المشكلة بالمدنية والعلمانية ام المشكلة في دعاتها

اي نظرة موضوعية عقلانية لما يسمى بالمدنية والعلمانية في العراق يتضح لنا بشكل واضح ان المدنية والعلمانية في العراق شبه مقبولة اي نسبة القبول عالية جدا من قبل العراقيين بشكل عام والدليل بعد تحرير العراق من عبودية الحزب الواحد والعائلة الواحدة والفرد الواحد والرأي الواحد والحاكم الواحد والذي كان كثير ما يتبجح ان حكمه حكم مدني علماني رغم طائفيته وعنصريته المعلنة ودكتاتوريته واستبداده اختار العراقيون النظام الديمقراطي التعددي اي حكم الشعب اي النظام المدني والعمل على بناء عراق مدني ديمقراطي تعددي
نعم اختار العراقيون النظام الديمقراطي التعددي حكم الشعب حكم الدستور والقانون والمؤسسات الدستورية والقانونية وهذا هو السبب الاول وراء الهجمة الظلامية الوحشية من قبل اعداء العراق والعراقيين والتي تستهدف منعهم من السير في اختيارهم الديمقراطي وبناء عراق مدني تعددي حر مستقل وكان هذا الاختيار مؤيدا و مقبولا بقوة من قبل القوى الاسلامية العراقية التي تشكل القوى الغالبة والمهيمنة في العراق وذات التأثير الكبير في مسيرة الوضع وذات التأييد الشعبي الواسع فكان لها الفضل الكبير في صياغة دستور عراقي من ارقى الدساتير في المنطقة حتى كان يضاهي دساتير الدول الراقية والمتقدمة في العالم وشكلت مؤسسات دستورية برلمان عراقي يضم كل العراقيين بكل الوانهم واطيافهم واعراقهم فكل محافظة تختار من يمثلها بحرية وهؤلاء يشكلون البرلمان الذي يختار الحكومة ويراقبها ويقيلها اذا عجزت ويحاسبها اذا قصرت
وكل محافظة تختار مجلس محافظة يدير شؤونها المالية والادارية مختار من قبل ابناء المحافظة
وكل حي من احياء المحافظة يختار مجلس بلدي من ابناء الحي لادارة شؤونها الادارية وهذا لم يحدث في تاريخ العراق ولا في المنطقة الا في الدور الراقية التي ترسخت فيها جذور الديمقراطية في العالم
المؤسف اننا لم نكن بمستوى هذه الحالة الجديدة لهذا لم نحقق الهدف المطلوب بل المؤسف بدلا من نرتفع الى الاعلى ونندفع الى الامام خطوات بل عدنا الى الوراء وانخفضنا الى الاسفل درجات لاننا غير مهيئين لهذه الحالة الراقية الحضارية الانسانية لغلبة الاعراف العشائرية والأفكار البالية و القيم المتخلفة وأنشغال الطبقة السياسية في مصالحها الخاصة ومنافعها الذاتية
كان المفروض بالقوى التي تدعي المدنية والعلمانية ان توحد نفسها وتجمع شملها وتوحد جهودها وفق خطة واحدة وبرنامج واحد والتقرب من القوى الاخرى التي تلتزم بالديمقراطية وخاصة الاسلامية والتوجه معا لدعم وترسيخ الديمقراطية في العراق من خلال النزول الى الشعب الجماهير الشعبية الواسعة والعمل على رفع مستواها الفكري وخلق قيم واخلاق ديمقراطية ورفض القيم والاعراف البدوية العشائرية ودعوة العراقيين الى الانطلاق من منطلق انساني عراقي رافضا للعشائرية والطائفية والعنصرية
وتشكيل تيار واحد جبهة واحدة تضم كل العراقيين الذين يرون في الديمقراطية طريق الخلاص وتؤسس لها فروع ومجموعات في كل المحافظات العراقية وتضم كل العراقيين بكل اطيافهم والوانهم واعراقهم واديانهم والتقرب الى كل العراقيين متحدين كل مخططات دعاة الفاشية العنصرية والطائفية والعشائرية وفهم واقعهم ومعرفة ايجابياته وسلبياته والنقاط المضيئة والنقاط المظلمة والانطلاق من الايجابيات والنقاط المضيئة والعمل بقوة على التخلي عن النقاط السلبية والنقاط المظلمة من النفوس
لان نجاح الديمقراطية تطلب شعب واعيا مدركا أهمية صوته عندما يضعه في صندوق الاقتراع وهذا لا يمكن للمواطن ان يكون بهذا المستوى الا اذا تخلق بأخلاق وقيم الديمقراطية لا تنجح الديمقراطية بقيم واخلاق الاستبداد والعبودية وحكم الحزب الرأي الحاكم الواحد المؤسف اننا استخدمنا قيم واعراف الاستبداد والدكتاتورية والعبودية في عصر الديمقراطية والحرية فكانت نتائجها اكثر سوءا من عصر الدكتاتورية والعبودية وما حدث في العراق من فوضى وفساد وعنف الا دليل واضح وبرهان ساطع على ذلك
من هذا يمكننا القول اذا اردنا نجاح الديمقراطية في العراق وبناء عراق حر مدني وخلق انسان حر العقل ينطلق من قناعته الخاصة لا خوفا من احد ولا مجاملة لاحد يتطلب رفع مستوى الشعب الى مستوى الديمقراطية والتخلق باخلاقها وقيمها ونزع كل الافكار والمعتقدات التي تتعارض وقيم الديمقراطية
وهذه مهمة القوى التي تدعي الديمقراطية والمدنية والعلمانية بالدرجة الاولى المؤسف والمؤلم ان هذه القوى تخلت عن مهمتها تماما واخذت تناطح السماء برأسها فتحولت الى شظايا كل شظية تدعي انها الافضل وانها الاحسن وانها المخلصة والممثلة للعلمانية والمدنية وانها القائدة رغم انها غير معروفة ولا احد يشعر ويحس بوجودها واخذت كل شظيه تنشر غسيل الاخرى بل بعضها انضم في احضان ال سعود وانتمى الى شبكة ابواق ال سعود المأجورة والرخيصة مثل هيئة النفاق والمنافقين وايتام صدام وداعش الوهابية جوقة الشرق الاوسط ووليدها جوقة المدى وجوقة الخشلوك وجوقة الضاري والخالصي والصرخي والقحطاني واليماني وطبول صدام وابواقه هؤلاء اصبحوا جوقة واحدة تتحدث عن الحرية وحقوق الانسان وحرية الرأي وبناء المجتمع المدني العلماني حتى اصبحت علاقة هؤلاء بالرياض تذكرنا بعلاقة بعض هؤلاء بموسكو ايام زمان حتى ان بعضهم اخذ يمجد ال سعود ويصف نظامهم بالنظام الديمقراطي ويدعوا الى الاخذ به في العراق
ومن هذا يمكننا القول المشكلة ليست في العلمانية والمدنية في العراق المشكلة في دعاة العلمانية والمدنية
مهدي المولى

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here