البصرة تجب ما قبلها

رسل جمال

كل ما هو مطلوب من اجل أن ينتصر الشر, هو ان يقف الصالحون ويتفرجوا دون فعل اي شيء, ان المراقب والمتابع والمهتم بالشأن العراقي, يرى سلسلة سيناريوهات منذ اجراء الانتخابات الاخيرة وما سبقها وما تبعها, من تجاذبات سياسية داخلية, وتحركات خارجية, لبعض الوجوه والشخصيات السياسية, وجهود جبارة تدفع بخط الاحداث للتصعيد وليس التهدئة!

خصوصاً وان العراق اصبح اقوى منذ قبل واستطاع ان يخرج من عنق زجاجة الارهاب, وهذا بالطبع لا يصب بمصلحة من يريد بالعراق واهله سوء, لذلك عملوا على تسقيط العملية الانتخابية حتى قبل اجراءها, وذلك بترسيخ فكرة انها مزورة ولا جدوى منها, مما انعكس على نسبة المشاركة فيها فيما بعد, ومن هنا يبدأ سيناريو الثاني وهو التشكيك بنتيجة الانتخابات والدعوة لعملية العد والفرز, وما رافقه من حرق للصناديق والضجة الاعلامية, انتهى هذا المشهد بالمصادقة على نتيجة الانتخابات بشكل نهائي .

تزامت الشرارة الاولى لتظاهرات البصرة, في تموز مع ارتفاع درجات الحرارة, واخذت تلك المظاهرات بالتصاعد بشكل تدريجي, مع ارتفاع منسوب الملوحة في شط العرب,في هذا الاثناء استمرت المباحثات للقوى السياسية لتشكيل الحكومة, رغم العصي الموضوعة في عجلة سير التشاورات!

كما جرت العادة الديمقراطية ان تقوم القوائم الاكثر حصداً للاصوات باخذ زمام المبادرة لتشكيل الحكومة, فاجتهد زعماء القوائم الفائزة للخروج بنواة اولية لملامح الحكومة القادمة, الا ان التبلور السياسي والجديد وما افرزه الصندق الانتخابي لم يعجب القوى السياسية الاخرى, التي راحت تكشر عن انيابها بعد ان نزع عنها حكم الري.

راحت تساوم بعض النواب الفائزين من جهة, وتشتري مقاعدهم بمئات الدولارات, وتعمل على تشويش الراي العام باطلاق تصريحات غير صحيحة من جهة اخرى, لتدعي هي صاحبة الكتلة الاكبر, نتيجة هذا الشلل الحاصل تصاعد غضب الجماهير, فانطلقت التظاهرات لتنتقل من ساحة التحرير الى التنومة, التي تعاني من اهمال متراكم.

اما المرجعية فلم يغيب دورها منذ البداية, فعززت من موقف المتظاهرين والقوات الامنية على حد سواء, بتحديد اهم المرتكزات التي الزمت بها الطرفين للخروج بحل ناجع للازمة, رغم ما تعرضت من هجوب دعائي من قبل مرتزقة الكيبورد, لم تتهاون ولم تتاخر عن تقديم النصح والمساعدة كعادتها.

هناك من يزيد نار الشارع البصري حطباً, بالقاء اللوم على المرجعية في محاولة بائسة للنيل منها, في حين مشكلة الحكومة مشكلة قديمة لم يتم معالجتها بشكل جدي, فتفاقمت الى درجة الا يمكن السكوت عنها, فاصبح المواطن البسيط لا يجد امامه الا الدوائر الحكومية لينفس عن غضبه بحرقها, مما فتح المجال امام المندسين للتصيد بماء البصرة المالح.

لذلك اعتادت بعض الجهات على المتاجرة بالازمات ورفع شعار (لو العب لو اخرب الملعب) فدأبت على استغلال الازمة لتصفية حساباتها مع خصومها, والبحث عن اكباش فداء, لتحميلها مسؤولية ما يجري في البصرة, مع العلم كما اسلفنا ان المشكلة ليست وليدة الامس, بل هي نتيجة لفساد سياسي لحكومات سابقة امتلكت ميزانيات انفجارية ولم تزيد طين البصرة. الا بلة.

الذي زاد الازمة سوء وحدة, هو دخول الجارة ايران على خط الملوحة, لقطعها الروافد التي تغذي شط العرب, وتوجيه مياه البزل لاراضيها الزراعية, ومياه المصانع الثقيلة, هي من اوصل الملوحة في منطقة تعاني منها اصلا الى درجة لا تطاق.

البصرة اليوم بازمتها تجب ما قبلها من ازمات ومشاكل ومعاناة ارتبطت بالشعب العراقي ككل, فالبصرة وبغداد والموصل لم تعد ترضى بحلول ترقيعية من الحكومة, بل علينا النظر في تشكيل حكومة نوعية تتعامل مع هكذا ازمات بنظرية الوقاية خير من العلاج وليس الكي .

تنويه: جميع المقالات المنشورة تمثل رأي كتابها فقط
Read our Privacy Policy by clicking here