما زوجته الثانية، إيزابيل، فأصبحت رئيسة منتخبة للبلاد بعد وفاته عام 1974، وبالتالي، كانت أول «رئيسة» في العالم.
زوجته الاولى إيفيتا كانت لقيطة عثرت على عمل فني في التمثيل الإذاعي، أما الثانية إيزابيل فكانت راقصة في ملهى، تعرف عليها عندما كان منفيا في بنما نهاية الخمسينات إذ رأى فيها تعويضه عن إيفيتا التي توفيت منذ 1952. وكلتاهما كانتا على جمال فائق.
خاض بيرون معاركه الرئاسية كبطل لحقوق العمال ورفع مستواهم. لكن إيفيتا تبنت الفقراء في كل الحقول. وأقامت «دولة» خاصة بها للعناية بالمرضى والمحتاجين والأيتام. وعندما توفيت بالمرض عام 1952 عن 36 عاماً، خرجت البلاد في جنازتها. وخشيت السلطات من «تقديسها»، فلجأت إلى تهريب جثمانها خارج البلاد، غير أن المظاهرات ظلت تشعل العاصمة حتى أعيد، وأقيم لها نصب وسط المدينة، التي كانت يومها ثالث أكبر مدينة في الأميركيتين بعد نيويورك وشيكاغو.
أما إيزابيل بيرون فهي أيضاً لأسرة فقيرة وُلدت عام (1931), وفي أوائل الخمسينات بدأت العمل راقصة. تعرف عليها بيرون في المنفى إلى مدريد عام 1960 ومن ثم رافقته إلى الارجنتين، دون زواج، لكن الكنيسة الكاثوليكية أرغمته على عقد شرعي, ومن ثم لعبت دوراً سياسياً عام 1973، وخاضا سويا معركة الرئاسة وكانت إيزابيل على لائحته نائبة للرئيس، ففاز الاثنان بأكثرية 62 في المائة من الأصوات، لكن الرئيس كان يعاني من مرض في القلب أدى إلى وفاته بعد عام، ورغم أنها لم تكن تمتلك ذلك السحر الشعبي والخبرة السياسية الكافية الذي عرفته إيفيتا، فقد التمت البلاد حولها, ونسي الناس أنها عملت راقصة ليتذكروا العمل الحزبي والسياسي الذي قامت به إلى جانب زوجها, لكنها بالتالي فشلت في ادارة الدولة بل اصبحت مدانة امام شعبها لتقضي بقيت حياتها في المنفى.
احمد رامي

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here