تجدُّد الاحتجاجات في الوسط والجنواب غداة يوم دمويّ في البصرة

بغداد/ خضر الياس ناهض

شهدت محافظات في الوسط والجنوب، تظاهرات تندد بما يحدث للمحتجين في محافظة البصرة غداة ليلة دموية عاشتها المحافظة الجنوبية تسببت بمقتل وإصابة العشرات بنيران القوات الأمنية.
ويطالب المتظاهرون في البصرة بتوفير الماء الصالح للشرب، والخدمات الاساسية، لكن القوات الامنية طوال الايام الثلاثة الماضية قمعت المتظاهرين باستخدام الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع ما تسبب بقتل 6 مدنيين وجرح 67 آخرين بحسب إحصائيات شبه رسمية.
ورغم القمع، تشهد المحافظة الغنية بالنفط تظاهرات مستمرة في مناطق متفرقة. واحتشد بضعة آلاف من المتظاهرين عصر يوم أمس الاربعاء أمام مقر المحافظة وسط المدينة.
وقال متظاهران في تصريح لـ(المدى) إن”مسلحين ضمن القوات الامنية وأشخاصاً ملثمين هاجموا المتظاهرين خلال الاحتجاجات”. وقالا أيضا إن”الحكومتين المركزية والمحلية لا تهتمان بعدد القتلى والجرحى الذين سقطوا خلال التظاهرات التي تشهدها المحافظة”.
وأضاف المتظاهران إن”البصرة التي توفر أكثر من 90 % من موازنة العراق تعيش تحت خط الفقر، وحينما طالب أبناؤها بحقوقهم قمعت تظاهراتهم ومن حاول من المتظاهرين الصمود اختنق بالغاز المسيل للدموع أو أصابه رصاص القوات الامنية.
قبل يومين قُتل متظاهر في عقده الثالث برصاص مصدره ملثمون بين القوات الامنية يدعى”مكي ياسر الكعبي”وعلى إثره طالب ذوو القتيل بالثأر لابنهم. وأعلن رئيس الوزراء المنتهية ولايته حيدر العبادي فتح تحقيق بالحادث.
لكنّ السيناريو تكرر أمس، إذ فتحت القوات الامنية النار على المتظاهرين مجدداً، كما فرضت القوات الامنية حظراً ليلياً للتجوال في المدينة يستمر كل يوم حتى إشعار آخر، لكن حتى هذا الإجراء لم ينهِ الاحتجاجات في المحافظة.
وتناقل ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صوراً وهم يحرقون إطارات السيارات ويغلقون الشوارع بأكوام من الحديد الخردة.
ويقول المتظاهران، ان”المطالب التي نطالب بهاوهي الماء الصالح للشرب وتوفير الكهرباء،و لا تثنينا عنها إجراءات من شأنها قطع الطرق أو حظر التجوال. نحن نطالب بحقوقنا، وكل يوم نزداد إصراراً على المطالبة بتحقيقها”. وأضافا:”نزداد إصراراً مع كل قطرة دم تسيل ومع كل شهيد يغادر المدينة”.
وتزامنت هذه التظاهرات مع الصراع الدائر بين القوى الشيعية لإعلان الكتلة الاكبر للظفر بالحكومة الجديدة. وقال كل من التحالف الذي يجمع (الفتح ــ دولة القانون)، والتحالف الآخر الذي يجمع (سائرون والنصر وقوى أخرى) يوم أمس، إنهما مع مطالب المتظاهرين.
لكن المتظاهر البصري سعد محمد، يقول لـ(المدى):”نحن لا ننغرّ بمواقف السياسين، هما فريقان، كل واحد منهما يحاول حرق الارض على الآخر والبصرة هي الضحية”.
وأضاف”الذين في الحكومة يريدون سكوت أهل البصرة رغم تقصيرهم ولا يفضلون الاعتراف بفشلهم، والفريق الثاني يحاول إحراج الفريق الاول تارة بقطع الكهرباء عن المحافظة لحثها على التظاهر، وتارة بإطفاء محطات تنقية المياه”.
الآن، يقول محمد:”كل متظاهر تُمسك به القوات الامنية تعتقله حتى لو هرب ودخل منزلا أو محلا تجارياً. يحاولون التنكيل بمن يمسكونه ليكون عبرة”. واستدرك”يريدون ترهيب المواطنين لمنعهم من الاحتجاج”.
وفي سياق متصل، شهدت محافظات منها بغداد وميسان، تظاهرات تضامناً مع ما يواجهه المتظاهرون في البصرة.
وقال فريق (المدى) الذي حضر تظاهرة بغداد إن مئات المواطنين خرجوا في تظاهرة بساحة التحرير وسط بغداد تضامناً مع تظاهرات البصرة. وأضاف إن المتظاهرين رفعوا لافتات ورددوا هتافات منددة بما يتعرض له متظاهرو البصرة، كما انتقدوا ضعف الدور الحكومي في تلبية مطالب المتظاهرين.
وفي ميسان تظاهر عشرات المثقفين والناشطين وسط العمارة، للمطالبة بإيقاف استخدام العنف ضد متظاهري البصرة، واستنكروا سقوط عدد من الضحايا في التظاهرات المطالبة بتوفير الماء والخدمات الأساسية.
ورفع المتظاهرين لافتات كتب عليها (انقذوا البصرة) و(شباب ميسان يستنكرون الاعتداءات التي تطول المتظاهرين المدنيين العزّل من قبل القوات الامنية في محافظة البصرة).
إلى ذلك، طالبت نقابة المحامين العراقيين، أمس الاربعاء، الحكومة بإعلان البصرة محافظة”منكوبة”.
وقالت نقيبة المحامين العراقيين أحلام اللامي في بيان تابعته (المدى):”نراقب عن كثب ما يعانيه الشعب البصري الصابر الأبي هذه الأيام من مرارة وحرقة، في تظاهراته الاحتجاجية المشروعة للمطالبة بأبسط حقوقه المسلوبة”، مبينة”إننا ننطلق من واجبنا الوطني تجاه أبناء البلد العزيز، ونشعر بالمسؤولية التي تقع على عاتق حماة القانون ومحامي الشعب، ونعلن دعمنا ومساندتنا للمطالب المشروعة والتظاهرات السلمية في محافظة البصرة”.
وأضافت اللامي، إن”نقابة المحامين العراقيين ستكون لسان القانون المطالب بحقوق الشعب البصري، والمدافع عن أصوات المتظاهرين المقهورة”، مطالبةً الحكومة العراقية بـ”إعلان محافظة البصرة محافظة منكوبة، وإطلاق حالة النفير العام من أجل التدخل الفوري لإصلاح الوضع المتأزم، وتنفيذ مطالب الجماهير”.
ودعت اللامي، الجهات المعنية لـ”فتح تحقيق عاجل وكشف ومحاسبة أي فرد اعتدى على المواطنين العزّل أو تسبب بمقتل أو إيذاء للمتظاهرين الذين خرجوا يحملون لافتات السلام، لكنهم جوبهوا بالقمع والاعتداء”، لافتة الى أنه”من باب الواجب الوطني فإن النقابة تحتفظ وباسم الشعب بحقها في إقامة الشكاوى الجزائية والدعاوى على المتسببين، وعلى الحكومتين المحلية والمركزية في حال عدم الإسراع في تنفيذ وعودهم للمواطنين، كما إننا نلفت عناية المفوضية العليا لحقوق الإنسان للقيام بواجبها تجاه الانتهاكات التي تحصل بحق الأبرياء”.

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
,
Read our Privacy Policy by clicking here