الحوت، هذا الكائن العجيب ! ح 10

د. رضا العطار

ان ما يحرك اكبر مخاوف صيادي الحيتان هو الجليد. حيث عانت السفن الكبيرة من الظروف الصعبة في حقول الجليد العظيمة في القطب الشمالي لكوكب الارض. ومما زاد من مصاعب الصيد والتغلب على مشاكل المنطقة القطبية ظهور الضباب الاسود والعواصف الثلجية والسراب الجليدي الذي يوحي بافق كاذب، في الوقت الذي لا توجد هناك منارة واحدة.

ففي عام 1830 ضاعت 18 سفينة بريطانية لصيد الحيتان، وقد استطاع بعض الملاحين النجاة من خلال الوصول الى محطات التموين. حيث قد يكون الطعام الوحيد هو اللحم المتعفن الذي تجمد وذاب وتجمد ثانية عبر السنوات. وقد سادت ظروف لا يمكن تحملها عندما يظهر داء الاسقربوط.

وتبدأ اسنان الملاحين بالارتخاء وتضعف مقاومتهم ولا يتمكنون فيها مغادرة قمراتهم وبعضهم مات بسبب هذا المرض والاخرين تجمدوا داخل قمراتهم، مطمورين تحت كتل الجليد الصلد.

وقد كتب احد القباطنة في الدائرة القطبية الشمالية يقول : لقد كان الموت يلامس كوع صيادي الحيتان باستمرار.

لقد ارتكزت حياة معظم سكان المناطق الساحلية الامريكية، لصيد الحيتان بتعليم الاطفال منذ السنين الاولى من اعمارهم على القراءة والكتابة بقدر جيد في المدرسة، حتى يصبحوا في الثانية عشرة من عمرهم، فيصيرون في العادة متدربين في مهنة صناعة البراميل. وفي الرابعة عشرة يتم ارسالهم الى البحر. حيث يقوم مرافقوهم بتعليمهم فن الملاحة. فيتعلمون كيفية ادارة السفينة في جميع الحالات المختلفة التي يتطلبها ظروف البحر. ثم يمرون بالتدريج في جميع المراحل كمجدفين وموجهي الدفة، ومسؤلين عن اطلاق الحربون باتجاه الحوت. وحينها يتعلمون الهجوم والمطاردة للتغلب على طريدتهم الضخمة وتقطيعها واعدادها. وبعد ان يكونوا قد ادوا بضع رحلات مشابهة يكونون مناسبين لمكتب المطاردة.

كانت سفن صيد الحيتان الامريكية بطول 30 مترا ، اما مجموعة القوارب فكانت بطول 8 امتار. تنزل الى الماء عند المطاردة. يحمل كل قارب خمسة مجدفين ومسؤل عن سلاح الحربون. بينما تحمل السفينة مابين 28 ـ 35 رجلا،

وفي نفس القرن من الزمن كان القبطان يكسب حوالي عشر الارباح الصافية، في حين ان افضل ما يأمله الملاحون العاديين هو 1 الى 150 من الارباح . بينما المستجدون في العمل لا يكون من نصيبهم اكثر من واحد الى 350 من صافي الربح، بيد ان متوسط العائد للرحلة الواحدة للملاح الماهر لليوم الواحد كان حوالي 36 سنتا،. في اليوم وهذا شكل مقارنة غير سارة بالاجور التي كانت تدفع للعمال غير المهرة.

لكن مالكي الاراضي لم يجروا مرة لزيارة جزر المحيط الهادي لئلا يتعرض احدهم لخطر اختطافه من قبل آكلي لحوم البشر ولم يخطر ببالهم ايضا ان يرفقوا الصيادين في مطاردة الحيتان لئلا تنعكس الظروف ويستقروا اما في بطن الحوت او في اعماق البحر.

الحلقة التالية في الاسبوع القادم !

* مقتبس من كتاب الحوت التاريخ الطبيعي والثقافي لمؤلفه د. جو رومان، ترجمة ايزميرندا حميدان، ط 1 ، 2913 هيئة ابو ظبي للسياحة والثقافة و(الكلمة).

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here